- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام
(ح155) معاون التفويض حاكم, وولايته عامة
الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ, وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ, وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ, وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ, والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ, خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ, وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ, الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ, وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ, وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ.
أيها المؤمنون:
السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا "بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام" وَمَعَ الحَلْقَةِ الخَامِسَةِ وَالخَمْسِينَ بَعدَ المِائَةِ, وَعُنوَانُهَا: "مُعَاوِنُ التَّفوِيضِ حَاكِمٌ, وَوِلَايَتُهُ عَامَّةٌ". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَتَينِ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ بَعدَ المِائَةِ مِنْ كِتَابِ "نظامُ الإسلام" لِلعَالِمِ والـمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ. يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ:
المادة 48- لَا يُخَصَّصُ مُعَاوِنُ التَّفوِيضِ بِأَيِّ دَائِرَةٍ مِنْ دَوَائِرِ الجِهَازِ الإِدَارِيِّ، وَإِنَّمَا يَكُونُ إِشرَافُهُ عَامّاً، لِأَنَّ الَّذِينَ يُبَاشِرُونَ الأُمُورَ الإِدَارِيَّةَ أُجَرَاءُ وَلَيسُوا حُكَّاماً، وَمُعَاوِنُ التَّفوِيضِ حَاكِمٌ، وَلَا يُقَلَّدُ تَقلِيداً خَاصّاً بِأَيٍّ مِنَ الأَعْمَالِ لِأَنَّ وِلَايَتَهُ عَامَّةٌ.
المادة 49- يُعَيِّنُ الخَلِيفَةُ مُعَاوِناً لِلتَّنفِيذِ، وَعَمَلُهُ مِنَ الأَعْمَالِ الإِدَارِيَّةِ، وَلَيسَ مِنَ الحُكْمِ وَدَائِرَتُهُ هِيَ جِهَازٌ لِتَنفِيذِ مَا يَصدُرُ عَنِ الخَلِيفَةِ لِلجهَاتِ الدَّاخِلِيَّةِ وَالخَارِجِيَّةِ، وَلِرَفْعِ مَا يَرِدُ إِلَيهِ مِنْ هَذِهِ الجِهَاتِ، فَهِيَ وَاسِطَةٌ بَينَ الخَلِيفَةِ وَغَيرِهِ، تُؤَدِّي عَنهُ، وَتُؤَدِّي إِلَيهِ فِي الأُمُورِ الآتِيَةِ:
أ -العَلَاقَاتِ مَعَ الرَّعِيَّةِ.
ب-العَلَاقَاتِ الدَّولِيَّةِ.
ج-الجَيشُ أَوْ الجُندُ.
د-أَجهِزَةُ الدَّولَةِ الأُخرَى غَيرِ الجَيش.ِ
وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: أَيُّهَا الصَّائِمُونْ, يَا أُمَّةَ الإِيمَانْ, يَا أُمَّةَ القُرآنْ, يَا أُمَّةَ الإِسلَامْ, يَا أُمَّةَ التَّوحِيدْ, يَا مَنْ آمَنتُمْ بِاللهِ رَبّاً, وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيّاً وَرَسُولاً, وَبِالقُرآنِ الكَرِيمِ مِنهَاجاً وَدُستُوراً, وَبِالإسلَامِ عَقِيدَةً وَنِظَاماً لِلْحَياَة,ِ أَيُّهَا الـمُسلِمُون فِي كُلِّ مَكَانْ, فَوقَ كُلِّ أَرضٍ, وَتَحتَ كُلِّ سَمَاءْ, يَا خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَتْ لِلنَّاسِ, أَيُّهَا الـمُؤمِنُونَ الغَيُورُونَ عَلَى دِينِكُمْ وَأُمَّتِكُمْ.
