- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
بسم الله الرحمن الرحيم
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام
(ح137) الحَلْقَةُ السَّابِعَةُ والثَّلَاثونَ بَعدَ المِائَةِ
الخَلِيفَةُ هُوَ الَّذِي يَنُوبُ عَنِ الأُمَّةِ فِي السُّلطَانِ وَفِي تَنفِيذِ الشَّرعِ
الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ, وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ, وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ, وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ, والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ, خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ, وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ, الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ, وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ, وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ.
أيها المؤمنون:
السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا "بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام" وَمَعَ الحَلْقَةِ السَّابِعَةِ والثَّلَاثِينَ بَعدَ المِائَةِ, وَعُنوَانُهَا: "الخَلِيفَةُ هُوَ الَّذِي يَنُوبُ عَنِ الأُمَّةِ فِي السُّلطَانِ وَفِي تَنفِيذِ الشَّرعِ". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَةِ السَّابِعَةِ وَالتِّسعِينَ مِنْ كِتَابِ "نظامُ الإسلام" لِلعَالِمِ والـمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ. يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ:
المادةُ الرابعةُ والعشرونَ 24- الخـَلِيفَـةُ هُوَ الَّذِي يَنُوبُ عَنِ الأُمَّةِ فِي السُّـلْـطَـانِ, وَفِي تَنفِيذِ الشَّرعِ.
المادةُ الخامسةُ والعشرونَ 25: الخِلَافَةُ عَقدُ مُرَاضَاةٍ وَاختِيَارٍ، فَلَا يُجبَرُ أَحَدٌ عَلَى قَبُولِهَا، وَلَا يُجبَرُ أَحَدٌ عَلَى اختِيَارِ مَنْ يَتَوَلَّاهَا.
المادةُ السادسةُ والعشرونَ 26: لِكُلِّ مُسلِمٍ بَالِغٍ عَاقِلٍ رَجُلًا كَانَ أَوِ امْرَأَةً الحَقُّ فِي انتِخَابِ رَئِيسِ الدَّولَةِ وَفِي بَيعَتِهِ، وَلَا حَقَّ لِغَيرِ الـمُسلِمِينَ فِي ذَلِكَ.
المادةُ السابعةُ والعشرونَ 27: إِذَا تَمَّ عَقْدُ الخِلَافَةِ لِوَاحِدٍ بِمُبَايَعَةِ مَنْ يَتِمُّ انْعِقَادُ البَيعَةِ بِهِمْ تَكُونُ بَيعَةُ البَاقِينَ حِينَئِذٍ بَيعَةَ طَاعَةٍ لَا بَيعَةَ انعِقَادٍ, فَيُجْبَرُ عَلَيهَا كُلُّ مَنْ يُلْمَحُ فِيهِ إِمكَانِيَّةُ التَّمَرُّدِ وَشَقُّ عَصَا المسلِمِينَ.
وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: أَيُّهَا الصَّائِمُونْ, يَا أُمَّةَ الإِيمَانْ, يَا أُمَّةَ القُرآنْ, يَا أُمَّةَ الإِسلَامْ, يَا أُمَّةَ التَّوحِيدْ, يَا مَنْ آمَنتُمْ بِاللهِ رَبًّا, وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيًّا وَرَسُولًا, وَبِالقُرآنِ الكَرِيمِ مِنهَاجًا وَدُستُورًا, وَبِالإسلَامِ عَقِيدَةً وَنِظَامًا لِلْحَياَة,ِ أَيُّهَا الـمُسلِمُون فِي كُلِّ مَكَانْ, فَوقَ كُلِّ أَرضٍ, وَتَحتَ كُلِّ سَمَاءْ, يَا خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَتْ لِلنَّاسِ, أَيُّهَا الـمُؤمِنُونَ الغَيُورُونَ عَلَى دِينِكُمْ وَأُمَّتِكُمْ. أعَدَّ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ هُوَ وَإِخوَانُهُ العُلَمَاءُ فِي حِزْبِ التَّحرِيرِ دُستُورَ الدَوْلَةِ الإِسْلامِيَّةِ, وَهَا هُوَ يُوَاصِلُ عَرْضَهُ عَلَيكُمْ حَتَّى تدرُسُوهُ وَأنتمْ تَعْمَلُونَ معنا لإِقَامَتِهَا, وَهَذه هي الـمَوَادُّ الرَّابِعَةُ والعِشْرُونَ, وَالخَامِسَةُ وَالعِشرُونَ, وَالسَّادِسَةُ وَالعِشرُونَ, وَالسَّابِعَةُ وَالعِشرُونَ. وَإِلَيكُمْ بَيَانَ أَدِلَّةِ هَذِهِ الـمَوَادِّ مِنْ كِتَابِ مَقَدِّمَةِ الدُّستُورِ:
