السبت، 04 ربيع الأول 1446هـ| 2024/09/07م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام (ح206) ضمان إشباع جميع الحاجات الأساسية لجميع الأفراد إشباعا كليا

بسم الله الرحمن الرحيم

 

بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام

 (ح206) ضمان إشباع جميع الحاجات الأساسية لجميع الأفراد إشباعا كليا

 

 

الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ, وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ, وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ, وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ, والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ, خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ, وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ, الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ, وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ, وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ. 

 

أيها المؤمنون:

 

 

السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا: "بُلُوغُ المَرَامِ مِنْ كِتَابِ نِظَامِ الِإسْلَامِ"وَمَعَ الحَلْقَةِ السَّادِسَةِ بَعْدَ المِائَتَينِ, وَعُنوَانُهَا:"ضَمَانُ إِشْبَاعِ جَمِيِعِ الحَاجَاتِ الأَسَاسِيَّةِ لِـجَمِيعِ الأَفْرَادِ إِشْبَاعًا كُلِّيًّا". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَةِ الثَّانِيَةِ وَالعِشْرِينَ بَعْدَ الـمِائَةِ مِنْ كِتَابِ "نظامُ الإسلام" لِلعَالِمِ والـمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ. يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ:

 

المادة 125: يَجِبُ أَنْ يُضْمَنَ إِشْبَاعُ جَمِيعِ الحَاجَاتِ الأَسَاسِيَّةِ لِـجَمِيعِ الأَفْرَادِ فَرداً فَرداً إِشبَاعاً كُلِّيّاً، وَأَنْ يُضْمَنَ تَـمْكِينُ كُلِّ فَرْدٍ مِنْهُمْ مِنْ إِشْبَاعِ الحَاجَاتِ الكَمَالِيَّةِ عَلَى أَرْفَعِ مُسْتَوىٍ مُسْتَطَاعٍ.وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: يَا أُمَّةَ الإِيمَانْ, يَا أُمَّةَ القُرآنْ, يَا أُمَّةَ الإِسلَامْ, يَا أُمَّةَ التَّوحِيدْ, يَا مَنْ آمَنتُمْ بِاللهِ رَبًّا, وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيّاً وَرَسُولاً, وَبِالقُرآنِ الكَرِيمِ مِنهَاجاً وَدُستُوراً, وَبِالإسلَامِ عَقِيدَةً وَنِظَاماً لِلْحَياَة,ِ أَيُّهَا الـمُسلِمُون فِي كُلِّ مَكَانْ, فَوقَ كُلِّ أَرضٍ, وَتَحتَ كُلِّ سَمَاءْ, يَا خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَتْ لِلنَّاسِ, أَيُّهَا الـمُؤمِنُونَ الغَيُورُونَ عَلَى دِينِكُمْ وَأُمَّتِكُمْ. أعَدَّ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ هُوَ وَإِخوَانُهُ العُلَمَاءُ فِي حِزْبِ التَّحرِيرِ دُستُورَ الدَوْلَةِ الإِسْلامِيَّةِ, وَهَا هُوَ يُوَاصِلُ عَرْضَهُ عَلَيكُمْ حَتَّى تدرُسُوهُ وَأنتمْ تَعْمَلُونَ مَعَنَا لإِقَامَتِهَا, وَهَذِهِ هِيَ الـمَادَّةُ الخَامِسَةُ وَالعِشْرونَ بَعْدَ الـمِائَةِ. وَإِلَيكُمْ بَيَانَ أَدِلَّةِ هَذِهِ الـمَادَّةِ مِنْ كِتَابِ مَقَدِّمَةِ الدُّستُورِ:

 

