الأحد، 22 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/24م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
الميزان ميزان الفكر والنفس والسلوك - الحلقة الرابعة والعشرون

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الميزان

ميزان الفكر والنفس والسلوك

الحلقة الرابعة والعشرون

 

 

1-  عقيدة التوكل: بهذه العقيدة وهذا الميزان صنع المسلمون في زمن قياسي ما عجزت عنه باقي الأمم في قرون طويلة.

 

ذلك أن الإنسان يحس بفطرته في غريزة التدين بالضعف والنقص والمحدودية والاحتياج والعجز، فهو بحاجة دوماً للقوة والعون، وبحاجة لمن يسد له ضعفه ونقصه ومحدوديته واحتياجه وعجزه، وذلك أن حاجته للطعام مثلاً ليست للطعام فحسب،  بل إن احتياجه أيضاً هو للخالق سبحانه وتعالى، الذي خلق الطعام، ووضع فيه خاصية الإشباع، واحتياجه كذلك للخالق الذي خلقه محتاجاً لهذا الطعام، ومحتاجاً لمن يمكنه من هذا الطعام وما يمكنه منه، وهكذا مع كل ما يحتاجه الإنسان في حياته الدنيا، ومع ما يريد تحقيقه في هذه الحياة الدنيا، فيستعين بالله سبحانه وتعالى لسد حاجاته، ويستعين به لتحقيق أهدافه وغاياته، ويوقن أنه ليس بالأسباب وحدها يسد حاجاته ويحقق ما يريد, وأن قوته مهما بلغت فإنها لا تكفي لتحقيق ما يريد، بل بإرادة الله سبحانه وتعالى وحسن توفيقه وبعونه، انظر معي إلى قول الله العلي العظيم: (ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين).

 

يقول الله سبحانه وتعالى: (وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين) فلا تنفع أسباب إن لم يشأ الله سبحانه للأمر أن يقع، ولا تنفع إرادة العبد في تحقيق شيء إن لم يأذن الله سبحانه وتعالى بوقوعه. وقد أخبرنا سبحانه أنه بطاعته وتقواه تنفعل الأسباب للعبد وتصبح طوع بنانه، وبكفره أو معصيته تستعصي عليه الأسباب.

 

فهؤلاء صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم اغترَّ بعضهم بكثرتهم، فلم يسبق لهم أن قاتلوا بمثل هذا الجيش، حتى قال قائلهم: (لن نغلب اليوم من قلة)، ولكن تلك الكثرة لم تغن عنهم شيئاً، واستعصت عليهم الأسباب، ولم تنفعل معهم كما كانت في الغزوات السابقة، فالواجب على المسلم أن يبقى مدركاً لصلته بالله تعالى قبل العمل وحين العمل وبعد العمل،  ويسأل نفسه دوماً: لماذا تعسَّر معي الأمر الفلاني؟ ولِمَ لم يتيسر الأمر الفلاني؟ ولعل هذا السؤال يرشد العبد لأن يستدرك ما حصل من نقص أو خلل في نفسه وإيمانه وتوكله، فلا يتكرر الأمر.

 

وأولئك هم الصحابة رضوان الله عليهم في أحد، وبعد ما تحقق لهم النصر، تحوّل النصر إلى هزيمة بمعصية بدرت من بعضهم ممن كانوا على الجبل يحمون ظهر المسلمين، وخالفوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول الله سبحانه وتعالى: (ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه، حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون، منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة، ثم صرفكم عنهم ليبتليكم، ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين. ..) آل عمران/152

 

وبامتثال أوامر الله سبحانه وتعالى واجتناب معاصيه، وحسن التوكل عليه تنفعل الأسباب للعبد، وتصبح مطواعة له، وقد ضرب الله سبحانه وتعالى أروع الأمثلة من الأنبياء والصالحين، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار حين الهجرة، يصف ربنا سبحانه ذلك الموقف بقوله عز وجل: (إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار! إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا. ..) الأنفال.

 

وها هو وحده صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية يمتثل أمر الله تعالى، ومخالفاً رأي كثير من الصحابة، فيصبح ذلك الصلح فتحاً مبيناً كما وصفه الله سبحانه.

 

وها هو صلى الله عليه وسلم في تبوك، مع جيش العسرة يقول: (نصرت بالرعب من مسيرة شهر).

 

 

كتبها للإذاعة وأعدها: خليفة محمد- الأردن

 

 

آخر تعديل علىالأحد, 05 أيار/مايو 2019

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع