- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
- حجم الخط تصغير حجم الخط زيادة حجم الخط
بسم الله الرحمن الرحيم
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام
(ح10)
لا بد للأشياء من خالق يخلقها
الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنعَامْ, وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ, وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ, وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ, والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ, خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ, وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ, الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ, وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ, وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ.
أيها المؤمنون:
السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا "بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام" وَمَعَ الحَلْقَةِ العَاشِرَةِ, وَعُنوَانُهَا: "لا بُدَّ لِلأشيَاءِ مِنْ خَالِقٍ يَخْلُقُهَا". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَةِ السَّادِسَةِ مِنْ كِتَابِ "نظامُ الإسلام" لِلعَالِمِ وَالمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ.
يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ: "أمَّا أنَّهُ لا بُدَّ لِلأشياءِ مِن خَالِقٍ يخلُقُهَا فَذَلِكَ أنَّ الأشيَاءَ الَّتِي يُدرِكُها العَقْلُ هِيَ الإِنسَانُ وَالحَيَاةُ وَالكَونُ، وَهَذِهِ الأشيَاءُ مَحْدُودَةٌ، فَهِيَ عَاجِزَةٌ وَنَاقِصَةٌ وَمُحتَاجَةٌ إِلَى غَيرِهَا. فَالإنسَانُ مَحْدُودٌ؛ لأنَّهُ ينمُو في كلِّ شيءٍ إلى حَدٍ لا يتجاوَزُهُ، فَهُوَ مَحْدُودٌ. وَالحَيَاةُ مَحدُودَةٌ؛ لأنَّ مَظهَرَهَا فَرْدِيٌ فَقَطْ، وَالمُشَاهَدُ بِالحِسِّ أنَّهَا تَنْتَهِي فِي الفَردِ فَهِيَ مَحدُودَةٌ. وَالكُونُ مَحْدُودٌ؛ لأنَّهُ مَجمُوعُ أَجرَامٍ وَكُلُّ جِرْمٍ مِنهَا مَحدُودٌ، وَمَجمُوعُ المَحدُودَاتِ مَحدُودٌ بَدَاهَةً، فَالكَونُ مَحدُودٌ. وَعَلَى ذَلِكَ فَالإِنسَانُ وَالحَيَاةُ وَالكَوْنُ مُحدُودَةٌ قَطْعاً. وَحِينَ نَنظُرُ إِلَى المَحدُودِ نَجِدُهُ لَيسَ أَزَلِياً وَإِلا لَمَا كَانَ مَحدُوداً فَلا بُدَّ مِنْ أنْ يَكُونَ المَحدُودُ مَخْلُوقاً لِغَيرِهِ، وَهَذَا الغَيرُ هُوَ خَالِقُ الإِنسَانِ وَالحَيَاةِ وَالكَونِ، وَهُوَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَخلُوقاً لِغَيرِهِ، أَوْ خَالِقاً لِنَفسِهِ، أوْ أزَلِياً وَاجِبَ الوُجُودِ. أمَّا أنَّهُ مَخلُوقٌ لِغَيرِهِ فَبَاطِلٌ؛ لأنَّهُ يَكُونُ مَحدُوداً، وَأمَّا أنَّهُ خَالِقٌ لِنَفسِهِ فَبَاطِلٌ أيضاً؛ لأنَّهُ يَكُونُ مَخلُوقاً لِنَفسِهِ وَخَالِقاً لِنَفسِهِ فِي آنٍ وَاحِدٍ، وَهَذَا بَاطِلٌ أيضاً، فَلا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الخَالِقُ أزَلِياً وَاجِبَ الوُجُودِ وَهُوَ اللهُ تَعَالَى. عَلَى أنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ لَهُ عَقْلٌ، يُدرِكُ مِنْ مُجَرَّدِ وُجُودِ الأشيَاءِ الَّتِي يَقَعُ عَلَيْهَا حِسُّهُ، أَنَّ لهَا خَالِقاً خَلَقَهَا، لأَنَّ المُشَاهَدَ فِيهَا جَمِيعِهَا أَنَّهَا نَاقِصَةٌ، وَعَاجِزَةٌ وَمُحتَاجَةٌ لِغَيرِهَا، فهِيَ مَخلُوقَةٌ قَطْعاً. وَلِذَلِكَ يَكفِي أنْ يُلْفَتَ النَظَرُ إِلَى أَيِّ شيءٍ في الكَونِ وَالحَيَاةِ وَالإِنسَانِ لِيُسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى وُجُودِ الخَالِقِ المُدَبِّرِ. فَالنَظَرُ إِلَى أَيِّ كَوْكَبٍ مِنَ الكَواكِبِ فِي الكَونِ، والتأَمُّلُ في أَيِّ مَظْهَرٍ مِنْ مَظاهِرِ الحياةِ، وَإِدرَاكُ أَيِّ ناحِيَةٍ فِي الإِنسَانِ، لَيَدُلُّ دِلالةً قِطْعِيةً عَلَى وُجُودِ اللهِ تَعَالَى".
ونَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: إِنَّ إِثبَاتَ وُجُودِ الخَالِقِ سُبحَانَهُ وَتَعَالَى لَهُ طَرِيقَتَانِ: إِحدَاهُمَا طَرِيقَةٌ سَهْلَةٌ مُيَسَّرَةٌ يَفهَمُهَا كُلُّ إِنسَانٍ, وَهِيَ الطَّرِيقَةُ الَّتِي دَعَا إِلَى نَهجِهَا القُرآنُ الكَرِيمُ بِقَولِهِ تَعَالَى: (أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (١٧) وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ (١٨) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (١٩) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ) (الغاشية 16 – 20) فَكُلُّ مَنْ يَتَفَكَّرْ بِمَخلُوقَاتِ اللهِ يَتَوَصَّلْ إِلَى عَظَمَتِهِ, وَيَستَدِلُّ بِهَا عَلَى وُجُودِهِ, كَمَا قَالَ الأعرَابِيُّ حِينَ رَأى بَعَرَةَ البَعِيرِ: "البَعَرَةُ تَدُلُّ عَلَى البَعِيرِ, وَالأثَرُ يَدُلُّ عَلَى المَسِيرِ, فَسَمَاءٌ ذَاتُ أبرَاجْ, وَأرْضٌ ذَاتُ فِجَاجْ, وَبِحَارٌ ذَاتُ أموَاجْ, ألا تَدُلُّ عَلَى الوَاحِدِ القَدِير؟!
وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ هِيَ الطَّرِيقَةُ الَّتِي يَحتَاجُهَا كُلُّ مَنْ لَمْ يَقتَنِعْ بِالطَّرِيقَةِ السَّهلَةِ المُيَسَّرَةِ مِمَّنْ تَلَوَّثَتْ أفكَارُهُم بِأفكَارِ الشُّيُوعِيِّينَ فَصَارُوا لا يَقبَلُونَ إِلاَّ بِالأدِلَّةِ المَادِيَّةِ المَحسُوسَةِ, كَطُلابِي الَّذِينَ ابتُلِيتُ بِهِمْ فِي سَبعِينَاتِ القَرْنِ المَاضِي, فَوَجَدْتُ نَفسِي مُضْطَّراً إِلَى إِثبَاتِ وُجُودِ الخَالِقِ لَهُمْ بِالطَّرِيقَةِ العَقلِيَّةِ المُجَرَّدَةِ بَعِيداً عَنْ الاستِدلالِ بِأدِلًّةٍ مِنَ القُرآنِ وَالسُّنةِ, وَقَد سَلَكْتُ مَعَهُمْ أُسلُوبَ الحِوَارِ وَالمُنَاقَشَةِ, أُدِيرُهُ فِيمَا بَينِي وَبَينَهُمْ, مُستَخدِماً أُسلُوبَ السُّؤَالِ وَالجَوَابِ, أُوَسِّعُ صَدرِي لَهُم, وَأترُكُ لَهُمُ المَجَالَ يَسألُونَ الأسئِلَةَ الَّتِي يُرِيدُونَ, مَهْمَا كَانَتْ صَعْبَةً وَمُعَقَّدَةً, وَمَهْمَا ظَنُّوهَا مُحْرِجَةً, ثُمَّ أجِيبُهُم عَنهَا بِمُنتَهَى الدِّقةِ, وَقَد