الأربعاء، 23 جمادى الثانية 1446هـ| 2024/12/25م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!
بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام (ح156) معاون التنفيذ - تقسيم البلاد التي تحكمها الدولة إلى ولايات

بسم الله الرحمن الرحيم

 

بلوغ المرام من كتاب نظام الإسلام

 

 (ح156) معاون التنفيذ - تقسيم البلاد التي تحكمها الدولة إلى ولايات

 

 

 

الحَمْدُ للهِ ذِي الطَّولِ وَالإِنْعَامْ, وَالفَضْلِ وَالإِكرَامْ, وَالرُّكْنِ الَّذِي لا يُضَامْ, وَالعِزَّةِ الَّتِي لا تُرَامْ, والصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ خَيرِ الأنَامِ, خَاتَمِ الرُّسُلِ العِظَامْ, وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَأتبَاعِهِ الكِرَامْ, الَّذِينَ طَبَّقُوا نِظَامَ الإِسلامْ, وَالتَزَمُوا بِأحْكَامِهِ أيَّمَا التِزَامْ, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ, وثَبِّتنَا إِلَى أنْ نَلقَاكَ يَومَ تَزِلُّ الأقدَامُ يَومَ الزِّحَامْ. 

 

أيها المؤمنون:

 

السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا: "بُلُوغُ المَرَامِ مِنْ كِتَابِ نِظَامِ الِإسْلَامِ"وَمَعَ الحَلْقَةِ السَّادِسَةِ وَالخَمْسِينَ بَعدَ المِائَةِ, وَعُنوَانُهَا:"مُعَاوِنُ التَّنفِيذِ - تَقسِيمُ البِلَادِ الَّتِي تَحكُمُهَا الدَّولَةُ إِلَى وِلَايَاتٍ". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَّفحَتين الرَّابِعَةِ وَالخَامِسَةِ بَعْدَ المِائَةِ مِنْ كِتَابِ "نظامُ الإسلام" لِلعَالِمِ والـمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ. يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ:

 

المادة 50- يَكُونُ مُعَاوِنُ التَّنفِيذِ رَجُلاً مُسلِماً لِأَنَّهُ مِنْ بِطَانَةِ الخَلِيفَةِ.

 

المادة 51- يَكُونُ مُعَاوِنُ التَّنفِيذِ مُتَّصِلاً مُبَاشَرَةً مَعَ الخَلِيفَةِ، كَمُعَاوِنِ التَّفوِيضِ، وَيُعتَبَرُ مُعَاوِناً, وَلَكِنْ فِي التَّنفِيذِ, وَلَيسَ فِي الحُكْمِ.

 

المادة 52- تُقَسَّمُ البِلَادُ الَّتِي تَحكُمُهَا الدَّولَةُ إِلَى وِحْدَاتٍ، وَتُسَمَّى كُلُّ وِحْدَةٍ وِلَايَةً، وَتُقَسَّمُ كُلُّ وِلَايَةٍ إِلَى وِحْدَاتٍ تُسَمَّى كُلُّ وِحْدَةٍ مِنهَا عِمَالَةً، وَيُسَمَّى كُلُّ مَنْ يَتَوَلَّى الوِلَايَةَ وَالِياً أَو أَمِيراً، وَيُسَمَّى كُلُّ مَنْ يَتَوَلَّى العِمَالَةِ عَامِلاً أَو حَاكِماً.

 

وَنَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: يَا أُمَّةَ الإِيمَانْ, يَا أُمَّةَ القُرآنْ, يَا أُمَّةَ الإِسلَامْ, يَا أُمَّةَ التَّوحِيدْ, يَا مَنْ آمَنتُمْ بِاللهِ رَبّاً, وَبِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَبِيّاً وَرَسُولاً, وَبِالقُرآنِ الكَرِيمِ مِنهَاجاً وَدُستُوراً, وَبِالإسلَامِ عَقِيدَةً وَنِظَاماً لِلْحَياَة,ِ أَيُّهَا الـمُسلِمُون فِي كُلِّ مَكَانْ, فَوقَ كُلِّ أَرضٍ, وَتَحتَ كُلِّ سَمَاءْ, يَا خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَتْ لِلنَّاسِ, أَيُّهَا الـمُؤمِنُونَ الغَيُورُونَ عَلَى دِينِكُمْ وَأُمَّتِكُمْ.