أولا: المادةُ الرابعةُ والعشرونَ 24: الخـَلِيفَـةُ هُوَ الَّذِي يَنُوبُ عَنِ الأُمَّةِ فِي السُّـلْـطَـانِ, وَفِي تَنفِيذِ الشَّرعِ. الخِلَافَةُ رِئَاسَةٌ عَامَّةٌ لِلمُسلِمِينَ جَمِيعًا فِي الدُّنيَا، لِإِقَامَةِ أَحْكَامِ الشَّرعِ، وَحَمْلِ الدَّعْوَةِ الإِسلَامِيَّةِ إِلَى العَالَمِ. وَالَّذِينَ يُنَصِّبُونَ مَنْ يَتَوَلَّى هَذِهِ الرِّئَاسَةَ، أَيْ يُنَصِّبُونَ الخَلِيفَةَ، إِنَّما هُمُ الـمُسلِمُونَ. وَلَـمَّا كَانَ السُّلطَانُ لِلأُمَّةِ وَتَنفِيذُ الشَّرعِ وَاجِبًا عَلَى الـمُسلِمِينَ، وَكَانَ الخَلِيفَةُ رَئِيسًا لَهُمْ، لِذَلِكَ كَانَ وَاقِعُهُ أَنَّهُ نَائِبٌ عَنهُمْ فِي السُّلطَانِ، وَفِي تَنفِيذِ الشَّرعِ، وَلِذَلِكَ لَا يَكُونُ خَلِيفَةً إِلَّا إِذَا بَايَعَتُهُ الأُمَّةُ، فَبَيعَتُهَا لَهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ نَائِبُ عَنهَا، وَوُجُوبُ طَاعَتِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ هَذِهِ البَيعَةَ الَّتِي يَتِمُّ بِهَا انعِقَادُ الخِلَافَةِ لَهُ قَدْ أَعطَتْهُ السُّلْطَانَ، وَهَذَا يَعنِي أَنَّهُ نَائِبٌ عَنهَا فِي السُّلْطَانِ. وَعَلَى هَذَا الأَسَاسِ وُضِعُتْ هَذِهِ الـمَادَّةُ.
ثانيا: المادةُ الخامسةُ والعشرونَ 25: الخِلَافَةُ عَقْدُ مُرَاضَاةٍ وَاختِيَارٍ، فَلَا يُجبَرُ أَحَدٌ عَلَى قَبُولِهَا، وَلَا يُجبَرُ أَحَدٌ عَلَى اختِيَارِ مَنْ يَتَوَلَّاهَا. وَدَلِيلُهَا هُوَ دَلِيلُ أَيِّ عَقْدٍ شَرعِيٍّ يَتِمُّ بَينَ عَاقِدَينِ، لِأَنَّهَا عَقْدٌ شَرعِيٌّ كَسَائِرِ العُقُودِ، وَفَوقَ ذَلِكَ فَإِنَّ حَدِيثَ الأَعرَابِيِّ الَّذِي بَايَعَ الرَّسُولَ r ثُمَّ جَاءَ يَطلُبُ مِنهُ إِقَالَةَ بَيعَتِهِ فَرَفَضَ الرَّسُولُ r ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الخِلَافَةَ عَقْدٌ: عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ r فَأَصَابَ الأَعْرَابِيَّ وَعْكٌ بِالْمَدِينَةِ، فَأَتَى النَّبِيَّ r فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَقِلْنِي بَيْعَتِي، فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ r، ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ: أَقِلْنِي بَيْعَتِي، فَأَبَى، ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ: أَقِلْنِي بَيْعَتِي، فَأَبَى، فَخَرَجَ الأَعْرَابِيُّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: «إِنَّمَا الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ تَنْفِي خَبَثَهَا وَيَنْصَعُ طَيِّبُهَا». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