طَلَبْتُ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنهُمْ أنْ يُحضِرَ دَفتَراً وَقلَمَين: أحَدُهُمَا أحْمَرُ يَكتُبُ بِهِ السُّؤَالَ, وَالآخَرُ أزرقُ يَكتُبُ بِهِ الجَوَابَ. فَكَانَ هَذَا الدَّفتَرُ نَوَاةً ومُسَوَّدَةً لِكِتَابِي: "مَعَالَم الإِيمَانِ المُستَنِير". أمَّا الطَّرِيقَةُ المُثلَى الَّتِي كُنَّا نَتَّبِعُهَا نَحْنُ شَبَابَ حِزْبِ التَّحْرِيرِ فِي مُنَاقَشَةِ الشُّيُوعِيِّينَ المُنكِرِينَ لِوُجُودِ الخَالِقِ, فَهِيَ أنْ نَتَوَجَّهَ إِلَيهِمْ بِالسُّؤَالِ الأوَّلِ الآتِي: هَلْ يُمْكِنُ أنْ تَحْصُرَ المَوجُودَاتِ المَحسُوسَةَ المَلمُوسَةَ المَوجُودَةَ فِي الكَونِ تَحْتَ ثَلاثِ مُسَمَّيَاتٍ أسَاسِيَّةٍ تَندَرِجُ تَحْتَهَا كُلُّ الأشياءِ المَبثُوثَةِ فِي الكَونِ؛ كَي نَنطَلِقَ مِنهَا فِي النِّقَاشِ مَعاً؟ فَإِذَا استَطَاعَ ذَلِكَ كَانَ بِهِ, وَإِنْ لَمْ يَستَطِعْ سَاعَدْنَاهُ حَتَّى نَخْلُصَ فِي النِّهَايَةِ إِلَى حَصْرِهَا فِي: الإِنسَانِ وَالحَيَاةِ وَالكَونِ. ثُمَّ نَبدَأُ بِمُنَاقَشَةِ كُلِّ مُسَمَّىً وَحدَهُ عَلَى انفِرَادٍ مِنْ حَيثُ أرَبَعَةُ أُمُورٍ هِيَ: العَجْزٌ, وَالنَّقْصُ, وَالاحتِيَاجُ, والمحدودية, فَنَضَعُ أمَامَ مَنْ نُنَاقِشُهُ اثنَي عَشَرَ سُؤَالاً:
- نَبدَأُ بِالإِنسَانِ أوَّلاً: هَلِ الإِنسَانُ عَاجِزٌ؟ وَنَاقِصُ؟ وَمُحتَاجٌ؟ وَمَحدُودٌ؟
- ثُمَّ نَنتَقِلُ إِلَى الحَيَاةِ ثَانِياً: هَلِ الحَيَاةُ عَاجِزَةٌ؟ وَنَاقِصَةٌ؟ ومُحتَاجَةٌ؟ وَمَحدُودَةٌ؟
- ثُمَّ نَنتَقِلُ إِلَى الكَونِ ثَالثاً: هَلِ الكَونُ عَاجِزٌ؟ وَنَاقِصُ؟ وَمُحتَاجٌ؟ وَمَحدُودٌ؟
فَإِذَا استَطَعنَا أنْ نُثبِتَ العَجْزَ وَالنَّقْصَ وَالاحتِيَاجَ وَالمَحدُودِيَّةَ إِلَى كُلٍّ مِنَ الإِنسَانِ وَالحَيَاةِ وَالكَونِ, فَإِنَّنا نَكُونُ بِذَلِكَ قَد أثبَتنَا أنَّهَا مَخلُوقَةٌ لِغَيرِهَا لأنَّ المَحدُودَ لَيسَ أَزَلِياً, وَإِلا لَمَا كَانَ مَحدُوداً, وَقَدِ احتَاجَ إِلَى مَنْ يُحَدِّدُ لَهُ البِدَايَةَ, فَلا بُدَّ مِنْ أنْ يَكُونَ المَحدُودُ مَخْلُوقاً لِغَيرِهِ.
وَالمُشَاهَدُ بِالحِسِّ أنَّ الإِنسَانَ وَالحَيَاةَ وَالكَونَ كُلُّهَا عَاجِزَةٌ وَنَاقِصَةٌ وَمُحتَاجَةٌ: فَالإِنسَانُ عَاجِزٌ تَعتَرِيهِ حَالاتُ ضَعْفٍ, وَهُوَ نَاقِصٌ فِي عَقلِهِ وَقُدُرَاتِهِ, وَهُوَ مُحتَاجٌ إِلَى مَنْ يُعِينُهُ. وَالحَيَاةُ عَاجِزَةٌ فِيهَا آلامٌ وَأمرَاضٌ, وَنَاقِصَةٌ يَنقُصُهَا نِظَامٌ وَمِنهَاجٌ. وَهِيَ مُحتَاجَةٌ لِلمَاءِ وَالهَوَاءِ وَالغِذَاءِ. وَكَذَلِكَ الكَونُ فَهُوَ عَاجِزٌ عَنْ وَضْعِ نِظَامٍ لِنَفْسِهِ, وَهُوَ نَاقِصٌ يَنقُصُهُ البِنَاءُ وَالتَّعمِيرُ. وَمُحتَاجٌ لِلنِّظَامِ الَّذِي يُسَيِّرُهُ. وَالمُشَاهَدُ بِالحِسِّ أيضًا أنَّ الإِنسَانَ وَالحَيَاةَ وَالكَونَ كُلُّهَا مَحدُودَةٌ: فَالإِنسَانُ ينمُو في كلِّ شيءٍ إلى حَدٍ لا يتجاوَزُهُ، فَهُوَ مَحْدُودٌ. وَالحَيَاةُ مَظهَرَهَا فَرْدِيٌ فَقَطْ، وَالمُشَاهَدُ بِالحِسِّ أنَّهَا تَنْتَهِي فِي الفَردِ فَهِيَ مَحدُودَةٌ. وَالكُونُ مَجمُوعُ أَجرَامٍ وَكُلُّ جِرْمٍ مِنهَا مَحدُودٌ، وَمَجمُوعُ المَحدُودَاتِ مَحدُودٌ بَدَاهَةً. بَعدَ ذَلِكَ نَبدَأُ مُنَاقَشَتَنَا بِصِفَاتِ الخَالِقِ فَتَقُولُ: وَهَذَا الغَيرُ هُوَ خَالِقُ الإِنسَانِ وَالحَيَاةِ وَالكَونِ لَهُ أحَدُ ثَلاثِ احتِمَالاتٍ نَستَعرِضُهَا وَاحِدًا بَعدَ الآخَرِ:
الاحتِمَالُ الأوَّلُ: أَنْ يَكُونَ مَخلُوقاً لِغَيرِهِ. وَهُوَ احتِمَالٌ بَاطِلٌ؛ لأنَّهُ يَكُونُ مَحدُوداً. والاحتِمَالُ الثَّانِي أنْ يَكُونَ خَالِقاً لِنَفسِهِ. وَهُوَ بَاطِلٌ أيضًا؛ لأنَّهُ يَكُونُ مَخلُوقاً لِنَفسِهِ وَخَالِقاً لِنَفسِهِ فِي آنٍ وَاحِدٍ. فلم يبق إلا الاحتِمَالُ الثَّالِثُ: وهو أنْ يَكُونَ الخَالِقُ أزَلِياً وَاجِبَ الوُجُودِ وَهُوَ اللهُ تَعَالَى. عَلَى أنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ لَهُ عَقْلٌ، يُدرِكُ مِنْ مُجَرَّدِ وُجُودِ الأشيَاءِ الَّتِي يَقَعُ عَلَيْهَا حِسُّهُ، أَنَّ لهَا خَالِقاً خَلَقَهَا، لأَنَّ المُشَاهَدَ فِيهَا جَمِيعِهَا أَنَّهَا نَاقِصَةٌ، وَعَاجِزَةٌ وَمُحتَاجَةٌ لِغَيرِهَا، فهِيَ مَخلُوقَةٌ قَطْعاً.
بَقِيَ أنْ نَلفِتَ الانتِبَاهَ إِلَى أنَّ صِفَاتِ المَخلُوقِ عَلَى النَّقِيضِ مِنْ صِفَاتِ الخَالِقِ جَلَّ وَعَلا, فَإِذَا كَانَ المَخلُوقُ مُمْكِنَ الوُجُودِ فَالخَالِقُ وَاجِبُ الوُجُودِ, وَإِذَا كَانَ المَخلُوقُ عَاجِزاً فَالخَالِقُ قَادِرٌ, وَإِذَا كَانَ المَخلُوقُ نَاقِصاً فَالخَالِقُ كَامِلٌ, وَإِذَا كَانَ المَخلُوقُ مُحتَاجاً لِغَيرِهِ فَالخَالِقُ مُستَغْنٍ عَنِ العَالَمِينَ, وَإِذَا كَانَ المَخلُوقُ مَحْدُوداً فَالخَالِقُ سُبحَانَهُ أزَلِيٌّ.
أيها المؤمنون:
نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم عَلى حُسنِ استِمَاعِكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.