كلمة الأستاذ أبي مالك بمناسبة كتاب الحزب للحكام
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على سيدي رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
روى ابن إسحاق عن أبي سعيد الخدري قال: لما أعطي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ما أعطي من تلك العطايا في قريش وفي قبائل العرب، ولم يكن في الأنصار منها شيء، وَجَدَ هذا الحي من الأنصار في أنفسهم حتى كثرت فيهم القَالَةُ، حتى قال قائلهم: لقي واللّه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قومه، فدخل عليه سعد بن عبادة فقال: يا رسول اللّه، إن هذا الحي من الأنصار قد وَجَدُوا عليك في أنفسهم لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبت، قسمت في قومك، وأعطيت عطايا عظاماً في قبائل العرب، ولم يك في هذا الحي من الأنصار منها شيء.قال: (فأين أنت من ذلك يا سعد؟) قال: يا رسول اللّه، ما أنا إلا من قومي. قال: (فاجمع لي قومك في هذه الحظيرة). فخرج سعد فجمع الأنصار في تلك الحظيرة، فجاء رجال من المهاجرين فتركهم فدخلوا. وجاء آخرون فردهم، فلما اجتمعوا له أتاه سعد فقال: لقد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار، فأتاهم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فحمد اللّه، وأثني عليه، ثم قال: (يا معشر الأنصار، ما قَالَهٌ بلغتني عنكم، وَجِدَةٌ وجدتموها على في أنفسكم؟ ألم آتكم ضلالاً فهداكم اللّه؟ وعالة فأغناكم اللّه؟ وأعداء فألف اللّه بين قلوبكم؟) قالـوا: بلـي، اللّه ورسولـه أمَنُّ وأفْضَلُ.
ثم قال: (ألا تجيبوني يا معشر الأنصار؟) قالوا: بماذا نجيبك يا رسول اللّه؟ للّه ورسوله المن والفضل. قال: (أما واللّه لو شئتم لقلتم، فصَدَقْتُمْ ولصُدِّقْتُمْ: أتيتنا مُكَذَّبًا فصدقناك، ومخذولاً فنصرناك، وطريداً فآويناك، وعائلاً فآسَيْنَاك).
(أوَجَدْتُمْ يا معشر الأنصار في أنفسكم في لَعَاعَةٍ من الدنيا تَألفَّتُ بها قوماً ليُسْلِمُوا، ووَكَلْتُكم إلى إسلامكم؟ ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وترجعوا برسول اللّه صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم؟ فوالذي نفس محمد بيده، لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار، ولو سلك الناس شِعْبًا، وسلكت الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار، اللّهم ارحم الأنصار، وأبناء الأنصار، وأبناء أبناء الأنصار).
فبكي القوم حتى أخْضَلُوا لِحَاهُم وقالوا: رضينا برسول اللّه صلى الله عليه وسلم قَسْمًا وحظاً، ثم انصرف رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وتفرقوا.
لقد أعطى الأنصار النصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي كان مُكَـذَّبا، فصدقوه، ومخذولا، فنصروه، وطريدا فآووه، وعائلا، فآسوه
وأعطاهم الله بذلك عز الدنيا وعز الآخرة، وأصبح حبهم جزءا لا يكتمل الإيمان إلا به،
عن البراء بن عازب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق , ومن أحبهم أحبه الله ومن أبغضهم أبغضه الله } .
وقد استدار الزمان على هيئته يوم طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبائل العرب النصرة، القبيلة تلو القبيلة،
فأكثرهم من خاف حرب الأصفر والأحمر إن نصره، وهم يعلمون أنه يطلب النصرة على أن يملكوا العرب والعجم، ويصبحوا سادة الدنيا، لكن أكثرهم آثر الشياه والنَّعَم، ومتاعا رخيصا زائلا من الدنيا
فما هي إلا سنوات قليلة، بعد أن من الله على هذه الدعوة برهط قليل من الأنصار، إلا والدعوة تجتاح الجزيرة بيتا بيتا، وقبيلة قبيلة، ثم تنتقل إلى فارس والروم تدك عروشهم، ويخلد الأنصار في سجل صفحات الخالدين، نالوا عز الدنيا والآخرة
وسود التاريخ صفحات أبي جهل وأبي لهب، وابني عبد يا ليل، وغيرهم ممن رفض نصرة هذه الدعوة، فما بكت عليهم السماء والأرض، ومضوا إلى عذاب أليم خالدين فيه أبد الآباد.
واستدار الزمان لنرى بأم العين، رفض الرويبضات عز الدنيا ومنازل الأنصار في الآخرة، يؤثرون على ذلك تبعية ذليلة للغرب الكافر، وحرصا على متاع قليل مقابل خدمة مصالح الكافر المستعمر
فما هي إلا سنوات قليلة بإذن الله تعالى، حتى يتذكرهم الناس في ظل الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة، لاعنين ، سائلين المولى عز وجل أن ينزلهم منازلهم التي يستحقون يوم القيامة،
ومنهم من سيدرك الخلافة فتنزله المكانة اللائقة بالخانع الذليل الذي أذل عباد الله، واستمرأ أن يبقي بلاد المسلمين نهبا للكافر المستعمر
ودعوة الحق ماضية، غير آبهة بمن لم يدرك عظيم شأنها، فهو الخاسر الأكبر، وأما هذه الدعوة، فمنصورة بإذن الله تعالى
منصورة بثباتها على الحق، منصورة باتباع نهج نبيها صلى الله عليه وسلم، مهما كانت الصعاب
وإن غدا لناظره لقريب
ثائر سلامة أبو مالك