السبت، 21 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

تأملات في كتاب: من مقومات النفسية الإسلامية ح100  

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على إمام المتقين, وسيد المرسلين, المبعوث رحمة للعالمين, سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين, واجعلنا معهم, واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين.


أيها المسلمون:


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد: في هذه الحلقة نواصل تأملاتنا في كتاب: "من مقومات النفسية الإسلامية". ومن أجل بناء الشخصية الإسلامية, مع العناية بالعقلية الإسلامية والنفسية الإسلامية, نقول وبالله التوفيق: عنوان حلقتنا لهذا اليوم هو: "أدب الحديث". وهو ثلاثة أقسام: أدب التدريس, وأدب الخطبة, وأدب الجدل.


القسم الأول: أدب التدريس: فمن أدب التدريس:


أولا: أن يتخولهم بالدرس حتى لا يملهم، عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يذكر كل يوم خميس، فقال له رجل: "يا أبا عبد الرحمن, إنا نحب حديثك ونشتهيه، ولوددنا أنك حدثتنا كل يوم. فقال ما يمنعني أن أحدثكم إلا كراهية أن أملكم. إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتخولنا بالموعظة في الأيام كراهية السآمة علينا". متفق عليه.


وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "حدث الناس كل جمعة مرة فإن أبيت فمرتين فإن أكثرت فثلاث مرار، ولا تمل الناس هذا القرآن، ولا ألفينك تأتي القوم وهم في حديث من حديثهم فتقص عليهم فتقطع عليهم حديثهم فتملهم, ولكن أنصت, فإذا أمروك فحدثهم وهم يشتهونه, فانظر السجع من الدعاء فاجتنبه, فإني عهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لا يفعلون ذلك يعني السجع في الدعاء". رواه البخاري.


ثانيا: أن يتخير الوقت أو المكان المناسب للتدريس في المسجد بحيث لا يؤذي المصلين، فإن كان المسجد واسعا اختار مكانا بعيدا عن المصلين، وإن كان ضيقا اختار وقتا تكره فيه الصلاة، كأن يدرس بعد الفجر أو العصر، عن أبى سعيد قال: اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة فكشف الستر وقال: "ألا إن كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضا ولا يرفع بعضكم على بعض في القراءة". أو قال: "في الصلاة". وعن البياضي: أن رسول الله? خرج على الناس وهم يصلون، وقد علت أصواتهم بالقراءة فقال: "إن المصلي يناجي ربه، فلينظر بما يناجيه به، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن". هذان الحديثان أخرجهما ابن عبد البر في التمهيد وقال: حديث البياضي وحديث أبي سعيد ثابتان صحيحان، وحديث البياضي أخرجه أحمد، وقال العراقي إسناده صحيح، وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح. وحديث أبي سعيد أخرجه أبو داود والحاكم، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. كما أخرج ابن خزيمة الحديث بالمعنى نفسه عن ابن عمر في صحيحه.


فهذان الحديثان يفيدان النهي عن أن يرفع مصل فرد في المسجد صوته بالقراءة فيؤذي مصليا فردا آخر بالتشويش عليه لقربه منه، ومن باب أولى أن لا يدرس المدرس قرب المصلين، ولذلك فإذا كان المسجد واسعا كمساجد أمهات المدن التي يؤمها الناس للصلاة وقت الجماعة وغير الجماعة، فليختر مكانا في المسجد تاركا مجالا لمن يريد الصلاة في مكان آخر في المسجد، وإذا كان ضيقا فليختر وقت كراهة الصلاة بعد الفجر أو بعد العصر.


ثالثا: بث الأمل دائما وعدم التقنيط والتيئيس لا من رحمة الله سبحانه ولا من نصره وفرجه. عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: "بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعاذ بن جبل إلى اليمن فقال : ادعوا الناس وبشرا ولا تنفرا، ويسرا ولا تعسرا, وتطاوعا ولا تختلفا". متفق عليه. وعن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "حدث أن رجلا قال والله لا يغفر الله لفلان, وإن الله تعالى قال: من ذا الذى يتألى على أن لا أغفر لفلان؟ فإني قد غفرت لفلان, وأحبطت عملك". أو كما قال. رواه مسلم، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قال الرجل: هلك الناس فهو أهلكهم, أو أهلكهم" بفتح الكاف أي سبب هلاكهم. أو بضمها أي أنه أكثرهم هلاكا. والمعنيان صحيحان. رواه مسلم.


وبث الأمل يكون بما يقنع المخاطب, ويحدث الأثر في نفسه، ولا يحقق هذه الغاية إلا الكتاب والسنة، وإذا أمكن ربط النص بواقع معين كان أبعد أثرا, وأرسخ في النفس، كأن يخاطب المسلمون بقوله تعالى: {كنتم خير أمة} (آل عمران: 110) وقوله: {وكان حقا علينا نصر المؤمنين}. (الروم: 47) وقوله: {إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا}. (غافر:51) وقوله: {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض}. (النور: 55) وقوله: {واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره}. (الأنفال: 26) وقوله: {وما النصر إلا من عند الله}. في موضعين (آل عمران: 126) , (الأنفال: 10) وقوله: {إن الله لا يخلف الميعاد}. في موضعين (آل عمران: 9),(الرعد: 31) وقوله: {ومن أصدق من الله قيلا}. (النساء: 122) وقوله: {ثلة من الأولين. وقليل من الآخرين}. (الواقعة: 14) وقوله: {ثلة من الأولين. وثلة من الآخرين}. (الواقعة: 40) وأما السنة فالأحاديث التي تثبت الخيرية في آخر هذه الأمة، كقوله صلى الله عليه وسلم: "أمتي كالمطر لا يدرى أوله خير أم آخره". وكقوله صلى الله عليه وسلم: "واها لإخواني". وكقوله صلى الله عليه وسلم: "طوبى للغرباء". وكقوله صلى الله عليه وسلم: "إن لله عبادا ليسوا بأنبياء ولا شهداء ..." وكبشرى الرسول صلى الله عليه وسلم بعودة الخلافة على منهاج النبوة، وكبشرى الرسول صلى الله عليه وسلم بفتح روما، وكبشرى الرسول صلى الله عليه وسلم بقتال اليهود وقتلهم، وكبشرى الرسول صلى الله عليه وسلم بدخول الخلافة الأرض المقدسة.

 

فإذا التزم المسلم بهذه الأخلاق الفاضلة, باعتبارها أحكاما شرعية واجبة الاتباع طاعة لله: امتثالا لأوامره, واجتنابا لنواهيه, فإنه يسمو ويرقى في المرتقى السامي من علي إلى أعلى, ومن شاهق إلى شاهق.

 


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
محمد احمد النادي

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع