- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
ما وراء العنصرية ضد اللاجئين السوريين
الخبر:
غطت وسائل الإعلام العربية والتركية في الأسابيع الماضية وحتى الساعة بشكل متواصل، ما اعتبر تزايدا في حدة العنصرية ضد اللاجئين السوريين في تركيا، سواء بالتصريحات الشخصية أو السياسية، أو الإجراءات التعسفية الرسمية، أو الاعتداءات في الشوارع على الأنفس والممتلكات من قبل أتراك متطرفين أو شبان غاضبين جاهلين مُجهّلين، وذلك بالتزامن مع التصريحات السياسية من الحكومة التركية، حول تقارب وشيك مع نظام بشار الأسد.
التعليق:
يذهب كثير من المراقبين إلى الحديث عن العوامل التي أدت إلى تصاعد موجة العنصرية ضد السوريين في تركيا فيرجعونها إلى نقاط متعددة:
- جانب اقتصادي داخلي، ويتلخص في إحساس الشعب التركي عموما بأن اللاجئ السوري ينافسه في الأعمال التجارية والمهنية ويأخذ حصته من الوظائف والفرص المتاحة لكسب العيش، خاصة بعد الحالة المتردية للاقتصاد التركي في ظل عجز حكومة أردوغان عن حل المشكلة، ما يوجد رأيا عاما بضرورة خروج السوريين من تركيا بذريعة إفساح المجال لفرص عمل أمام الأتراك قد تساهم في تخفيف وطأة الضغط المعيشي، وبالرغم من عشرات التقارير والتصريحات التي تفند هذه الفكرة الجائرة، وتؤكد أن السوريين ساهموا في نمو الاقتصاد التركي وليس الإضرار به إلا أن صوت الأرقام يضيع في ضجيج التحريض العاطفي الصاخب.
- وجانب عنصري له بعد تاريخي وآخر فكري معاصر، فهناك شريحة من الشعب التركي تتم تغذيتها من العلمانيين واليهود وغير المسلمين من المؤثرين في الساحة السياسية والفكرية، بأن العرب عموما خانوا الدولة التركية في حربها مع الإنجليز والأوروبيين وساهموا في تدمير ما يسمونه بالإمبراطورية التركية، هذا من جانب الماضي، ومن جانب آخر تتم تغذيتهم بمفاهيم فوقية ثقافية تصور التركي المعاصر بأنه جزء من أوروبا العلمانية الليبرالية المتقدمة، وأن الالتصاق بالعرب وثقافتهم الإسلامية هي خطوة إلى الوراء في مسار الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي سياسيا أو حتى الالتصاق به ثقافيا.
- وجانب سياسي انتخابي، حيث يتنافس كل من الحكومة والمعارضة على استقطاب شريحة كبيرة من الشارع التركي متأثرة بأفكار العنصرية التركية، فالمعارضة توهم الناخب التركي أن سياسة الحكومة الفاشلة مع اللاجئين أدت إلى تدهور الاقتصاد وضياع فرص عمل أمام الشباب التركي لصالح اللاجئين، وبالتالي تصب الزيت على نار التحريض ضد اللاجئين لتغذية فرص نجاحها أمام الحكومة، بينما ساهمت إجراءات الحكومة في ترحيل اللاجئين القسري والتعسفي تحت شعار العودة الطوعية، وتصريحات أردوغان بقرب إعادة مليون لاجئ (طوعا) إلى بلاده والتساهل في معاقبة المعتدين على السوريين، كل ذلك ساهم في إعطاء ضوء أخضر أمام المستفيدين من هذه الحملة.
- ويري بعض المراقبين كذلك أن هناك خطة محكمة لضرب الاقتصاد التركي من قبل أعدائها في الخارج وأعداء الحكومة الحالية في الداخل وذلك بتحريك أدواتهم الإعلامية والحزبية لإثارة وضع متوتر يضر بالسياحة والاستقرار في تركيا فيساهم في إسقاط حكومة أردوغان لمصلحة المعارضة ويحد من تقدم تركيا المادي المتصاعد الذي يقلق الغرب المتربص بالمسلمين.
إن مركز التنبه أثناء النظر إلى ما يجري بحق اللاجئين السوريين في تركيا لا بد أن يتوجه إلى خطورة ما يشكله الوجود السوري طويل الأمد ومعه التوافد العربي للإقامة في تركيا على مشروع التغريب القديم المتجدد للشعب التركي لإبقائه بعيدا عن اللغة العربية والثقافة الإسلامية، فاحتكاك الأتراك اليومي مع شعب متدين بعمومه، ويحمل في سلوكه ولباسه خاصة لباس نسائه (الجلباب والخمار) مفاهيم الإسلام والفقه والشريعة وتحكيمها، والوحدة على الأخوة الإسلامية والولاء للإسلام وحضارته، كل ذلك ينذر بهدم الجدار الذي بني بين الشعب التركي والحضارة الإسلامية أو هدم ما تبقى منه، فهذه الحملة بالدرجة الأولى مخطط لها من أعداء الإسلام في الداخل والخارج للتخلص من بذرة الأخوة والوحدة والحضارة الإسلامية التي يحتضنها الشعب التركي باحتضانه للشعب السوري والمقيمين المسلمين من العرب وغيرهم، وإنه لمن السذاجة أن نظن أن العدو لن يصنع ويرعى في الطرف الآخر عنصريين يذكون نار العنصرية بالاتجاه المعاكس ويحرضون ضد التركي لتكتمل خيوط المؤامرة.
إن كل ما يتكلم عنه المراقبون من أسباب اقتصادية وتاريخية وسياسية انتخابية وتقارب مع نظام أسد كل ذلك لا يتعدى كونه عاملا من عوامل التحريض يستعملها العدو الداخلي والخارجي أداة في تنفيذ مشروعه وليست سببا حقيقيا لما يجري.
وعليه وجب على حملة الدعوة والواعين من الأمة الإسلامية التصعيد في خطاب الشارع التركي بالإسلام ومفاهيمه واستباق كسبه في صف حضارته وعقيدته، وعندها فقط ستسقط ورقة اللاجئين من يد أعداء الإسلام وكل ورقة أخرى يستخدمونها ضد هذا الشعب المسلم...
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
الشيخ عدنان مزيان
عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير