- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
سلسلة "الخلافة والإمامة في الفكر الإسلامي"
للكاتب والمفكر ثائر سلامة – أبو مالك
الحلقة الرابعة والثلاثون: انعقاد الإجماع على وجوب الخلافة، أي أن إقامة الخلافة فرض بالإجماع، وهو قطعي وإقامة الخلافة فرض قطعي ثبت أيضا بالتواتر المعنوي – ج2
للرجوع لصفحة الفهرس اضغط هنا
وأما التواتر المعنوي، فهو أن يصل المعنى للتواتر من مجموعة أدلة لم تصل في آحادها للقطع في الثبوت، أو أن تثبت بالقطع (مثل نقلها جيلا عن جيل، بشروط سيرد ذكرها لاحقا الله) لكنها لا تتوحد في اللفظ، فإن المعنى الذي حصل التواتر فيه يكون قطعيا، ففصل الرجال عن النساء في الحياة الخاصة مسألة ثابتة بالتواتر المعنوي وهي قطعية، وثبوت الصلوات الخمس وعدد ركعاتها، قطعي، وثبوت ركعتي سنة صلاة الفجر متواتر نقل بالإجماع طبقة عن طبقة، وهو قطعي، فمن لم يُصَلِّهِمَا لا شيء عليه، ولكن إنكارهما إنكار للقطعي، بخلاف ركعتي سنة المغرب فإنهما لم يثبتا بالتواتر، بل بأخبار الآحاد فقط، فلا يدخل إثباتهما في الاعتقاد، وهذه القضايا علاوة على ثبوتها بالتواتر، فإنها أيضا ثابتة بالإجماع في الوقت نفسه، فقد وجدنا الأمة مجمعة على أن الصلوات خمس وأن صوم رمضان واجب، فهذه الأمور حصلت بالأمرين معاً: بالتواتر وبالإجماع مقارنةً أو مرتبةً بمعنى أنه حصل الإجماع والتواتر معاً، أو حصل التواتر ثم الإجماع، أو حصل الإجماع ثم التواتر فالمقصود هو أنه حصل فيها الإجماع وهو المطلوب.
وما يهمنا من الإجماع بعد عصر الصحابة هو استمرار نقل الخبر المتواتر بطريق الإجماع، (فالإجماع من طرق نقل المتواتر، وهذا الإجماع أشد إثباتا من التواتر المستفاد من أعداد الرواة في كل عصر إذ يبلغون مبلغ التواتر) أو الكشف عن تواتر الخبر بالاستقراء لما أجمع عليه المسلمون، علما بأن الحكم الشرعي لا يثبت إلا من طريق الوحي كما سيأتي، فما أجمعوا عليه إنما هو كشف عن دليل متصل بالوحي يتعلق بالمسألة.
وأما الإجماع، فإن وجود الإجماع على موضوعٍ مع وجود أدلة قاطعة عن ذلك الموضوع الذي حصل الإجماع فيه يجعل حكم ذلك الموضوع قطعيا، قال العلامة النبهاني: "فيكون اعتبار أقوالهم أمراً مقطوعاً به، فإذا أجمعوا على أمر كان إجماعهم إجماعاً مقطوعاً بصدقه"(1)، أي أن إجماعهم صواب لا يحتمل الخطأ(2).
[1] الشخصية الإسلامية الجزء الثالث باب: الإجماع
[2] أنظر تيسير الوصول إلى الأصول للعلامة عطاء أبو الرشتة، الجزء الأول ص 82