هَذِهِ الـمَادَّةُ ذَاتُ شِقَّينِ: أَحَدِهِمَا: ضَمَانُ إِشْبَاعِ الحَاجَاتِ الأَسَاسِيَّةِ، وَالثَّانِي: التَّمْكِينُ مِنْ إِشْبَاعِ الحَاجَاتِ الكَمَالِيَّةِ. أَمَّا الشِّقُّ الأَوَّلُ فَإِنَّ لَهُ عِدَّةَ أَدِلَّةٍ، فَإِنَّ الشَّارِعَ حَثَّ عَلَى الكَسْبِ, وَعَلَى طَلَبِ الرِّزْقِ وَعَلَى السَّعْيِ، وَجَعَلَ السَّعْيَ لِكَسْبِ الرِّزْقِ فَرْضاً عَلَى القَادِرِ الـمُحْتَاجِ لِسَدِّ الحَاجَاتِ الأَسَاسِيَّةِ لَهُ وَلِـمَنْ يَعُولُ، قَالَ تَعَالَى: (فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ) (الملك 15) وَقَالَ تَعَالَى: (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ) (الجمعة 10) وقال r: «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْماً أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ». (أَخرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ)، وَهَذَا هُوَ الأَصْلُ فِي ضَمَانِ إِشْبَاعِ الإِنسَانِ جَمِيعَ حَاجَاتِهِ الأَسَاسِيَّةِ مِنْ كَسْبِهِ. فَاللهُ قَدْ فَرَضَ العَمَلَ عَلَى القَادِرِ الـمُحْتَاجِ مِنَ الذُّكُورِ لِيَقُومَ بِإِشْبَاعِ حَاجَاتِهِ.

 

bologh27 6 2019

 

وَهَذَا يَعنِي أَنَّ العَمَلَ إِجْبَارِيٌّ عَلَى هَذَا القَادِرِ، فَإِنْ لَـمْ يَقُمْ بِهِ يُعَاقَبُ شَأْنَ كُلِّ فَرْضٍ. وَأَمَّا الإِنَاثُ وَالعَاجِزُونَ مِنَ الذُّكُورِ فَقَدْ فَرَضَ لَـهُمْ النَّفَقَةَ, وَجَعَلَهَا حَقّاً لَازِماً, وَأَلْزَمَ الدَّوْلَةَ بِتَحْصِيلِهَا عَلَى وَجْهِهَا الشَّرعِيِّ. فَفَرَضَ النَّفَقَةَ لِلزَّوجَةِ عَلَى الزَّوجِ، قَالَ r: «وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ»، وَفَرَضَ النَّفَقَةَ عَلَى الأَبِ لِأَوْلَادِهِ، قَالَ تَعَالَى: (وَعَلَى الـمَولُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالـمَعْرُوفِ)(البقرة 233) وَقَالَ رَسُولُ اللهِ r لِـهِنْد لَـمَّا شَكَتْ لَهُ أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ: «خُذِيْ مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ». وَفَرَضَ النَّفَقَةَ لِلأَقَارِبِ الوَرَثَةِ قَالَ تَعَالَى: (وَعَلَى الوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ)(البقرة 233) بَعْدَ قَولِهِ: (وَعَلَى الـمَولُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالـمَعْرُوفِ)(البقرة 233) فَأَوْجَبَ الشَّرعُ النَّفَقَةَ لِلأُنثَى مُطْلَقًا، إِذْ إِنَّهُ لَـمْ يَفْرِضْ عَلَيهَا الكَسْبَ، وَأَوْجَبَ النَّفَقَةَ لِلعَاجِزِينَ مِنَ الذُّكُورِ عَلَى الوَارِثِ إِذَا كَانَ هَؤُلَاءِ فُقَرَاءَ. وَفِي حَالِ عَدَمِ وُجُودِ أَحَدٍ مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيهِ النَّفَقَةُ، أَو وُجِدَ وَلَكِنْ لَا يَستَطِيعُ الإِنْفَاقَ، أَوْجَبَ الشَّرعُ هَذِهِ النَّفَقَةَ عَلَى بَيتِ الـمَالِ أَيْ عَلَى الدَّولَةِ. عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ r : «مَنْ تَرَكَ مَالاً فَلِوَرَثَتِهِ، وَمَنْ تَرَكَ كَلاًّ فَإِلَيْنَا». (مُتَّفَقٌ عَلَيهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيرَةَ) - وَالكَلُّ: هُوَ الضَّعِيفُ الَّذِي لَا وَلَدَ لَهُ وَلَا وَالِدَ - وَفِي رِوَايَةٍ أُخرَى: «مَنْ تَرَكَ مَالاً فَلأِهْلِهِ وَمَنْ تَرَكَ دَيْناً أَوْ ضَيَاعاً فَإِلَيَّ وَعَلَيَّ». (رَوَاهُ مُسْلِمُ مِنْ طَرِيقِ جَابِرٍ) - وَضَيَاعاً أَيْ عِيَالاً قَالَ فِي القَامُوسِ الـمُحِيطِ: "وَالضَّياعُ أَيضاً: العِيَالُ، أَوْ ضُيَّعُهُم"- فَالفَقِيرُ إِنْ كَانَ أُنْثَى ضَمِنَ الشَّرعُ لَهُ إِشْبَاعَ جَمِيعِ حَاجَاتِهِ الأَسَاسِيَّةِ بِهَذِهِ الأَدِلَّةِ، وَإِنْ كَانَ ذَكَراً عَاجِزاً عَنِ الكَسْبِ، أَوْ كَانَ كَسْبُهُ لَا يَكْفِيهِ، ضَمِنَ لَهُ الشَّرعُ كَذَلِكَ إِشْبَاعَ جَمِيعِ حَاجَاتِهِ الأَسَاسِيَّةَ بِهَذِهِ الأَدِلَّةِ.

