مقالات رمضانية اهتمام الاستعمار بقضايا المرأة سعيا لإفسادها
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلاة ربي وسلامه على المبعوث رحمة للعالمين، الحمد لله القائل: " وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا" فإن الباطل في صراع أبدي مع الحق، هذا ديدنه إلى يوم القيامة، فالباطل ممثلاً بدول الكفر، يستثيره، بل ويغضبه أن يرى المجتمع الإسلامي نظيفاً لا شائبة فيه، حسداً من عند أنفسهم، بل يقض مضجعه أن يكون العفاف أساس المرأة المسلمة، والرّذيلة علامة للمرأة الغربية.
وهو يعلم علم اليقين أنَّ حَرْفَ مسار المرأة المسلمة عن طريق العفاف إلى منحدرات الرذيلة إنما يضعف الأمّة ويوهنها.
ولعل المقولة التّي قالها أحد مستشرقيهم في هذا الموضوع تدل دلالة واضحة على ذلك، حيث قال: " كأس وغانية تفعلان في تحطيم الأمة المحمّدية أكثر مما يفعله ألف مدفع، فأغرقوها في حب المادة والشهوات ".
لهذا فقد وجد في الأمة الإسلامية جمعيات نسويه مشبوهة تقوم بنشاطات اجتماعية مختلفة كستار لهدفها الأصلي، وهو إفساد المرأة المسلمة، وحرفها عن الذوق الإسلامي في التفكير والسلوك.
ولقد بدأت هذه الجمعيات أنشطتها بشكل فعال مع بداية ضعف دولة الخلافة الإسلامية العثمانية، وبلغت أوجهها مع سقوط هذه الدولة.
ولنبدأ كمثال على هذه الجمعيات المشبوهة، بجمعية (كاريتاس)، وهي تعد من أضخم الحركات وأكبرها من حيث الدّعوة للتنصير في العالم، فإمكاناتها هائلة مذهلة، وهي تتستر تحت شعارات الإحسان وحب الغير، وفقاً لما تعنيه كلمة كاريتاس باللاتينية.
ولقد ركزت هذه الجمعية أنشطتها في الدّول الفقيرة من العالم الإسلامي (كبنغلادش)، فقد قامت هذه الجمعية بتعيين آلاف النّساء المسلمات هناك في بعض الوظائف، وكان عملهن يقتضي أن يعشن في أماكن نائية بعيدة عن بيوتهن وأزواجهن فخصصت لهن بيوتاً في تلك الأماكن في بنايات، حيث تسكن الموظفات في الأدوار العليا والموظفون في الأدوار السفليّة فأضحى بذلك الاختلاط بين الجنسين أمراً طبيعياً فكان للجمعية ما أرادت وحتى تكتمل حلقات المؤامرة فقد اشترطت هذه الجمعية على المسلمات حتى يحصلن على الوظيفة أن يخلعن الحجاب لتيسير أمور الرذيلة ونشرها.
ولقد حدّثنا التاريخ وتحديداً تاريخ مصر بأحزاب وجمعيات عملت وما زالت تعمل على هدم صرح الأخلاق عند المرأة، ولعل حزب بنت النيل الذّي تأسس سنة 1949 من الشواهد الحية على ذلك، إذ ما زالت بقاياه قائمة في بعض النفوس المريضة في أيامنا هذه.
وليس ترانا نخفي سراً إذا قلنا أن هكذا أحزاباً وجمعيات تُدعم وبشكل سافر من الغرب. فالحزب آنف الذكر قوبل في صحافة بريطانيا بحفاوة عظيمة حتى إنه قد نشر آنذاك أنه يتقاضى مبالغ مالية من السفارتين البريطانية والأمريكية، ولكن ما الذي يجعل هذا الغرب الحاقد يدعم هذه الأحزاب؟
وللإجابة على هذا السؤال، نحاول أن نتعرف على ما يدعوا إليه هذا الحزب، إنه يدعو إلى تحرير المرأة المصرية من الأغلال التّي تثقل كاهلها، وهذه الأغلال هي أغلال الحجاب، فالحجاب في نظرهم يقيد حركة المرأة، ويغطي جمالاً خلقه الله لها كما يزعمون ثم أغلال الطلاق حيث إن الطلاق يجب أن تُعطاه المرأة كحقٍ لها مثلها مثل الرَّجال، وأغلال تعدد الزّوجات، الذّي يقض في نظرهم مضجع المرأة ويجعلها أسيرة الرجل.
وهذه الأغلال بحسب زعمهم لا بد أن تنكسر ولا بد أن تكشف الهجمات عليها فلا تعد تقوى على الصمود. ولعل المدعو مرقص فهمي، صاحب كتاب ( المرأة في الشرق) أحد أولئك الناقدين فقد دعا في كتابه وبكل صراحة وصلف إلى القضاء على الحجاب الإسلامي وطالب بإباحة اختلاط المرأة المسلمة بالأجانب، ونادى بتقييد الطلاق مانعاً الزواج بأكثر من واحدة، الأمر الذي أثار حوله ضجة كبيرة من الكتاب المسلمين آنذاك.
