مختصر السيرة النبوية العطرة

ح9

أبرهة يبني كنيسة في اليمن ليصرف الناس عن الحج إلى الكعبة

ذكر القرآن قصة أصحاب الفيل، فقال تعالى: (ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل * ألم يجعل كيدهم في تضليل * وأرسل عليهم طيراً أبابيل * ترميهم بحجارةٍ من سجيل * فجعلهم كعصفٍ مأكول). عندما استولى ملك الحبشة على أرض اليمن ولّى رجلًا حاكمًا عليها، واختاره من أهل الحبشة اسمه (أبرهة الأشرم) الأشرم هو لقبه، كان أبرهة رجلًا قصيرًا وسمينًا، تبارز يومًا مع رجل ضخم فضربه بالحربة على جبهته فشرم حاجبهُ، وأنفه، وعينه، وشفته (أي جرحها) لذلك سمّي أبرهة الأشرم؛ فكان (أبرهة) حاكمًا لليمن، وله جيش قوي، وبما أنه حاكم جديد على هذه البلد، ولا يعرف طبيعة أهلها استغرب عندما رأى كثيرًا من أهل اليمن، يشدون الرحال إلى مكة، في موسم الحج، فسأل أتباعه ما ذاك؟؟ قالوا له: يحجون قال لهم: وإلى أي شيء يحجون؟؟ قالوا له: إلى الكعبة، قال: وما هي الكعبة؟؟ قالوا: هي بيت يعتقد العرب أنه بيت الله في الأرض، بناه جدهم إبراهيم قال: أخبروني عنه، من أي شيء صُنع هذا البيت؟؟ قالوا له: من الحجارة، ولا سقف له!! قال لهم: وما كسوته؟؟ قالوا له: "كسوته من مخطوطات يمنية، حيث كان ستار الكعبة في الجاهلية يصنع في بلاد اليمن، عبارة عن قطع قماش تسمى مخطوطات، لونها أحمر وأسود".

ففكر أبرهة بالأمر، ثم استشار المقربين منه، قال: "ما رأيكم أن نبني كنيسة للعرب في اليمن، أفضل من هذا البيت؟؟ فأعجبوا بالفكرة، ووافقوه عليها. فبدأ ببناء كنيسة عظيمة في صنعاء، وبالغ جدًا في زخرفتها، وزيّنها بأنواع الزمرد والياقوت، وكساها بأجمل القماش؛ حتى يجذب الناس إليها، ويصرف أنظارهم عن الكعبة، ثم طلب من العرب، أن يحجوا إليها.. فاستهزأ العرب به وقالوا: "نترك كعبة أبينا إبراهيم بيت الله، لنحج إلى كنيسة أبرهة؟؟". ومضت الأيام، ولم يأت إليها أحد، فشعر أبرهة بالفشل والخيبة، ولم يستجب الناس إليه، حتى جاء رجل ليلًا، ودخلها حتى وصل إلى أرفع وأجمل مكان فيها، وتغوط فيه. (يعني قضى حاجته). فاشتعل أبرهة من الغضب، وأقسم ليهدمنّ كعبة العرب، وحمل حملته وجهز جيشًا ضخمًا لم يُرَ مثله؛ لكي يهدم الكعبة، وينتقم منهم، وتقدم أبرهة بجنده.. فكيف ستقف مكة، وأهلها في وجه أبرهة وجيشه؟!! تابعوا معنا في الحلقة القادمة إن شاء الله.

وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا، وَحَبِيبِنَا، وَعَظِيمِنَا، وَقَائِدِنَا، وَقُدْوَتِنَا، وَقُرَّةِ أَعْيُنِنَا سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَالسَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

الأستاذ محمد النادي