 

وَالعَاجِزُ شَرْعاً: إِمَّا عَاجِزٌ حَقِيقَةً وَهُوَ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى العَمَلِ، وَإِمَّا عَاجِزٌ حُكْماً وَهُوَ مَنْ لَا يَجِدُ عَمَلاً يَكْسِبُ مِنهُ، فَكُلٌّ مِنْهُمَا عَاجِزٌ. وَقَد ضَمِنَ الشَّرعُ لَـهُمْ بِهَذِهِ الأَدِلَّةِ جَمِيعَ حَاجَاتِـهِمُ الأَسَاسِيَّةِ بِإِيجَابِ النَّفَقَةِ لِلأُنثَى مُطْلَقاً, وَلِلعَاجِزِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْماً مِنَ الذُّكُورِ، عَلَى الزَّوجِ وَعَلَى الوَارِثِ. ثُمَّ إِنْ لَـمْ يَجِدُوا أَو عَجِزُوا فَعَلَى بَيتِ الـمَالِ أَيْ عَلَى الدَّولَةِ.

 

وَلِكَي يَضْمَنَ الشَّرعُ قِيَامَ بَيتِ الـمَالِ بِـهَذِهِ النَّفَقَةِ عُنِيَ بِالوَارِدَاتِ الـمُخَصَّـصَـِة لَـهَا عِنَايَةً خـَاصَّـةً، فَجَعَلَ فِي بَيتِ الـمَالِ جِهَةً كَالزَّكَاةِ لِلفُقَرَاءِ قَالَ تَعَالَى:  (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلفُقَرَاءِ وَالـمَسَاكِينِ).  (التوبة 60) إِلَى أَنْ قَالَ: (وَابْنِ السَّبِيلِ), فَإِنْ لَـمْ تَفِ الزَّكَاةُ كَانَتِ النَّفَقَةُ عَلَى وَارِدَاتِ بَيتِ الـمَالِ الأُخرَى، لِقَولِهِ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «وَمَنْ تَرَكَ دَيْناً أَوْ ضَيَاعاً فَإِلَيَّ وَعَلَيَّ». أَيْ عَلَى الدَّولَةِ، (أَخرَجَهُ مُسْلِمُ مِنْ طَرِيقِ جَابِر)، وَلِقَولِهِ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ». (رَوَاهُ البُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ).

 

وَمِنْ أَهَمِّ الـمَسئُولِيَّاتِ عَنِ الرَّعِيَّةِ ضَمَانُ إِشْبَاعِ الحَاجَاتِ الأَسَاسِيَّةِ لَـهُمْ، فَتَكُونُ نَفَقَاتُـهُمْ مِنْ وَارِدَاتِ بَيتِ الـمَالِ، فَإِنَّ مِنْ مَسئُولِيَّةِ الدَّولَةِ تَوفِيرَ النَّفَقَةِ لِلفَقِيرِ، فَإِنْ لَـمْ تَكْفِ وَارِدَاتُ بَيْتِ الـمَالِ الثَّابِتَةُ لِلنَّفَقَاتِ فُرِضَتْ عَلَى أَغْنِيَاءِ الـمُسْلِمِينَ ضَرَائِبُ بِـمِقْدَارٍ كَافٍ لِـهَذِهِ النَّفَقَاتِ، وَفْقَ الأَحْكَامِ الشَّرعِيَّةِ الَّتِي جَعَلَتْ لِلخَلِيفَةِ فَرْضَ الضَّرَائِبِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الحَالَةِ؛ لِأَنَّ تَوفِيرَ النَّفَقَة لِلفُقَرَاءِ إِنْ لَـمْ تَكْفِهَا وَارِدَاتُ الزَّكَاةِ, وَلَـمْ تَفِ بِـهَا وَارِدَاتُ بَيتِ الـمَالِ الثَّابِتَةُ يُصْبِحُ فَرْضاً عَلَى جَمِيعِ الـمُسْلِمِينَ، قَالَ r: «وَأَيُّمَا أَهْلُ عَرْصَةٍ أَصْبَحَ فِيهِمْ امْرُؤٌ جَائِعٌ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ تَعَالَى». (أَخرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُمَرَ وَصَحَّحَهُ أَحمَد شَاكِرْ)، وَهُوَ إِخبَارٌ مَفْهُومُهُ يُفِيدُ طَلَبَ إِطْعَامِ الجَائِعِ، وَمَقْرُونٌ بِالذَّمِّ إِنْ لَـمْ يُطْعِمُوا، فَكَانَ طَلَباً جَازِماً، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ فَرْضٌ عَلَيهِمْ، فَيَفْرِضُهُ الخَلِيفَةُ ضَرَائِبَ عَلَى القَادِرِينَ مِنْهُمْ، وَيُنَفَّذُ كَتَنْفِيذِ أَيَّ فَرْضٍ.