أعَدَّ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ هُوَ وَإِخوَانُهُ العُلَمَاءُ فِي حِزْبِ التَّحرِيرِ دُستُورَ الدَوْلَةِ الإِسْلامِيَّةِ, وَهَا هُوَ يُوَاصِلُ عَرْضَهُ عَلَيكُمْ حَتَّى تدرُسُوهُ وَأنتمْ تَعْمَلُونَ مَعَنَا لإِقَامَتِهَا, وَهَاتَانِ هُمَا الـمَادَّتَانِ الثَّامِنَةُ وَالأَربَعُونَ, وَالتَّاسِعَةُ وَالأَربَعُونَ. وَإِلَيكُمْ بَيَانَ أَدِلَّةِ هَاتَينِ الـمَادَّتين مِنْ كِتَابِ مَقَدِّمَةِ الدُّستُورِ, وهِيَ عَلَى النَّحْوِ الآتِي:
أولا: المادة 48: دَلِيلُهَا هُوَ مَا تَعنِيهِ كَلِمَةُ "وَزِيرَايَ" فِي الحَدِيثِ الَّذِي أَخرَجَهُ التِّرمِذِيُّ، مِنْ أَنَّ الـمُعَاوِنَ هُوَ مُعَاوِنٌ لِلخَلِيفَةِ فِي الخِلَافَةِ أَيْ فِي الحُكْمِ، فَهُوَ حَاكِمٌ وَلَيسَ أَجِيراً. وَلِذَلِكَ لَا يَجُوزُ مُبَاشَرَتُهُ الأُمُورَ الإِدَارِيَّةَ فَإِنَّ الَّذِينَ يُبَاشِرُونَ الأُمُورَ الإِدَارِيَّةَ أُجَرَاءُ, وَلَيسُوا حُكَّاماً. وَالـمُعَاوِنُ حَاكِمٌّ وَلَيسَ بِأَجِيرٍ، فَعَمَلُهُ رِعَايَةُ الشُّؤُونِ, وَلَيسَ القِيَامَ بِالأَعمَالِ الَّتِي يُستَأْجَرُ الأُجَرَاءُ لِلقِيَامِ بِهَا. وَمِنْ هُنَا جَاءَتْ عَدَمُ مُبَاشَرَتِهِ الأُمُورَ الإِدَارِيَّةَ. وَلَيسَ مَعنَى هَذَا أَنَّهُ مَمنُوعٌ مِنَ القِيَامِ بِأَيِّ عَمَلٍ إِدَارِيٍّ، بَلْ مَعنَاهُ أَنَّهُ لَا يَختَصُّ بِأَعْمَالِ الإِدَارَةِ بَلْ لَهُ عُمُومُ النَّظَرِ.
أَمَّا عَدَمُ تَقلِيدِهِ تَقلِيداً خَاصّاً فَلِأَنَّهُ مُعَاوِنٌ، وَالمُعَاوِنُ يُقَلَّدُ بِالنِّيَابَةِ وَعُمُومِ النَّظَرِ. وَلِهَذَا فَهُوَ لَا يَحتَاجُ إِلَى تَقلِيدٍ جَدِيدٍ لِكُلِّ أَمْرٍ يَستَعِينُ الخَلِيفَةُ بِهِ، أَو لِأَيَّ مَكَانٍ يُرسِلُهُ إِلَيهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ تَقلِيدَهُ لَيسَ خَاصّاً. أَمَّا الَّذِي يُقَلَّدُ تَقلِيداً خَاصّاً فَإِنَّهُ يَكُونُ وَالِياً وِلَايَةً خَاصَّةً مِثْلُ قَاضِي القُضَاةِ, وَأَمِيرِ الجَيشِ, وَوَالِي الصَّدَقَاتِ وَأَمثَالِهَا، وَهَذَا يَحتَاجُ إِلَى تَقلِيدٍ جَدِيدٍ فِي كُلِّ وِلَايَةٍ خَاصَّةٍ يُكَلَّفُ بِهَا.
ثانيا: المادة 49: وَزِيرُ التَّنفِيذِ هُوَ الوَزِيرُ الَّذِي يُعيِّنُهُ الخَلِيفَةُ لِيَكُونَ مُعَاوِناً لَهُ فِي التَّنفِيذِ وَالـمُلَاحَقَةِ وَالأَدَاءِ، وَيَكُونُ وَسِيطاً بَينَ الخَلِيفَةِ وَبَينَ أَجْهِزَةِ الدَّولَةِ وَالرَّعَايَا وَالخَارِجِ: يُؤَدِّي عَنهُ، وَيُؤَدِّي إِلَيهِ. فَهُوَ مُعِينٌ فِي تَنفِيذِ الأُمُورِ، وَلَيسَ بِوَالٍ عَلَيهَا، وَلَا مُتَقَلِّدٍ لَهَا. فَعَمَلُهُ مِنَ الأَعْمَالِ الإِدَارِيَّةِ، وَلَيسَ مِنَ الحُكْمِ. وَدَائِرَتُهُ هِيَ جِهَازٌ لِتَنفِيذِ مَا يَصدُرُ عَنِ الخَلِيفَةِ لِلجهَاتِ الدَّاخِلِيَّةِ، وَالخَارِجِيَّةِ، وَلِرَفْعِ مَا يَرِدُ إِلَيهِ مِنْ هَذِهِ الجِهَاتِ، فَهِيَ وَسِيطَةٌ بَينَ الخَلِيفَةِ وَبَينَ غَيرِهِ: تُؤَدِّي عَنهُ، وَتُؤَدِّي إِلَيهِ.