 

أعَدَّ الشَّيخُ تَقِيُّ الدِّينِ النَّبهَانِيُّ هُوَ وَإِخوَانُهُ العُلَمَاءُ فِي حِزْبِ التَّحرِيرِ دُستُورَ الدَوْلَةِ الإِسْلامِيَّةِ, وَهَا هُوَ يُوَاصِلُ عَرْضَهُ عَلَيكُمْ حَتَّى تدرُسُوهُ وَأنتمْ تَعْمَلُونَ مَعَنَا لإِقَامَتِهَا, وَهَذه هي المَوَادُّ الخَمْسُون وَالوَاحِدَةُ وَالخَمْسُونَ, والثَّانِيَةُ وَالخَمْسُونَ. وَإِلَيكُمْ بَيَانَ أَدِلَّةِ هَذه الـمَوادِّ مِنْ كِتَابِ مَقَدِّمَةِ الدُّستُورِ, وهِيَ عَلَى النَّحْوِ الآتِي:

 

أولا: المادة الخمسون: بِمَا أَنَّ مُعَاوِنَ التَّنفِيذِ مُتَّصِلٌ مُبَاشَرَةً مَعَ الخَلِيفَةِ، كَمُعَاوِنِ التَّفوِيضِ، وَهُوَ مِنْ بِطَانَةِ الخَلِيفَةِ، وَعَمَلُهُ لَصِيقٌ بِالحَاكِمِ (الخَلِيفَةِ)، وَيَقتَضِي عَمَلُهُ مُطَالَعَةَ الخَلِيفَةِ وَالاجتِمَاعَ بِهِ اجتِمَاعاً مَعزُولاً فِي أَيِّ وَقْتٍ مِنَ اللَّيلِ أَوِ النَّهَارِ، وَهَذَا لَا يَتَنَاسَبُ مَعَ ظُرُوفِ الـمَرأَةِ وَفْقَ أَحْكَامِ الشَّرعِ، لِذَلِكَ فَإِنَّ مُعَاوِنَ التَّنفِيذِ يَكُونُ رَجُلاً. كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُعَاوِنُ التَّنفِيذِ كَافِراً، بَلْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُسلِماً؛ لِكَونِهِ مِنْ بِطَانَةِ الخَلِيفَةِ؛ لِقَولِهِ سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَألُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ البَغضَاءُ مِنْ أَفوَاهِهِمْ وَمَا تُخفِي صُدُورُهُمْ أَكبَرُ). (آل عمران 118)، فَالنَّهْيُ عَنِ اتِّخَاذِ الخَلِيفَةِ بِطَانَةً لَهُ مِنْ غَيرِ الـمُسلِمِينَ صَرِيحٌ فِي هَذِهِ الآيَةِ؛ لِذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُعَاوِنُ التَّنفِيذِ كَافِراً، بَلْ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُسلِماً، لِكَونِهِ مُتَّصِلًا مُبَاشَرَةً مَعَ الخَلِيفَةِ، لَا يَنفَصِلُ عَنهُ، كَمُعَاوِنِ التَّفوِيضِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُعَاوِنُ التَّنفِيذِ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ حَسَبَ الحَاجَةِ، وَحَسَبَ العَمَلِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ وَسِيطًا بَينَ الخَلِيفَةِ وَغَيرِهِ.

 

