السبت، 30 ربيع الثاني 1446هـ| 2024/11/02م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

مقالة كيلة يكيل بمكيالين

بسم الله الرحمن الرحيم

 

في مقالته "فشل الإخوان وانتهاء حلم الخلافة" التي احتضنتها "الجزيرة نت"، كعادتها في احتضان المهمشين والمفكرين المتسكعين على أبواب الأمة الإسلامية التي لفظتهم وأغلقت في وجوههم الأبواب، صبّ الكاتب الماركسي سلامة كيلة جام غضبه على المشروع الإسلامي للأمة، فأسماه "حلم الخلافة" وزعم أنه انتهى إلى غير رجعة بل سقط هذا الحلم حسب تعبيره الغريب.


لم تكفِ الكاتب "المناضل" عقود من الفشل السياسي لأنظمة ومنظمات علمانية واشتراكية كانت نتيجتها الأبرز هي تثبيت (إسرائيل) وإذلال الشعوب وعلى رأسهم الشعوب التي لها علاقة مباشرة بقضية فلسطين.


وكأنه لم يستوعب أن فلسطين ضاعت بسواعد "المتطرفين" سواء العلمانيون منهم والشيوعيون، الذي اغتصبوا السلطة فيما سمي بدول الطوق وعلى رأسهم جمال عبد الناصر وحزب البعث وحافظ الأسد وفتح، بل كأنه أيضاً لم يتنبه إلى أن هذه الماركسية التي تعادي الله وتحارب فطرة الإنسان وتقضي على كل آماله وأحلامه هي التي سقطت وأسقطت معها هؤلاء المهمشين الذين يعيشون على الفتات الفكري للغرب، الغرب الذي داس بقدميه على شيوعية الاتحاد السوفييتي، أمل وحلم الماركسيين العرب وقبلة الاشتراكية العالمية. ولم تكفه توجهات الأمة من المشرق إلى المغرب الواضحة للإسلام وتطلعها للعودة إلى الحكم الرشيد من خلال استئناف الحياة الإسلامية بعودة الدولة الإسلامية بكامل أركانها ونظامها المتكامل الفريد. لم تكفه ثورة الأمة التي صدمت الطبقة النرجسية من المفكرين العرب فصالوا وجالوا يبحثون عن مبررات تُخرجها عن إسلاميتها بل وتجاوزوا الخطوط الحمراء فحملوا حملتهم مع أعداء الأمة ليصفوا ثوراتها بأنها ليست ثورات بل هناك من يحركها ويتلاعب بها، وهذا ما أراده صاحب هذا المقال بكل وضوح، أراد أن يفشّل ثورات الأمة فربطها بالإخوان وربطها بحلم لم ولن يتحقق برأيه، بل انفطر قلبه على الجياع الذين لا يستطيعون الانتظار، حسب تعبيره، بل لا بد من إطعامهم فوراً وإلا فإنهم سيُسقطون من يحكمهم حتى ولو كان إسلامياً.


منطقٌ غريب عجيب،لم نسمعه حتى من أعداء الأمة أو من الغربيين الحاقدين على الإسلام والإسلاميين. منطق يصب جام غضبه على النظام السياسي الإسلامي فيصفه بأوصاف تغضب ليس الله ورسوله فقط بل الأمة الإسلامية كلها لأنه يصب في مصلحة أعداء الأمة وأعداء ثوراتها.


إنك يا سلامة كيلة أوحلت في ولوجك في أحكام الإسلام ونقدك للقرآن بأنه سقط عندما عبرت عن سقوط "حلم الخلافة" فكيف يُحكم بالقرآن وتقوم قائمة الإسلام بلا دولة إسلامية، وما هو النظام الذي أتى به رسول الإسلام وحكم به صحابته ومن بعدهم أكثر من 13 قرناً غير نظام الخلافة! ولو أردت أن أخاطبك بمنطقك "كفلسطيني ماركسي" لقلت لك، لا تتدخل في شؤون غيرك! فأنتم أيها الشيوعيون العرب كنتم وما زلتم معول هدم في بناء نهضة الأمة الإسلامية، لأن مشروعكم الفاشل ببناء دولة ماركسية في العالم العربي سقط وفشل وانتهى من الوجود بلا رجعة، ولم يبق إلا ضفادع هنا وهناك تنقنق بحثاً عن فريسة ضعيفة تلتهمها لتتقوى بها. سقط ذاك المشروع بفشل عبد الناصر في بناء دولة بشرية وفي تحرير أرض صغيرة من براثن الاحتلال الصهيوني، كانت عندما امتطى حكم مصر عمرها أربع سنوات، ضعيفة هزيلة، قويت به وبحكمه الإجرامي القمعي، وسقطت بسقوط حزب البعث الكاذب في وحل النفعية والقمعية، وسقط بتحول حافظ الأسد من مناضل إلى قاتل ومن اشتراكي إلى رأسمالي.