وَلَمَّا كَانَتِ البَيعَةُ بِالخِلَافَةِ بَيعَةً عَلَى الطَّاعَةِ لِمَنْ لَهُ حَقُّ الطَّاعَةِ مِنْ وِلَايَةِ الأَمْرِ، فَإِنَّهَا تَكُونُ عَقْدَ مُرَاضَاةٍ وَاختِيَارٍ، فَلَا تَصِحُّ بِالإِكرَاهِ، لَا بِإِكرَاهِ مَنْ يُبَايَعُ، وَلَا بِإِكرَاهِ الَّذِينَ يُبَايِعُونَ، لِقَولِ الرَّسُولِ r: «إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْـيَانَ وَمَا اسْـتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» أَخرَجَهُ ابنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ ابنِ عَبَّاسٍ، وَهَذَا عَاٌّم فِي كُلِّ عَقْدٍ مِنَ العُقُودِ وَمِنهَا عَقْدُ الخِلَافَةِ. فَكُلٌّ عَقْدٍ جَرَى عَقْدُهُ بِالإِكرَاهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، لأَنَّهُ لَـمْ يَنعَقِدْ. وَكَذَلِكَ الخِلَافَةُ لَا تَنعَقِدُ بِالإِكرَاهِ كَسَائِرِ العُقُودِ. وَكَذَلِكَ لَا تَتِمُّ الخِلَافَةُ إِلَّا بِعَاقِدَينِ كَأَيِّ عَقْدٍ مِنَ العُقُودِ، فَلَا يَكُونُ أَحَدٌ خَلِيفَةً إِلَّا إِذَا وَلَّاهُ أَحَدٌ الخِلَافَةَ، فَإِذَا نَصَّبَ أَحَدٌ نَفْسَهُ خَلِيفَةً دُونَ بَيعَةِ مَنْ تَنعَقِدُ الخِلَافَةُ بِبَيعَتِهِمْ لَا يَكُونُ خَلِيفَةً، إِلَّا إِذَا بَايَعُوهُ عَنْ رِضًا وَاختِيَارٍ فَإِنَّهُ يُصبِحُ خَلِيفَةً بَعدَ البَيعَةِ، أَمَّا قَبلَهَا فَلَا. فَإِذَا أَكْرَهَهُمْ عَلَى البَيعَةِ لَا يَكُونُ خَلِيفَةً بِهَذِهِ البَيعَةِ الَّتِي أُخِذَتْ بِالإِكرَاهِ، وَلَا تَنعَقِدُ لَهُ الخِلَافَةُ بِهَا. لأَنَّهَا عَقْدٌ لَا يَنعَقِدُ بِالإِكرَاهِ لِقَولِ الرَّسُولِ r: «إِنَّ اللَّهَ وَضَـعَ عَـنْ أُمَّـتِي الْخَطَأَ وَالنِّـسْـيَانَ وَمَا اسْـتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» وَمَا وُضِعَ عَنهُمْ يُعَدُّ بَاطِلًا.
ثالثا: المادةُ السادسةُ والعشرونَ 26: لِكُلِّ مُسلِمٍ بَالِغٍ عَاقِلٍ رَجُلًا كَانَ أَوِ امْرَأَةً الحَقُّ فِي انتِخَابِ رَئِيسِ الدَّولَةِ وَفِي بَيعَتِهِ، وَلَا حَقَّ لِغَيرِ الـمُسلِمِينَ فِي ذَلِكَ. إِنَّ وَاقِعَ الخِلَافَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لِكُلِّ مُسْلِمٍ الحَقَّ فِي انتِخَابِ الخَلِيفَةِ وَبَيعَتِهِ، إِذْ جَاءَتِ الأَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الـمُسلِمِينَ هُمُ الَّذِينَ يُبَايِعُونَ الخَلِيفَةَ، الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ سَوَاءٌ، فَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: «بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ r..» الحَدِيثُ رَوَاهُ البُخَارِيُّ، وَعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: «بَايَعْنَا رَسُولُ اللهِ r ...» الحَدِيثُ رَوَاهُ البُخَارِيُّ، وَقَدْ أَورَدَ ابنُ كَثِيرٍ فِي البِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ أَنَّ عَبدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوفٍ أَخَذَ رَأْيَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ حِينَ وُكِلَ إِلَيهِ أَخْذُ رَأْيِ الـمُسلِمِينَ فِيمَنْ يَكُونُ خَلِيفَةً، وَلَـمْ يُنْكِرْ عَلَيهِ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ. فَلِكُلِّ مُسلِمٍ رَجُلًا كَانَ أَوِ امْرَأَةً الحَقُّ فِي انتِخَابِ الخَلِيفَةِ وَبَيعَتِهِ، أَمَّا غَيرُ الـمُسلِمِ فَلَا حَقَّ لَهُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ البَيعَةَ هِيَ عَلَى العَمَلِ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَهُوَ لَا يُؤْمِنُ بِهِمَا فَإِنْ آمَنَ بِهِمَا كَانَ مُسلِمًا.