ثانيًا: المادة الحادية والخمسون: إِنَّ الخَلِيفَةَ حَاكِمٌ يَقُومُ بِالحُكْمِ وَالتَّنفِيذِ، وَرِعَايَةِ شُؤُونِ النَّاسِ. وَالقِيَامُ بِالحُكْمِ وَالتَّنفِيذِ وَالرِّعَايَةِ يَحتَاجُ إِلَى أَعْمَالٍ إِدَارَيَّةٍ، وَهَذَا يَقتَضِي إِيجَادَ جِهَازٍ خَاصٍّ، يَكُونُ مَعَ الخَلِيفَةِ لِإِدَارَةِ الشُّؤُونِ الَّتِي يَحتَاجُهَا لِلقِيَامِ بِمَسؤُولِيَّاتِ الخِـلَافَةِ، فَاقتَضَى إِيجَادَ مُعَاوِنٍ لِلتَّنفِيذِ يُعيِّنُهُ الخَلِيفَةُ، يَقُومُ بِأَعمَالِ الإِدَارَةِ، لَا بِأَعْمَالِ الحُكْمِ، فَعَمَلُهُ مُعَاوَنَةُ الخَلِيفَةِ فِي الإِدَارَةِ، لَا فِي الحُكْمِ، فَلَيسَ لَهُ أَنْ يَقُومَ بِأَيِّ عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ الحُكْمِ، كَمُعَاوِنِ التَّفوِيضِ، فَلَا يُعيِّنُ وَالِياً وَلَا عَامِلاً، وَلَا يَرعَى شُؤُونَ النَّاسِ، وَإِنَّمَا عَمَلُهُ إِدَارِيٌّ لِتَنفِيذِ أَعْمَالِ الحُكْمِ، وَأَعْمَالُ الإِدَارَةِ الَّتِي تَصدُرُ عَنِ الخَلِيفَةِ، أَوْ تَصدُرُ عَنْ مُعَاوِنِ التَّفوِيضِ. وَلِذَلِكَ أُطلِقَ عَلَيهِ مُعَاوِنُ تَنفِيذٍ. وَالفُقَهَاءُ كَانُوا يُطلِقُونَ عَلَيهِ وَزِيرَ تَنفِيذٍ، أَيْ مُعَاوِنَ تَنفِيذٍ، عَلَى أَسَاسِ أَنَّ كَلِمَةَ وَزِيرٍ تُطْلَقُ لُغَةً عَلَى الـمُعِينِ. وَقَالُوا: هَذَا الوَزِيرُ وَسِيطٌ بَينَ الخَلِيفَةِ وَبَينَ الرَّعَايَا وَالوُلَاةِ، يُؤَدِّي عَنهُ مَا أَمَرَ، وَيُنفِّذُ مَا صَدَرَ، ويُمضِي مَا حَكَمَ، وَيُخبِرُ بِتَقلِيدِ الوُلَاةِ، وَتَجهِيزِ الجَيشِ وَالحُمَاةِ، وَيَعرِضُ عَلَى الخَلِيفَةِ مَا وَرَدَ مِنهُمْ، وَمَا تَجَدَّدَ مِنْ حَدَثٍ مُلمٍّ لِيَعْمَلَ فِيهِ بِمَا يُؤمَرُ بِهِ. فَهُوَ مُعِينٌ فِي تَنفِيذِ الأُمُورِ، وَلَيسَ بِوَالٍ عَلَيهَا، وَلَا مُتَقَلِّدٍ لَـهَا. فَهُوَ أَشبَهُ بِرَئِيسِ دِيوَانِ رُؤَسَاءِ الدُّوَلِ فِي الوَقْتِ الحَاضِرِ.

 

ثالثًا: المادة الثانية والخمسون: الوُلَاةُ حُكَّامٌ إِذِ الوِلَايَةُ هِيَ الحُكْمُ. قَالَ فِي القَامُوسِ الـمُحِيطِ: "وَوُلِّيَ الشَّيءَ وَعَلَيهِ وِلَايَةً, وَوَلَايَةً أَوْ هِيَ الـمَصدَرُ, وَبِالكَسْرِ الخُطَّةُ وَالإِمَارَةُ وَالسُّلطَانُ". وَهِيَ تَحتَاجُ إِلَى تَقلِيدٍ مِنَ الخَلِيفَةِ أَوْ مِمَّنْ يُنِيبُهُ فِي هَذَا التَّقلِيدِ، فَلَا يُعَيَّنُ الوَالِي إِلَّا مِنْ قِبَلِ الخَلِيفَةِ. وَالأَصْلُ فِي الوِلَايَةِ أَوِ الإِمَارَةِ أَيْ فِي الوُلَاةِ أَوِ الأُمَرَاءِ هُوَ عَمَلُ الرَّسُولِ r. فَإِنَّهُ r ثَبَتَ أَنَّهُ وَلَّى عَلَى البُلدَانِ وُلَاةً، وَجَعَلَ لَهُمْ حَقَّ حُكْمِ الـمُقَاطَعَاتِ، فَقَدْ وَلَّى مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ عَلَى الجُندِ، وَزِيَادَ بْنَ لَبِيدٍ عَلَى حَضْرَمَوتَ، وَوَلَّى أَبَا مُوسَى الأَشعَرِيَّ عَلَى زُبَيدَ وَعَدَنَ. وَالوَالِي نَائِبٌ عَنِ الخَلِيفَةِ، وَهُوَ يَقُومُ بِمَا يُنِيبُهُ الخَلِيفَةُ مِنَ الأَعمَالِ حَسَبَ الإِنَابَةِ. وَلَيسَ لِلوِلَايَةِ حَدٌّ مُعَيَّنٌ فِي الشَّرعِ، فَكُلُّ مَنْ يُنِيبُهُ الخَلِيفَةُ عَنهُ فِي عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ الحُكْمِ يُعتَبَرُ وَالياً فِي ذَلِكَ العَمَلِ، حَسَبَ الأَلفَاظِ الَّتِي يُعَيِّنُهَا الخَلِيفَةُ فِي تَولِيَتِهِ. وَلَكِنَّ وِلَايَةَ البُلدَانِ أَوِ الإِمَارَةَ مُحَدَّدَةُ الـمَكَانِ؛ لِأَنَّ الرَّسُولَ r كَانَ يُحَدِّدُ الـمَكَانَ الَّذِي يُوَلِّي فِيهِ الوَالِيَ، أَيْ يُقَلِّدُ الإِمَارَةَ لِلأَمِيرِ. إِلَّا أَنَّ هَذِهِ الوِلَايَةَ عَلَى ضَربَينِ: عَامَّةٍ, وَخَاصَّةٍ، فَالعَامَّةُ تَشْمَلُ جَمِيعَ أُمُورِ الحُكْمِ فِي الوِلَايَةِ، وَالتَّقلِيدُ فِيهَا أَنْ يُفَوِّضَ إِلَيهِ الخَلِيفَةُ إِمَارَةَ بَلَدٍ أَو إِقلِيمٍ وِلَايَةً عَلَى جَمِيعِ أَهْلِهِ، وَنَظَراً فِي المَعْهُودِ مِنْ سَائِرِ أَعمَالِهِ، فَيَصِيرُ عَامَّ النَّظَرِ. وَأَمَّا الإِمَارَةُ الخَاصَّةُ فَهُوَ أَنْ يَكُونَ الأَمِيرُ مَقْصُورَ الإِمَارَةِ عَلَى تَدبِيرِ الجَيشِ، وَسِيَاسَةِ الرَّعِيَّةِ، وَحِمَايَةِ البَيضَةِ، وَالذَّبِّ عَنِ الحَرِيمِ فِي ذَلِكَ الإِقلِيمِ، أَو ذَلِكَ البَلَدِ. وَلَيسَ لَهُ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِلقَضَاءِ، وَلِجِبَايَةِ الخَرَاجِ وَالصَّدَقَاتِ. وَقَدْ وَلَّى r وِلَايَةً عَامَّةً، فَوَلَّى عَمْرَو بْنَ حَزْمٍ اليَمَنَ وِلَايَةً عَامَّةً. وَوَلَّى r وِلَايَةً خَاصَّةً، فَوَلَّى عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ القَضَاءَ فِي اليَمَنِ. وَسَارَ مِنْ بَعدِهِ الخُلَفَاءُ عَلَى ذَلِكَ، فَكَانُوا يُوَلُّونَ وِلَايَةً عَامَّةً، فَقَدْ وَلَّى عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفيَانَ وِلَايَةً عَـامَّةً، وَكَانُوا يُوَلُّونَ وِلَايَةً خَاصَّةً، فَقَدْ وَلَّى عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَبدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ عَلَى البَصْرَةِ فِي غَيرِ المَالِ، وَوَلَّى زِيَاداً عَلَى الـمَالِ. وَكَانَتِ الوِلَايَةُ فِي العُصُورِ الأُولَى قِسمَينِ: وِلَايَةِ الصَّلَاةِ، وَوِلَايَةِ الخَرَاجِ. وَلِذَلِكَ تَجِدُ كُتُبَ التَّارِيخِ تَستَعْمِلُ فِي كَلَامِهَا عَلَى وِلَايَةِ الأُمَرَاءِ تَعبِيرَينِ: الأَوَّلَ: الإِمَارَةَ عَلَى الصَّلَاةِ، وَالثَّانِي: الإِمَارَةَ عَلَى الصَّلَاةِ وَالخَرَاجِ. أَيْ أَنَّ الأَمِيرَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ أَمِيرَ الصَّلَاةِ وَالخَرَاجِ، أَوْ أَمِيرَ الصَّلَاةِ وَحْدَهَا. وَلَيسَ مَعنَى كَلِمَةِ الصَّلَاةِ فِي الوِلَايَةِ أَوِ الإِمَارَةِ هُوَ إِمَامَةُ النَّاسِ فِي صَلَاتِهِمْ فَقَطْ، بَلْ مَعنَاهَا الوِلَايَةُ عَلَيهِمْ فِي جَمِيعِ الأُمُورِ مَا عَدَا الـمَالَ. فَكَلِمَةُ الصَّلَاةِ كَانَتْ تِعنِي الحُكْمَ بِاستِثنَاءِ جبَايَةِ الأَموَالِ. فَإِذَا جَمَعَ الوَالِي الصَّلَاةَ وَالخَرَاجَ كَانَتْ وِلَايَتُهُ عَامَّةً. وَإِنْ قَصَرُوا وِلَايَتَهُ عَلَى الصَّلَاةِ، أَوْ عَلَى الخَرَاجِ، كَانَتْ وِلَايَتُهُ خَاصَّةً. وَعَلَى كُلٍّ، هَذَا يَرجعُ لِتَرتِيبَاتِ الخَلِيفَةِ فِي الوِلَايَةِ الخَاصَّةِ, فَلَه أَنْ يُخَصِّصَهَا بِالخَرَاجِ، وَلَهُ أَنْ يُخَصِّصَهَا بِالقَضَاءِ, وَلَهُ أَنْ يُخَصِّصَهَا بِغَيرِ الـمَالِ وَالقَضَاءِ وَالجَيشِ، يَفْعَلُ مَا يَرَاهُ خَيراً لِإِدَارَةِ الدَّولَةِ أَوْ إِدَارَةِ الوِلَايَةِ. لِأَنَّ الشَّرعَ لَـمْ يُحَدِّدْ لِلوَالِي أَعْمَالاً مُعَيَّنَةً، وَلَـمْ يُوجبْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَمِيعُ أَعْمَالِ الحُكْمِ، وَإِنَّمَا حَدَّدَ عَمَلَ الوَالِي أَوِ الأَمِيرِ بِأَنَّهُ حُكْمٌ وَسُلطَانٌ، وَحَدَّدَ أَنَّهُ نَائِبٌ عَنِ الخَلِيفَةِ، وَحَدَّدَ أَنَّهُ إِنَّمَا يَكُونُ أَمِيراً عَلَى مَكَانٍ مُعَيَّنٍ، وَذَلِكَ بِمَا فَعَلَهُ الرَّسُولُ r، وَلَكِنَّهُ جَعَلَ لِلخَلِيفَةِ أَنْ يُوَلِّيَهُ وِلَايَةً عَامَّةً، وَأْنْ يُوَلِّيَهُ وِلَايَةً خَاصَّةً، فِيمَا يَرَى مِنْ أَعْمَالٍ وَذَلِكَ ظَاهِرٌ فِي عَمَلِ الرَّسُولِ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. وَبِنَاءً عَلَى تَحدِيدِ الرَّسُولِ r إِمَارَةَ الأَمِيرِ، أَوْ وِلَايَةَ الوَالِي فِي بَلَدٍ أَو إِقلِيمٍ، وُضِعَتِ الـمَادَّةُ الثَّانِيَةُ وَالخَمْسُونَ مِنْ تَقسِيمِ الدَّولَةِ إِلَى وِلَايَاتٍ, وَتَقسِيمِ الوِلَايَةِ إِلَى عَمَالَاتٍ.

 

Boloogh03 12 2024

 

أيها المؤمنون:

 

 

نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, وَلِلحَدِيثِ بَقِيَّةٌ, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ الْمَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ الرَّاشِدَةِ الثَّانِيَةِ عَلَىْ مِنْهَاْجِ النُّبُوَّةِ في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. نَشكُرُكُم, وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع