- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
سلسلة "رمضان كريم" كلمات قصيرة
اليوم الثامن عشر
في شهر رمضان تحلو مدارسة القرآن تلاوةً، وفهماً، وتدبراً
إِخْوَانَنَا الكِرَامْ.. أخَوَاتِنَا الكَرِيمَاتْ.. مَعَاشِرَ الصَّائِمِينَ، وَالصَّائِمَاتِ: السَّلَامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهْ.
الحَمْدُ للهِ وَكَفَى، وَصَلَاةً وَسَلَاماً عَلَى النَّبِيِّ المُصْطَفَى، وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ وَفَى. أمَّا بَعدُ: أثْنَاءَ تِلَاوَتِي لِتَكْثِيرِ الحَسَنَاتِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ هَذَا العَامِ مَرَرْتُ عَلَى قَولِ اللهِ جَلَّ فِي عُلَاهُ: (فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلَا جَانٌّ). فِي سُورَةِ (الرحمن ٣٩) قَفَزَ إِلَى ذِهْنِي سُؤَالٌ مُؤَدَّاهُ مَا يَأتِي ذِكْرُهُ، ألَا وَهُوَ: كَيْفَ نَفْهَمُ هَذِهِ الآيَةَ الكَرِيمَةَ الَّتِي تَنْفِي السُّؤَالَ عَنِ الإِنْسِ وَالجِنِّ، وَهُنَاكَ آيَاتٌ تُؤَكِّدُ أنَّ الإِنْسَانَ سَيُسْألُ؟ مِنْ مِثْلِ قَولِهِ تَعَالَى: (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ). فِي سُورَةِ (الحِجْر٩٣) وَمِثْلِ قَولِهِ تَعَالَى: (فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ). فِي سُورَةِ (الأَعْرَاف٦) وَمِثْلِ قَولِهِ تَعَالَى: (وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ). فِي سُورَةِ (الصافات٢٤) رَجَعْتُ إِلَى تَفْسِيرِ الإِمَامِ السَّعْدِيِّ؛ فَوَجَدْتُ الآتِيَ: "قَولُهُ تَعَالَى: (فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ). أي: سُؤَالَ استِعْلَامٍ بِمَا وَقَعَ؛ لِأنَّهُ تَعَالَى عَالِمُ الغَيبِ وَالشَّهَادَةِ، والمَاضِي، وَالمُسْتَقْبَلِ، وَيُرِيدُ أنْ يُجَازِيَ العِبَادَ بِمَا عَلِمَهُ مِنْ أحْوَالِهِمْ، وَقَدْ جَعَلَ لِأهْلِ الخَيرِ وَالشَّرِّ يَومَ القِيَامَةِ عَلَامَاتٍ يُعْرَفُونَ بِهَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ). وَرَجَعْتُ إِلَى تَفْسِيرِ الإِمَامِ القُرْطُبِيِّ؛ فَوَجَدْتُ الآتِيَ: قوله تعالى: (فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلَا جَانٌّ). هَذَا مِثْلُ قَولِهِ تَعَالَى: (وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ). وَإنَّ القِيَامَةَ مَوَاطِنٌ لِطُولِ ذَلِكَ اليَومِ، فَيُسْألُ فِي بَعْضِ المَوَاطِنِ، وَلَا يُسْألُ فِي بَعْضٍ، وَهَذَا قَولُ عِكْرِمَةَ. وَقِيلَ: المَعْنَى لَا يُسْألُونَ إِذَا استَقَرُّوا فِي النَّارِ.
وَقَالَ الحَسَنُ وَقَتَادَةُ: "لَا يُسْألُونَ عَنْ ذُنُوبِهِمْ؛ لأَنَّ اللهَ حَفِظَهَا عَلَيهِمْ، وَكَتَبَهَا المَلَائِكَةُ عَلَيهِمْ". وَعَنِ الحَسَنَ وَمُجَاهِدَ أَيْضاً: المَعْنَى لَا تَسْألُ المَلَائِكَةُ عَنْهُمْ؛ لِأنَّهُمْ يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ، وَدَلِيلُهُ مَا بَعْدَهُ. وَقَالَهُ مُجَاهِدُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَعَنْهُ أيْضاً فِي قَولِهِ تَعَالَى: (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ). وَقَولِهِ: (فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلَا جَانٌّ). قَالَ: لَا يَسْأَلُهُمْ لِيَعْرِفَ ذَلِكَ مِنْهُمْ؛ لِأنَّهُ أعْلَمُ بِذَلِكَ مِنْهُمْ، وَلَكِنَّهُ يَسْألُهُمْ لِمَ عَمِلْتُمُوهَا سُؤَالَ مُحَاسَبَةٍ، وَتَوبِيخ، لَا سُؤَالَ اسْتِعْلَامٍ، وَقَالَ أبُو العَالِيَةِ: لَا يُسْألُ غَيرُ المُجْرِمِ عَنْ ذَنْبِ المُجْرِمِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: كَانَتِ المَسْألَةُ مِنْ قَبْلُ، ثُمَّ خُتِمَ عَلَى أفْوَاهِ القَومِ، وَتَكَلَّمَتِ الجَوَارِحُ شَاهِدَةً عَلَيهِمْ. وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا، وَحَبِيبِنَا، وَعَظِيمِنَا، وَقَائِدِنَا، وَقُدْوَتِنَا، وَقُرَّةِ أَعْيُنِنَا سَيِّدَنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَالسَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.