السبت، 21 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

الذكرى الحادية والتسعون لهدم دولة الخلافة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله معز الإسلام بنصره، ومذل الشرك بقهره، ومصرف الأمور بأمره، ومديم النعم بشكره، ومستدرج الكافرين بمكره، الذي قدر الأيام دولا بعدله، وجعل العاقبة للمتقين بفضله، وأفاء على عباده من ظله, وأظهر دينه على الدين كله, القاهر فوق عباده فلا يمانع, والظاهر على خليقته فلا ينازع, والآمر بما يشاء فلا يراجع, والحاكم بما يريد فلا يدافع.

 

والصلاة والسلام على أفضل أنبيائه وخاتم رسله, سيد الأولين والآخرين, المبعوث رحمة للعالمين, سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين, وصحبه الغر الميامين, والتابعين له بإحسان إلى يوم الدين, واجعلنا اللهم معهم, واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين. أما بعد:

 

أيها المؤمنون:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد: تمر على المسلمين في هذه الأيام ذكرى أليمة, من أشد الذكريات إيلاما, ومصيبة  عظيمة من أعظم المصائب خطرا على أمة الإسلام بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم, أتدرون ما تلكم المصيبة, وما تلكم الذكرى يا عباد الله؟

 

إنها تلك المصيبة, بل تلك الكارثة, التي ما تركت شيئا إلا وأتت عليه, إنها المؤامرة التي حاك خيوطها الكافر المستعمر, بأيدي عملائهم من خونة العرب والترك! فعلى أي شيء تآمروا يا ترى؟ لقد تآمروا على الفريضة الغائبة التي تم إلغاؤها من واقع وحياة المسلمين منذ أكثر من تسعين عاما, في الثامن والعشرين من شهر رجب, عام ألف وثلاثمائة واثنين وأربعين للهجرة!  ترى هل عرفتموها أيها الأحبة؟

 

إنها خير قلادة تزين أعناقكم! وخير وشاح يزين أعطافكم! إنها ملاءة فخركم, والعباءة التي تستركم! إنها حصنكم الحصين, وملاذكم الأمين! إنها وعد ربكم, وبشارة رسولكم, إنها فريضة ربكم! بل إنها تاج الفروض كلها! سميت بذلك لأن بإقامتها تقوم باقي الفروض على الوجه الصحيح الذي يرضي الله ربكم! ترى هل عرفتموها يا إخوتي؟ فبها وحدها تكون الانتصارات والفتوحات, وبها وحدها تعلوا راية لا إله إلا الله فوق كل مكان! وبها وحدها ترفع الأمة الإسلامية رأسها, وتشعر بالعزة والكرامة على مدى أجيال وأجيال! وبها وحدها ترهب الأمة الإسلامية عدو الله وعدوها! وبها وحدها ينصرها ربها على عدوها بالرعب من غير قتال! وبها وحدها يكون أمن المجتمع واستقراره بتنفيذ أحكام الحدود والقصاص والتعزير! ترى هل عرفتموها يا عباد الله؟ فبها وحدها تكون بلاد المسلمين واحدة, وحاكمهم واحدا, ورايتهم واحدة, وجيشهم واحدا. وبها وحدها تحل جميع المشكلات الاقتصادية بضمان الحاجات الأساسية لكل فرد من أفراد الرعية فلا فقر بعد ذلك, ولا مسغبة يومها، ولا جوع ولا مسألة! وبها وحدها تصان الأعراض من الإفساد, وتسلم من الأذى بمنع الزنا, وبمنع الاختلاط وكشف العورات. ترى هل عرفتموها إخوتي في الله؟ لا بد أنكم عرفتموها! فنحن لا نشك بذكائكم وقدراتكم العقلية, لقد حدثناكم عنها كثيرا, كيف لا وهي شغلنا الشاغل؟ كيف لا وهي عملنا الدؤوب؟ كيف لا ونحن لا ولم ولن نمل الحديث عنها؟ كيف لا ونحن شباب حزب التحرير قد غدونا لا نعرف إلا بها, ولا تعرف إلا بنا؟ كيف لا وهي إذا ذكرت ذكرنا, وإذا ذكرنا ذكرت؟ كيف لا ونحن الداعون لها, والماضون قدما لتحقيقها في واقع الحياة؟

 

إنها دولة الخلافة! إليها ندعو, وإليها نصبو, ولن نحيد عنها, ولن نرضى بغيرها بديلا, ولن نغير النهج الذي أرشدنا إليه رسولنا صلى الله عليه وسلم في العمل لها والدعوة إليها ولو نشرنا بالمناشير أو صلبنا على الخشب حتى تعود وتنشر العدل في ربوع العالم أجمع!

 

إنها دولة الخلافة! التي تم تغييبها من واقع وحياة المسلمين, فغاب بغيابها سلطان المسلمين, وغابت وحدتهم, غابت كرامتهم, وغاب شرفهم, غابت عزتهم, وغاب شرع الله الذي سعدوا بتطبيقه عليهم قرونا طويلة. فبعد أن كنا أمة واحدة قوية متماسكة, غدونا شعوبا  ذليلة مستضعفة مفككة, وبعد أن كنا نحكم بشرع ربنا الحنيف, صرنا نحكم بأنظمة وضعية كافرة من صنع البشر! وبعد هدم دولتنا ذهبت ريحنا, واحتلت أرضنا, وضاع جاهنا, وزال من الأرض سلطاننا!