فتنبه الإنجليز بخبثهم وكرههم للإسلام والمسلمين لهذه الهجمة فأوعزوا للأميرة نازلي فاضل وهي المعروفة بحقدها على الإسلام، أوعزوا لها بإنشاء ما يعرف بالصالون الأدبي ليكون سنداً لمرقص ومن ثمَّ مركزاً تبثُ من خلالها سمومها وتنفث ومن معها حقدهم فدعت في صالونها إلى مؤازرة مرقص وفكره. ومما يجدر ذكره هنا إلى أنَّ نازلي هذه هي من سولت لقاسم أمين صاحب كتاب تحرير المرأة للكتابة في مواضيع تحرير المرأة موجدةً عنده الحمية حمية الكره لكل ما يحيط المرأة بالعفّة والعفاف.
ولا يفوتنا ونحن نتحدث عن الإنجليز أن نثبت في هذا المجال، أنَّ جمعية سانت جيمس النسائية بإنجلترا لطالما دعمت الهيئات النسائية المصرية ولطالما هنأتها على وقوفها في وجه أحكام الإسلام المتعلقة بالمرأة، ولطالما دعمتها فيما يسمى بكفاح المرأة المصرية من أجل نيل الحقوق السياسية.
وصدق الله إذ يقول " قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ".
نعم هكذا يحاول الغرب الكافر أن يشحذ الهمم كل الهمم في سبيل جعل المرأة المسلمة مجرد متاع تلهو به الذئاب الجائعة للغريزة الحيوانية ثم يلقون بها على قارعة الطريق لا حول لها ولا قوة لتكون بذلك صنو المرأة الغربية في الرذيلة وكل ذلك حسداً من عند أنفسهم أن يروا العفاف يلف المرأة المسلمة.
فهذه اتفاقية سيداو المنبثقة عن الأمم المتحدة سنة 1979 والتي تعنى كما يقولون بحقوق المرأة تنفث سمومها من خلال موادها المختلفة.
فالمادة 10 مثلاً، تنص على تشجيع التعليم المختلط ليحظى الجنسين بحرية النظرات ثم الابتسامات ثم تبادل عبارات الغزل العذري، ليتبعه الصريح، وبالجملة ليفضي كل ذلك إلى مقدمات الزنا. أما المادة 15 فهي تعطي للمرأة الحق في اختيار مكان سكناها، والحق في التنقل والسفر، وعندها فلا قيمة للمحرم ولا داعي لوجوده، هذا المحرم الذي يعد الحماية والوقاية للمرأة من الذئاب البشرية التي لا تألوا جهداً ما يتوفر لها من لحوم قاصية منفردة وصدق رسولنا إذ يقول " إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية " أي المنفردة.
أما المادة 16 فهي بحق ثالثة الأثافي، فهي تدعو إلى المساواة بين الذكر والأنثى في الزواج عند العقد وعند فسخه وهذا يجعلنا نفهم من خلال مفهوم الإشارة والإيماء والتنبيه إن شئت بالسماح للمرأة أن تتزوج من غير المسلم، وإلغاء المهر، وإلغاء ولاية الأب على البنت البكر في عقد الزواج، ومن ثم إلغاء القوامة للرجل على البيت وهو يعد بالفعل تقويضاً لأُسس الأسرة المسلمة، وتدميراً للتربية السليمة وتفتيتاً للروابط الأسرية.
فمنظمة (فيمن) النسائية الفرنسية تقوم في هذه الأيام بالعمل على فتح فرع لها في تونس، وهي منظمة تنظر بازدراء إلى تعامل الإسلام مع المرأة وأنه محقرٌ لها.
وكذلك جمعية (عيسى) النسوية، وهي جمعية تعمل تحت غطاء محو الأمية لتمرر أجندة خراب ودمار للأسرة المسلمة من خلال توزيع أشرطة كاسيت وفيديو تتنافس مع قيم المجتمع المسلم، بحجة أنها وسائل تعليمية.
وإن شئناً أن نسرد أسماء أخرى لجمعيات ومنظمات نسوية مشبوهة فالقائمة تطول ولعل الشاعر الشويعر جميل الزهاوي قد لخص القضية وأوجز ذلك الحقد الدفين بقوله:
مزقي يا ابنة العراق الحجابا وأسفري فالحياة تبغي انقلاباً
مزقيه واحـرقيـه بلا تـريــث فـقــد كـان حـارســاً كـذابـــا ً
ومن ثم فقد آثرنا الاكتفاء بهذه الأمثلة حتى نلقي في روع المستمع الكريم أن المسألة قديمة حديثة وأن الكافر المستعمر وأذنابه ما فتئوا يغذون السير قدماً حتى يصلوا إلى مبتغاهم، ولن يصلوا بإذن الله، فإن للإسلام رجالً ونساء شامخي الهامّة، لا يرضون دس السم في سمنهم وأن يؤتى من قبلهم فهم حراس لهذا الدّين، تراهم يحملون معولين: أحدهما: معول بناء يشيدون فيه صرح الخلافة القادمة قريباً بإذن الله هذه الخلافة التي ستقطع لسان كل من يطعن في محصنات المسلمين وستشرد بالكافر المستعمر من خلفهم وستعلمهم أن مدرسة العفاف هي مدرسة علمنا إياه محمد (صلى الله عليه وسلم) فلن تشوبها شائبة.
أما ثاني المعولين، فهو معول هدم يهدمون فيه منكراً يخالف أفكار الإسلام " فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ".
عندها سينصع بنيان مجتمعنا الإسلامي بياضاً وسيبدو كل بنيان دونه شديد السواد".
" فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ".
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ابو الصادق