وَقَد كَانَ وَزِيرُ التَّنفِـيذِ يُسَمَّى (الكَاتِبَ) عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ r وَالخُلَفَاءِ الرَّاشِـدِينَ، ثُمَّ صَـارَ يُسَـَّمى (صَاحِبَ دِيوَانِ الرَّسَائِلِ) أو المُكَاتَبَاتِ، ثُمَّ استَقَرَّ عَلَى (كَاتِبِ الإِنشَاءِ) أَوْ (صَاحِبِ دِيوَانِ الإِنشَاءِ)، ثُمَّ سُمِّيَ (وَزِيرَ تَنفِيذٍ) عِندَ الفُقَهَاءِ.
وَأَمَّا عَنْ أَعْمَالِهِ فِي الأُمُورِ الأَربَعَةِ المَذكُورَةِ، فَمِنَ استِقرَاءِ الأَدِلَّةِ المُتَعَلِّقَةِ بِالكَاتِبِ (وَزِيرِ التَّنفِيذِ) فِي عَهْدِ الرَّسُولِ r وَالخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ عَلَى مَلأٍ مِنَ الصَّحَابَةِ:
أ - العَلَاقَاتُ مَعَ الرَّعِيَّةِ: وَمِنَ الأَمثِلَةِ عَلَيهَا: الكُتُبُ المُوَجَّهَةُ إِلَى الرَّعِيَّةِ بِشَكلٍ مُبَاشَرٍ. وَمِنهَا: كتابُهُ r لأهـلِ نَجـرَانَ: رَوَاهُ أَبُو عُبَيدٍ فِي الأَموَالِ عَنْ أَبِي المُلَيحِ الهُذَلِيِّ وَفِي آخِرِهِ: «شَهِدَ بِذَلِكَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَمُعَيْقِيبُ، وَكَتَبَ». وَرَوَاهُ أَبُـو يُوسُفُ فِي الخَرَاجِ، وَذَكَرَ أَنَّ الكَاتِبَ هُوَ المُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ. ثُمَّ ذَكَرَ أَبُو يُوسُفَ كِتَابَ أِبِي بَكْرٍ لَهُمْ, وَأَنَّ الكَاتِبَ هُوَ المُغِيرَةُ، ثُمَّ ذَكَرَ كِتَابَ عُمَرَ, وَالكَاتِبُ مُعَيقِيبَ، ثُمَّ كِتَابَ عُثمَانَ لَهُمْ, وَالكَاتِبُ مَولَاهُ حَمرَانَ، ثُمَّ كِتَابَ عَلِيٍّ, وَالكَاتِبُ عَبدُ اللهِ بْنَ أَبِي رَافِعٍ.
وَمِنهَا: كِتَابُهُ r لِتَميمٍ الدَّارِيِّ: ذَكَرَ أَبُو يُوسُفُ فِي الخَرَاجِ قَالَ: «قَامَ تَمِيمٌ الدَّارِيُّ وَهُوَ تَمِيمُ بْنُ أَوْسٍ - رَجُلٌ مِنْ لَخْمٍ - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ لِي جِيرَةً مِنَ الرُّومِ بِفِلَسْطِينَ، لَهُمْ قَرْيَةٌ يُقَالُ لَهَا حِبْرَى، وَأُخْرَى يُقَالُ لَهَا عَيْنُونُ، وَإِنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكَ الشَّامَ فَهَبْهُمَا لِي، فَقَالَ: هُمَا لَكَ. قَالَ: فَاكْتُبْ لِي بِذَلِكَ، فَكَتَبَ لَهُ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لِتَمِيمِ بْنِ أَوْسِ الدَّارِيِّ، أَنَّ لَهُ قَرْيَةَ حِبْرَى وَبَيْتَ عَيْـنُونَ قَرْيَتُهَا كُلُّهَا، وَسَهْلُهَا وَجَبَلُهَا وَمَاؤُهَا وَحَرْثُهَا وَأَنْبَاطُهَا وَبَقَرُهَا وَلِعَقِبِهِ مِنْ بَعْدِهِ، لاَ يُحَاقُّهُ فِيهَا أَحَدٌ، وَلاَ يُلْحِدُ عَلَيْهِمْ أَحَدٌ بِظُلْمٍ، فَمَنْ ظَلَمَ وَأَخَذَ مِنْهُمْ شَيْئاً فَإِنَّ عَلَيْهِ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ. وَكَتَبَ عَلِيٌ».
فَلَمَّا وَلِيَ أَبُو بَكْرٍ كَتَبَ لَـهُمْ كِتَاباً نُسختُهُ: «بسم الله الرحمن الرحيم، هَذَا كِتَابٌ مِنْ أَبِي بَكْرٍ أَمِينِ رَسُولِ اللهِ r الَّذِي استُخلِفَ فِي الأَرْضِ، كَتَبَهُ لِلدَّارِيِّينَ، أَنْ لَا يُفسَدَ عَلَيهِمْ مَا بِيَدِهِمْ مِنْ قَريَةِ حِبْرَى وَعينُونَ، فَمَنْ كَانَ يَسمَعُ وَيُطِيعُ للهِ فَلَا يُفْسِدْ مِنهُمَا شَيئاً، وَلِيُقِمْ عَمُودَي البَابَينِ عَلَيهِمَا، وَلْيمَنَعْهُمَا مِنَ المُفسِدِينَ».
ب- العَلَاقَاتُ الدَّولِيَّةُ. وَمِنَ الأَمثِلَةِ عَلَيهَا: صُلْحُ الحُدَيبِيَةِ: جاء في ما رواه البخاري من طريق المسور ومروان: «فَدَعَا النَّبِيُّ r الكَاتِبَ ...». ورواه أبو يوسف في كتاب الخراج قال أبو يوسف: «وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَقَ وَالكَلْبِيُّ، زَادَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الحَدِيثِ، وَفِيهِ: وَقَالَ: اكْتُبُوا ...» ولم يذكر اسم الكاتب. ورواه ابن كثير قال: «قَالَ ابْنُ إِسْحَقَ قَالَ الزُّهْرِيُّ ... ثُمَّ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ r عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبَ t فَقَالَ: اكْتُبْ ...».
وَرَوَاهُ أَبُو عُبَيدٍ فِي الأَموَالِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَفِيهِ: «... فَقَالَ لِعَلِيٍّ: أُكْـتُبْ يَا عَلِيُّ ...». وَرَوَاهُ الحَاكِمُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَصَحَّحَهُ وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ وَفِيهِ: «... اُكْتُبْ يَا عَلِيُّ ...». وَنَصَّ هَذَا الصُّلْحُ مَشهُورٌ, وَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِ هُنَا.
ج - الجَيشُ أَوِ الجُندُ. وَمِنْ مُكَاتَبَاتِهِ: كِتَابُ أَبِي بَكْرٍ إِلَى خَالِدٍ يَأمُرُهُ بِالمَسِيرِ إِلَى الشَّامِ. قَالَ أَبُو يُوسُفَ فِي كِتَابِ الخَرَاجِ: «وَكَانَ خَالِدٌ أَرَادَ أَنْ يَتَّخِذَ الحِيرَةَ دَاراً يُقِيمُ بِهَا، فَأَتَاهُ كِتَابُ أَبِي بَكْرٍ يَأمُرُهُ بِالمَسِيرِ إِلَى الشَّامِ مَدَداً لِأَبِي عُبَيدَةَ وَالمُسلِمِينَ ...».
د - أَجهِزَةُ الدَّولَةِ الأُخرَى غَيرِ الجَيش.ِ وَمِنْ مُرَاسَلَاتِ هَذَا النَّوعِ وَكُتُبِهِ: كِتَابُهُ r فِي العُشْرِ إِلَى مُعَاذٍ: رَوَى يَحْيَى بْنُ آدَمَ فِي كِتَابِ الخَرَاجِ عَنِ الحَسَنِ قَالَ: «كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ r إِلَى مُعَاذٍ بِالْيَمَنِ: فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ أَوْ سُقِيَ غَيْلاً العُشْرُ، وَمَا سُقِيَ بِالغَرْبِ فَنِصْفُ العُشْرِ». وَرُوِيَ عَنِ الشَّعبِيِّ مِثلُهُ. وَرَوَاهُ ابنُ أَبِي شَيبَةَ فِي مُصَنَّفِهِ عَنِ الحُكْمِ.
وَلِلخَلِيفَةِ أَنْ يُعَيِّنَ كتَّاباً بِالقَدْرِ الَّذِي يَحتَاجُهُ فِي مُكَاتَبَاتِهِ، بَلْ إِنَّهُ يَصِلُ إِلَى حَدِّ الوَاجبِ إِنْ كَانَ لَا يَتِمُّ القِيَامُ بِالوَاجِبِ إِلَّا بِتَعيِينِهِمْ. وَقَدْ ذَكَرَ أَصْحَابُ السِّيَرِ أَنَّهُ كَانَ لِرَسُولِ اللهِ r حَوَالَي عِشرِينَ كَاتِبا.
أيها المؤمنون:
نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.