تأملات في كتاب من مقومات النفسية الإسلامية الحلقة الستون
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين، وسيد المرسلين، المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، واجعلنا معهم، واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
أيها المسلمون:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
في هذه الحلقة نواصل تأملاتنا في كتاب: "من مقومات النفسية الإسلامية". ومن أجل بناء الشخصية الإسلامية، مع العناية بالعقلية الإسلامية والنفسية الإسلامية، نقول وبالله التوفيق: موضوع حلقتنا لهذا اليوم هو: "الشوق إلى الجنة، واستباق الخيرات". فإذا أدى العبد ما افترضه الله عليه، وأتبعها بالمندوبات وتقرب إلى الله بالنوافل تقرب الله منه وأحبه. ومن هذه المندوبات والنوافل:
عاشرا: غسل الجمعة: لحديث ابن عمر المتفق عليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل". ولحديث سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من اغتسل يوم الجمعة وتطهر بما استطاع من طهر ثم ادهن ، أو مس من طيب ثم راح فلم يفرق بين اثنين فصلى ما كتب له ثم إذا خرج الإمام أنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى". رواه البخاري.
حادي عشر: صدقة النافلة: لحديث أبي هريرة المتفق عليه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ، ولا يقبل الله إلا الطيب وإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبه كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل". وحديث عدي بن حاتم رضي الله عنه المتفق عليه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما منكم أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم من عمله وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه فاتقوا النار ولو بشق تمرة". وحديث جابر عند أبي يعلى بإسناد صحيح، والحاكم صححه ووافقه الذهبي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لكعب ابن عجرة: "يا كعب بن عجرة، الصلاة قربان، والصيام جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، يا كعب بن عجرة، لا يدخل الجنة لحم نبت من السحت، النار أولى به، يا كعب بن عجرة، الناس غاديان: غاد مبتاع نفسه، ومعتق رقبته، وغاد بائع نفسه، وموبق رقبته". وأفضل الصدقات صدقة السر لحديث أبي هريرة المتفق عليه في السبعة الذين يظلهم الله بظله، وذكر منهم: "ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه" والصدقة على الأقارب لحديث زينب الثقفية المتفق عليه قالت: ... فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لهما أجران أجر القرابة وأجر الصدقة".
ثاني عشر: القرض الحسن: لحديث عبد الله بن مسعود عند ابن ماجة وابن حبان والبيهقي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من مسلم يقرض مسلما قرضا مرتين إلا كان كصدقتها مرة".
ثالث عشر: إنظار الموسر، والتجاوز عن المعسر: لحديث حذيفة بن اليمان المتفق عليه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن رجلا كان فيمن كان قبلكم أتاه الملك ليقبض روحه فقيل له هل عملت من خير قال ما أعلم قيل له انظر قال ما أعلم شيئا غير أني كنت أبايع الناس في الدنيا وأجازيهم فأنظر الموسر وأتجاوز ، عن المعسر فأدخله الله الجنة". فقال أبو مسعود: وأنا سمعته يقول ذلك.
رابع عشر: إطعام الطعام: لحديث عبد الله بن عمرو المتفق عليه أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الإسلام خير؟ قال: "تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف".
خامس عشر: سقي الماء لكل ذات كبد رطب: لحديث أبي هريرة رضي الله عنه المتفق عليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بينما رجل يمشى بطريق اشتد عليه العطش فوجد بئرا فنزل فيها فشرب ثم خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش فقال الرجل لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ منى. فنزل البئر فملأ خفه ماء ثم أمسكه بفيه حتى رقى فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له". قالوا يا رسول الله وإن لنا في هذه البهائم لأجرا فقال "في كل كبد رطبة أجر".
سادس عشر: صوم النافلة: عن أبي أمامة قال: "قلت يا رسول الله مرني بعمل قال: عليك بالصوم؛ فإنه لا عدل له، قلت: يا رسول الله مرني بعمل، قال عليك بالصوم؛ فإنه لا عدل له، قلت: يا رسول الله مرني بعمل، قال: عليك بالصوم؛ فإنه لا مثل له". رواه النسائي وابن خزيمة في صحيحه، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي. هذا للناس عامة، وهو للغزاة في سبيل الله بشكل خاص فقد ورد فيهم حديث أبي سعيد المتفق عليه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله تعالى، إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا". ومن المندوب صوم ست من شوال، وصوم عرفة، وصوم شهر الله المحرم، وخاصة صوم عاشوراء، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وصيام الاثنين والخميس.
سابع عشر: قيام رمضان سيما ليلة القدر والعشر الأواخر: ففي حديث أبي هريرة المتفق عليه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم بعزيمة، ثم يقول: "من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه"
وعنه في حديث متفق عليه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه". والقيام لا يكون إلا بالصلاة، وعن عائشة في المتفق عليه قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحيا الليل، وأيقظ أهله، وجد وشد المئزر".
أجل أيها المسلمون، هذه هي الجنة أو الجنات التي أعدها الله جل في علاه لعباده المؤمنين، فشمروا عن ساعد الجد، وكونوا من عباد الله الصالحين المخلصين، وجدوا واجتهدوا في طاعة الله ورسوله، وفي الصبر على المكاره، وتنافسوا في طلبها، فهي غالية كما أخبر نبيكم صلى الله عليه وسلم حيث قال: "ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة". ولله در الشاعر حيث قال:
تهـون علينـا في المعالي نفوسنا ومن يخطب الحسناء لم يغله المهر
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محمد احمد النادي