أما وقفة الأمة الإسلامية العزيزة فقد أعمت العلمانيين والشيوعيين ولم يروها بل لا يريدون أن يروها، كالنعامة التي دست رأسها في الرمال. إن المشروع الإسلامي ليس حلماً بل هو حقيقة واقعة، ففضلاً عن كونه أمل الأمة في التخلص من حثالات السياسات الاستعمارية الذين يربضون على صدرها منذ عام 1924، فإنه وعد من الله تعالى ومن رسوله الكريم عليه الصلاة والسلام. ومن المؤسف لمن يجيدون الكتابة والقراءة بالعربية أن لا يفهموا لغة القرآن ولا يذعنوا لإعجازه، بل يبقون في غيّهم يعمهون. لهذا فإن وصف الكاتب للخلافة بأنها "حلم قد سقط" يأتي في هذا السياق، ضعف فكري ووهن ذهني عن متابعة حركة الأمة وعن استيعاب قوة الإسلام الفكرية والسياسية.


أما ما تحدث عنه الكاتب حول الإخوان عموماً وحكم مرسي خصوصاً، فإنه يؤكد ضحالته في فهم الإسلام وأحكامه، فهو يصف مرسي بأنه حكم بالإسلام للوصول لحلم الخلافة! ما هذا الكلام الغريب الذي لا واقع له؟ لو فهمت يا سيد كيلة الإسلام جيداً ونظام الخلافة وطريقة الوصول للحكم، لعلمت أن مرسي وحكمه كانا حلقة من حلقات العلمانية بوجهها الأفشل، فهو لا عقيدة سياسية حمل ولا نظاماً منبثقاً عنها طبّق.


فالخلافة لا تأتي عبر الديمقراطية ولا عبر الأدوات والوسائل غير الإسلامية، فإن حدث هذا كما رأينا في مصر، فإن مصيرها الفشل والسقوط، تماماً كما حدث في الاتحاد السوفييتي السابق حين حاول غورباتشوف إدخال الديمقراطية الغربية لنظام الدولة الشيوعية، فسقطت سقوطاً مريعاً.


وختاماً، حبذا لو يعود المفكر الماركسي السيد كيلة إلى الفكر الإخواني ويبحث عن "الخلافة"، فهو لن يجدها في أجندتهم لأنهم أولا ليسوا حركة سياسية وثانيا لأنهم لا يهدفون لها، فلا طريقة ولا منهاج تبنوه للوصول إليها، وفاقد الشيء لا يعطيه. إن الخلافة هي نظام سياسي لدولة ناهضة، لها طريقة للوصول لها وصولا سلميا آمنا مطمئنا ينعم المجتمع في ظلها بالأمان والطمأنينة التي نعم بها أجداد كيلة وأمثالهم. فتنكر أحفادهم لفضلها عليهم، فكانوا عاقين في كل شيء، حتى في إخلاصهم للأمة الإسلامية ولمشروعها. ولكني أبشركم يا أعداء الخلافة ويا مناهضي مشروع الأمة النهضوي الإسلامي بأن الخلافة صارت قاب قوسين أو أدنى، وسوف ترون بأم أعينكم بعد قيامها كيف ستكونون من أول المادحين لها والملتفين حولها. وصدق الله العظيم حين يقول في قرآنه الخالد: [وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لِيَسْتَخْلِفُنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ].

 



المهندس هشام البابا

رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في سوريا

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع