المعلم الثالث عشر: حرمة الاستغاثة بغير الله أو دعاء غيره
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها المؤمنون:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
الدعاء والاستغاثة من أنواع العبادة التي تصرف لله وحده، ومن صرف لغير الله شيئا من خصائص الله فقد أشرك. قال تعالى: (ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين(106) وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ). (يونس 107) والظالمون هم المشركون. ويمسسك: أي يصيبك. والضر: هو كل ما يسوء العبد من فقر، أو مرض، أو غير ذلك.
أيها المؤمنون:
من خلال الآية الكريمة نلحظ الآتي: الاستغاثة: هي طلب الغوث، وهو إزالة الشدة، ولا يكون إلا من مكروب، وقد استغاث النبي صلى الله عليه وسلم بربه يوم بدر لما نظر إلى كثرة المشركين فأمده الله بالنصر، قال تعالى: (إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم). (الأنفال 6) وهي قسمان: استغاثة محرمة: وهي استغاثة بميت، أو غائب، فيما لا يقدر عليه، وهي شرك. واستغاثة جائزة: وهي الاستغاثة بالحي الحاضر فيما يقدر عليه كما في قوله تعالى: (فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه). (القصص 15)
دعاء غير الله شرك:
نهى الله سبحانه نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم أن يدعو أحدا من دونه من سائر المخلوقات العاجزين عن دفع الضر، والنهي عام لجميع الأمة، ولكن خاطب الله تعالى به نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم ليتأسى به غيره، لأن ذلك أبلغ في الزجر والتحذير وإلا فهو مبرأ منه صلى الله عليه وسلم.
ثم بين سبحانه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم أنه لو دعا غيره لكان من جملة الظالمين، قال سبحانه وتعالى: (ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين). (يونس 106)
فدعاء ما دون الله تعالى والاستغاثة بهم شرك، فهم لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا فضلا عن أن ينفعوا غيرهم فكيف يتوجه إليهم بالدعاء من دون الله؟
الله سبحانه كاشف الضر وحده:
إن ما يصيب العبد من فقر، أو مرض، أو غير ذلك من أنواع الضر لا يكشفه إلا الله وحده، وإن أصابه خير فلا أحد يرد فضله. قال صلى الله عليه وسلم: " ...واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك". (رواه الترمذي:2521). فالله سبحانه وتعالى هو المتفرد بالملك والعطاء، والمنع، والنفع، والضر، فيلزم من ذلك أن يكون المدعو هو وحده لا شريك له، قال تعالى: (وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا يضرك فإن هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم). (يونس 107).
أقسام الدعاء:
الدعاء أعم من الاستغاثة؛ لأنه يكون من مكروب وغيره، والاستغاثة لا تكون إلا من المكروب، وينقسم الدعاء إلى قسمين:
أولا: دعاء عبادة: وهو كل ما يتقرب به إلى الله من الأعمال الصالحة رجاء ثوابه وخوفا من عقابه كالصلاة، والصيام، وتلاوة القرآن، والصدقة، والتسبيح، وغير ذلك، فيجب أن يصرف لله وحده، وصرفه لغيره شرك.
ثانيا: ودعاء مسألة: وهو طلب ما ينفع الداعي من جلب نفع، أو دفع ضر كأن يطلب من ربه صحة في بدنه، أو كشف بلاء حل به. فعلى العبد أن ينزل حوائجه بربه، فهو سبحانه الذي يجيب دعوة الداعين ويفرج كرب المكروبين، قال تعالى: (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم). (غافر:60).
أيها المؤمنون:
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام, وأن يعز الإسلام بنا, وأن يكرمنا بنصره, وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة في القريب العاجل, وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنه ولي ذلك والقادر عليه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.