 

إنها دولة الخلافة! التي تم تغييبها من واقع وحياة المسلمين منذ أكثر من تسعين عاما, بعدها فقدت أرض الإسلام حارسها وسلطانها وحاميها, وأمتنا الإسلامية تحيا حياة ذليلة, وتعيش في غربة البعد عن الإسلام, في غياب دولة الخلافة, تعاني ما تعاني من الذل والقهر والهوان!

 

إنها دولة الخلافة! التي تم تغييبها من واقع وحياة المسلمين منذ أكثر من تسعين عاما, بعدها صارت أرض الإسلام تبكي على الأعزة, وعلى العزة التي كانت ترفل بها في ظل دولة الإسلام, يوم أن كنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها غالبين فاتحين منتصرين. لقد تغير الحال وتبدل يوم أن داس يهود أقدس مقدساتنا, ودنسوا أقصانا الطهور, وجاسوا خلال الديار, يوم أن زفرت الأرض حسراتها، آه على أيام الفتح، آه على أيام الجهاد! منذ ذلك اليوم لم تعد تعرف هذه الأمة لون السماء والضياء!

إنها دولة الخلافة! التي تم تغييبها من واقع وحياة المسلمين منذ أكثر من تسعين عاما,  بعدها ألغى حكام المسلمين الجهاد في سبيل الله, وصار المجاهد في نظرهم إرهابيا، فوصل الحال إلى ما وصل إليه من الذل والهوان مما لا يخفى على حضراتكم, فقد صار المسلم يولد فلا يؤبه له, ويعيش فلا يعتنى به, ويموت فلا يحزن عليه, ويقتل فلا يثأر له. وصار المسلمون كالأيتام على مآدب اللئام!

 

أيها الأحبة: يا أولي الألباب, وأولي النهى وأولي الحجى! أفبعد هذه الأحوال من مزيد؟ أولم يأتكم نبأ أجدادكم العظام كيف كانوا يفتحون الأرض, ويحررون الشعوب, يخرجونهم من الظلمات إلى النور, ومن عبادة العباد إلى عبادة رب العباد, ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة. كل ذلك وهم يحملون ألوية الحق والعدل. هذا وإني لأعجب كل العجب ممن يرفضون عودة الخلافة. ولا أجد ما أرد به عليهم في هذا المقام الضيق إلا أن أقول ما قاله حنظلة الكاتب:

 

عجبت لما يخوض الناس فيه      يرومون الخلافـة أن تـزولا

ولو زالت لزال الخير عنهم       فلاقوا بعدهـا ذلا ذليلا

وكانوا كاليهود أو النصارى       سواء كلهم ضلوا السبيلا

 

إنها دولة الخلافة! وإلا فمن يعيد لنا الأعراض سالمة مصونة؟ ومن يعيد لنا مقدساتنا عامرة مطهرة؟ ومن يزيل عنا إكليل العار, وإكليل الشنار؟

إنها دولة الخلافة! وإلا فمن يحقن دماء المسلمين التي تسفك ليل نهار؟ من يثأر لدماء شهدائنا الأبرار؟ من يسترد أموالنا المسلوبة, وثرواتنا المنهوبة, وأراضينا المغتصبة؟

إنها دولة الخلافة! وإلا فمن يحاسب تارك الصلاة, ويقيم عليه الحد, من يحاسب تارك الزكاة ويحارب المرتد؟ من يحاسب تارك فرض الصيام؟ من يحاسب تارك فرض الحج؟

إنها دولة الخلافة! وإلا فمن الذي يجهز الجيش ويعده ويستنفره ويقوده للجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمة الله؟ من الذي يسير الجيوش التي تحمل دعوة الإسلام للكفار؟

إنها دولة الخلافة! وإلا فمن يحاسب السارق، والزاني، والمرابي؟ من يعاقب الغشاش، والكذاب، والقاتل, وكل مرتكب ومنتهك لحرمات الله؟

إنها دولة الخلافة! أجل يا عباد الله: حري بنا وبالأمة الإسلامية جمعاء في مشارق الأرض ومغاربها, ونحن نعيش مرارة هذه الذكرى الأليمة, أن نراجع أنفسنا, وأن نرجع إلى تعاليم ديننا, فإن فيه الدواء الشافي, والعلاج النافع, علينا أن ندرك أن إقامة الخلافة هي سر قوتنا, وهي طريق عزتنا وسعادتنا في الدنيا والآخرة, وهي وعد ربنا, وبشارة رسولنا, وهي فرض ربنا, بل هي تاج الفروض كلها, تقوم بإقامتها جميع الفروض على الوجه الذي يرضيه, علينا أن نحث الخطى, ونضاعف الجهود, ونبذل ما بوسعنا للعمل لإعادتها إلى واقع الحياة من جديد.

أيا ألله

 

أيـا ألله حققها بلطف               خلافتنا وجللها  القـبولا

أيا رباه يا صمـدا نصيـرا                 فلا تبقـي لنـا حملا ثقيلا

ومكـنا نعيـد العــــدل  حكما                 على المنهـاج مقتديـا فضيلا

 

اللهم أعزنا بالإسلام, وأعز الإسلام بنا, اللهم أكرمنا بنصرك, وأقر أعيننا بقيام دولة الخلافة في القريب العاجل, واجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنك ولي ذلك والقادر عليه.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

أخوكم  محمد أحمد النادي

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع