مع الحديث الشريف طاعة الله ورسوله أنفع لنا
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
جاء في مسند إمام أحمد، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ قَالَ كُنَّا نُحَاقِلُ بِالْأَرْضِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنُكْرِيهَا بِالثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَالطَّعَامِ الْمُسَمَّى فَجَاءَنَا ذَاتَ يَوْمٍ رَجُلٌ مِنْ عُمُومَتِي فَقَالَ نَهَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَمْرٍ كَانَ لَنَا نَافِعًا وَطَاعَةُ اللَّهِ وَرَسُولِهِ أَنْفَعُ لَنَا نَهَانَا أَنْ نُحَاقِلَ بِالْأَرْضِ فَنُكْرِيَهَا عَلَى الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ وَالطَّعَامِ الْمُسَمَّى وَأَمَرَ رَبَّ الْأَرْضِ أَنْ يَزْرَعَهَا أَوْ يُزْرِعَهَا وَكَرِهَ كِرَاءَهَا وَمَا سِوَى ذَلِكَ
قد يعرض على المرء أمورا يظن بأن بها نفعا، ولكن وكما جاء في الحديث الشريف أعلاه، فطاعة الله ورسوله أنفع. فالمنفعة ليست فيما يقرره العقل. بل المنفعة الحقيقية هي في طاعة الله ورسوله بالتقيد بالأحكام الشرعية. فمثلا، لا نفع في الربا، ولا نفع في المشاركة بالحكم في ظل الدول القائمة اليوم التي لا تحكم بالإسلام، ولا نفع في إرتباطنا بالدول الكبرى إقتصاديا أو سياسيا أو عسكريا. لأن كل ذلك مخالف لطاعة الله ورسوله.
وقد قَالَ الْحَافِظ شَمْس الدِّين بْن الْقَيِّم رَحِمَهُ اللَّه تعليقا على هذا الحديث الشريف الذي بين أيدينا :
أَنَّ الشَّارِع لَا يَنْهَى عَنْ الْمَنَافِع وَالْمَصَالِح , وَإِنَّمَا يَنْهَى عَنْ الْمَفَاسِد وَالْمَضَارّ وَهُمْ ظَنُّوا أَنْ قَدْ كَانَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ الْمَنْهِيّ عَنْهُ مَنْفَعَة , وَإِنَّمَا كَانَ فِيهِ عَلَيْهِمْ مَضَرَّة وَمَفْسَدَة مُقْتَضِيَة لِلنَّهْيِ , وَمَا تَخَيَّلُوهُ مِنْ الْمَنْفَعَة فَهِيَ مَنْفَعَة جُزْئِيَّة لِرَبِّ الْأَرْض لِاخْتِصَاصِهِ بِخِيَارِ الزَّرْع وَمَا يَسْعَد مِنْهُ بِالْمَاءِ وَمَا عَلَى أَقُبَال الْجَدَاوِل , فَهَذَا - وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَنْفَعَة لَهُ - فَهُوَ مَضَرَّة عَلَى الْمَزَارِع , فَهُوَ مِنْ جِنْس مَنْفَعَة الْمُرَابِي بِمَا يَأْخُذهُ مِنْ الزِّيَادَة , وَإِنْ كَانَ مَضَرَّة عَلَى الْآخَر . وَالشَّارِع لَا يُبِيح مَنْفَعَة هَذَا بِمَضَرَّةِ أَخِيهِ , فَجَوَاب رَافِع : أَنَّ هَذَا وَإِنْ كَانَ مَنْفَعَة لَكُمْ فَهُوَ مَضَرَّة عَلَى إِخْوَانكُمْ فَلِهَذَا نَهَاكُمْ عَنْهُ .
وَأَمَّا الْمُزَارَعَة الْعَادِلَة الَّتِي يَسْتَوِي فِيهَا الْعَامِل وَرَبّ الْأَرْض فَهِيَ مَنْفَعَة لَهُمَا , وَلَا مَضَرَّة فِيهَا عَلَى أَحَد , فَلَمْ يَنْهَ عَنْهَا , فَاَلَّذِي نَهَى عَنْهُ مُشْتَمِل عَلَى مَضَرَّة وَمَفْسَدَة رَاجِحَة فِي ضِمْنهَا مَنْفَعَة مَرْجُوحَة جُزْئِيَّة , وَاَلَّذِي فَعَلَهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه مِنْ هَذِهِ مَصْلَحَة وَمَنْفَعَة رَاجِحَة , لَا مَضَرَّة فِيهَا عَلَى وَاحِد مِنْهُمَا.