رابعا: المادةُ السابعةُ والعشرونَ 27: إِذَا تَمَّ عَقْدُ الخِلَافَةِ لِوَاحِدٍ بِمُبَايَعَةِ مَنْ يَتِمُّ انعِقَادُ البَيعَةِ بِهِمْ تَكُونُ بَيعَةُ البَاقِينَ حِينَئِذٍ بَيعَةَ طَاعَةٍ لَا بَيعَةَ انعِقَادٍ فَيُجْبَرُ عَلَيهَا كُلُّ مَنْ يُلمَحُ فِيهِ إِمكَانِيَّةُ التَّمَرُّدِ وَشَقِّ عَصَا الـمُسلِمِينَ. وَدَلِيلُهَا مَا حَصَلَ فِي بَيعَةِ الخُلَفَاءِ الأَربَعَةِ، لِأَنَّهُ إِجْمَاعٌ مِنَ الصَّحَابَةِ. فَفِي بَيعَةِ أَبِي بَكْرٍ اكتُفِيَ بِأَهْلِ الحَلِّ وَالعَقْدِ فِي الـمَدِينَةِ وَحْدَهَا، وَكَذَلِكَ الحَالُ فِي بَيعَةِ عُمَرَ، وَفِي بَيعَةِ عُثْمَانَ اكتُفِيَ بِأَخْذِ رَأْيِ الـمُسلِمِينَ فِي الـمَدِينَةِ وَبَيعَتِهِمْ، وَفِي بَيعَةِ عَلِيٍّ اكتُفِيَ بِبَيعَةِ أَكْثَرِ أَهْلِ الـمَدِينَةِ وَأَكثَرِ أَهْلِ الكُوفَةِ، مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا ضَرُورَةَ لِبَيعَةِ جَمِيعِ الـمُسلِمِينَ حَتَّى تَنعَقِدَ الخِلَافَةُ، بَلْ يَكفِي بَيعَةُ أَكثَرِ الـمُمَثِّلِينَ لَـهُمْ. وَأَمَّا البَاقِي فَإِذَا بَايَعَ فَإِنَّما يُبَايِعُ عَلَى الطَّاعَةِ. وَأَمَّا إِجْبَارُ مَنْ يُلْمَحُ مِنهُ التَّمَرُّدُ عَلَى البَيعَةِ بَعدَ بَيعَةِ أَكْثَرِ الـمُمَثِّلِينَ فَهُوَ إِصْرَارُ سَيِّدِنَا عَلِيٍّ عَلَى مُعَاوِيَةَ أَنْ يُبَايِعَ وَيَدْخُلَ فِيمَا دَخَلَ فِيهِ النَّاسُ، وَإِجبَارُهُ لِطَلحَةَ وَالزُّبَيرَ عَلَى بَيعَتِهِ، وَلَـمْ يُنكِرْ عَلَيهِ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ ذَلِكَ، مَعَ نَصِيحَةِ بَعضِهِمْ لَهُ أَنْ لَا يَعزِلَ مُعَاوِيَةَ عَنْ وِلَايَةِ الشَّامِ, وَسُكُوتِ الصَّحَابَةِ عَنْ عَمَلِ أَحَدِهِمْ إِذَا عَمِلَ مَا يُنكَرُ مِثلُهُ، كَالإِجْبَارِ عَلَى البَيعَةِ, وَهِيَ عَقْدُ مُرَاضَاةٍ وَاختِيَارٍ، يُعتَبَرُ إِجْمَاعًا سُكُوتِيًّا، وَيَكُونُ دَلِيلًا شَرعِيًا.
أيها المؤمنون:
نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.