مقالة كلمات مرسي الفارغة في دعم سوريا
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
أعلن الرئيس المصري محمد مرسي في مؤتمر نظمته جماعة الإخوان في القاهرة، في 15 من حزيران/يونيو2013م، عن قطعه للعلاقات مع نظام بشار الأسد، حيث قال: "قررنا اليوم قطع العلاقات مع النظام السوري الحالي"، وقد أعرب مرسي أيضاً عن دعمه الكامل للشعب السوري، حيث قال "إنّ الشعب المصري يدعم نضال الشعب السوري مادياً ومعنوياً، ومصر قيادة وشعباً وجيشاً لن تتخلى عن الشعب السوري حتى تتحقق حقوقه وكرامته." ورددّ كلمات الغرب بفرض منطقة حظر للطيران في سوريا.
هذا وقد التقى محمد مرسي في وقت سابق بوفد من رجال الدين، على رأسهم رئيس هيئة علماء المسلمين (يوسف القرضاوي)، حيث وجهت الهيئة دعوة للجهاد ضد الرئيس السوري بشار الأسد وحلفائه، وأكّدت على أنّ الصراع هو حرب على الإسلام والمسلمين. وفي اليوم نفسه، في مؤتمر للعلماء، قال الشيخ محمد حسان: "يجب الجهاد لنصرة إخواننا في سوريا، بالنفس والمال والسلاح، وكل أنواع الجهاد والنصرة... "، فما مدى جدّية مرسي في دعم المسلمين في سوريا وفي اقتلاع نظام الشر، نظام الأسد؟
إذا نظرنا إلى سجل مرسي لغاية الآن، نرى أنّ هناك أملاً ضئيلاً جداً في قيام مصر بأيّ أمر جوهري للتخفيف من محنة الشعب السوري، لكنّ الأرجح أن تتعامل مصر مع المسألة السورية كما تعاملت مع القضية الفلسطينية والليبية، فلقد كان لمرسي وحلفائه العديد من الفرص لتحرير فلسطين من الاحتلال اليهودي، ولكن بدلاً من ذلك استخدم مرسي الجيش المصري في إغلاق الأنفاق التي تزود أهل غزة بالسلع الحيوية، ومنع الجهاديين من شن هجمات ضد كيان يهود، وبدلاً من قتال كيان يهود، فقد عززت مصر من أمن دولة يهود ومن خنق الفلسطينيين. أمّا بالنسبة للقضية الليبية في عهد قذافي، فقد كان من السهل على مصر تخفيف الذبح اليومي وتوفير بعض الاستقرار في البلد الذي يعاني من قصف الناتو والميليشيات المدعومة من الغرب؛ من خلال نشر مصر لجزء من قواتها، لكنها أبت إلا أن تتخذ من الصمت موقفاً لها. وعلاوة على ذلك، فقد ضمن مرسي المصالح الأميركية من خلال الحفاظ على أمن كيان يهود، وضمن عجز ليبيا على تحرير نفسها من قبضة واشنطن.
ولا يختلف حل مرسي عن ذلك كثيراً، فحله يقوم على تنفيذ سياسة أمريكا في سوريا، ودعم شراء واشنطن للمزيد من الوقت لتحضير وتسويق البديل عن الأسد عن طريق تأخير التدخل العسكري، فإغلاق السفارة السورية في مصر، والسماح لبعض الجهاديين المصريين بالانضمام إلى المسلحين الذين يقاتلون الأسد، ودعم تنفيذ منطقة حظر للطيران السوري، وتنظيم مؤتمر عربي غير فعال يخدم هذا الغرض، ما هو إلا مزيد من إطالة أمد المعاناة السورية.
لذلك فإنّ مرسي عندما يتفوه بكلمات مثل: "مصر قيادة وشعباً وجيشاً لن تتخلى عن الشعب السوري حتى تتحقق حقوقه وكرامته." فإنّه لا يقولها إلا كذباً، فليس لدى مرسي نية إعادة الحقوق والكرامة للشعب السوري، فهو يعلم أنّه لا يمكنه تحقيق ذلك من دون إرسال الجيش المصري إلى سوريا لإزالة الأسد من السلطة.
((وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ)) البقرة/14،15
فمصر يمكنها بسهولة إزالة الأسد من السلطة وتدمير آلة القتل التابعة له، ولكن من أجل القيام بذلك، فإنّ على مصر أن تحرر نفسها من أمريكا أولاً، وأن تتبنى سياسة خارجية مستقلة عن واشنطن ومنبثقة عن الإسلام ثانياً.
والسبيل الوحيد لتحرير المصريين أنفسهم من هيمنة أميركا هو باقتلاع النظام العلماني في مصر، النظام الذي تحميه قيادة الجيش مع مرسي من أجل الحفاظ على الهيمنة الأمريكية الكاملة على مصر. إنّ لدى مصر الإمكانية لإعادة قيام دولة الخلافة، فباستثمار جهودهم بقيادة الخليفة لهم سيتم تحرير البلدان الإسلامية المحتلة وتوحيدها.
أبو هاشم