 

فَهَذَا كُلُّهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الشَّرعَ يُوجبُ ضَمَانَ إِشْبَاعِ جَمِيعِ الحَاجَاتِ الأَسَاسِيَّةِ لِجَمِيعِ الأَفْرَادِ فَرداً فَرداً، وَيُعَيِّنُ الوَارِدَاتِ الَّتِي تَضْمَنُ القِيَامَ بِهَذَا الإِشْبَاعِ. وَيَضْمَنُ قِيَامَهَا بِهِ وَاستِمْرَارَ ذَلِكَ.هَذَا مِنْ نَاحِيَةِ ضَمَانِ الإِشْبَاعِ لِجَمِيعِ الأَفْرَادِ فَرداً فَرداً، أَمَّا مِنْ نَاحِيَةِ أَنْ يَكُونَ الإِشْبَاعُ لِجَمِيعِ الحَاجَاتِ الأَسَاسِيَّةِ, فَإِنَّ وَاقِعَ الحَيَاةِ لِلفَرْدِ أَنَّ الحَاجَاتِ الأَسَاسِيَّةِ هِيَ الـمَأْكَلُ وَالـمَلْبَسُ وَالـمَسْكَنُ، وَالأَدِلَّةُ الشَّرعِيَّةُ جَاءَتْ تَضْمَنُ النَّفَقَةَ، وَالنَّفَقَةُ هِيَ الـمَأْكَلُ وَالـمَلْبَسُ وَالـمَسْكَنُ، عَلَاوَةً عَلَى أَنَّ هُنَاكَ أَدِلَّةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَ: الـمَأْكَلَ وَالـمَلْبَسَ وَالـمَسْكَنَ هِيَ الحَاجَاتُ الأَسَاسِيَّةُ، وَمَا عَدَاهَا فَضْلٌ وَزِيَادَةُ. أَمَّا الأَدِلَّةُ عَلَى أَنَّ النَّفَقَةَ هِيَ الـمَأْكَلُ وَالـمَلْبَسُ وَالـمَسْكَنُ فَاللهُ تَعَالَى يَقُولُ: (وَعَلَى الـمَولُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالـمَعْرُوفِ)(البقرة 233) وَيَقُولُ: (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ)(الطلاق 6) وَيَقُولُ:  (مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطعِمُونَ أَهْلِيكُمْ)(المائدة 89). فَبَيَّنَ اللهُ أَنَّ الطَّعَامَ وَالكِسْوَةَ وَالـمَسْـكَنَ هِيَ النَّفَقَةُ. وَقَالَ r عَنِ النِّسَاءِ أَيِ الزَّوجَاتِ: «أَلا وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ فِي كِسْوَتِهِنَّ وَطَعَامِهِنَّ». (أَخرَجَهُ التِّرمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ الأَحْـوَصِ وَصَحَّحَهُ). وَقَالَ عَلَيهِ الصَّـلَاةُ وَالسَّـلَامُ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: «وَلَهُنَّ عَلَيْكُمْ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ». (أخرَجَهُ مُسْلِمُ مِنْ طَرِيقِ جَابِر). وَهَذِهِ أَدِلَّةٌ عَلَى أَنَّ النَّفَقَةَ هِيَ الـمَأْكَلُ وَالـمَلْبَسُ وَالـمَسْكَنُ، وَهَذِهِ هِيَ الحَاجَاتُ الأَسَاسِيَّةُ.

 

أيها المؤمنون:

 

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

آخر تعديل علىالسبت, 20 تموز/يوليو 2019

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع