من مصائب الحضارة الغربية قتل جنوني وفوضى
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد أصبح الخطر الذي يواجهه الأطفال في المدارس كبيرا لدرجة دفعت المعلمين الآن لحمل الأسلحة في المدارس. وقد جاء قرار تسليح المعلمين هذا كرد فعل لذلك الحدث الفاجع من صباح يوم الجمعة الرابع عشر من شهر كانون الأول 2012 عندما اقتحم (آدم لانزا) مدرسة ساندي هوك الابتدائية في ولاية كونكتيكت في أمريكا، وفتح النار دون أدنى شعور بتأنيب للضمير، فطارد وقتل عشرين طفلا صغيرا تتراوح أعمارهم ما بين الخمس والعشر سنوات. وقد كانت ضحيته الأولى في ذلك اليوم أمه التي قتلها بطلقة في وجهها ثم قاد سيارتها متوجها إلى المدرسة التي كان هو نفسه أحد طلابها يوما، ليقتل عشرين طفلا إضافة لستة من المعلمين قبل أن ينتهي به المطاف إلى قتل نفسه. وفي اليوم التالي، صرح الرئيس الأمريكي أوباما معترفا: "لقد عانت أمتنا في السنوات الأخيرة وكابدت عددا كبيرا جدا من هذه المآسي والمصائب".
وفي الواقع، فقد أصبح القتل الجماعي في الولايات المتحدة حدثا طبيعيا. فقبل خمسة أشهر من مجزرة مدرسة ساندي هوك هذه، اندفع (جيمس هولمز) مقتحما سينما مكتظة بالناس في أورورا كولورادو وذلك أثناء الفحص النهائي لفيلم "باتمان" الجديد. ومرتديا ملابس كتلك التي ترتديها شخصيات الفيلم فقام بإطلاق النار ليقتل 12 شخصا على نحو عشوائي. وقبل ذلك بثلاثة أشهر، فتح طالب سابق في جامعة أويكوس في كاليفورنيا النار في الجامعة ليتسبب بمقتل سبعة أشخاص، وحوالي شهرين قبل هذه الحادثة أيضا قام تلميذ سابق في ثانوية شاردون في أوهايو بفتح النار على الطلبة منتقيا إياهم بشكل عشوائي فقتل ثلاثة وجرح ستة آخرين. إن القتل الجماعي في الولايات المتحدة مستمر في الحدوث، وحتى لحظة كتابة هذا التقرير، تم ترتيب جنازات ست من ضحايا جرائم القتل العشوائي يسكنون في مبنى سكني في هياليه، ميامي، وقد قتلوا جميعا دون سبب واضح ظاهر.
إن الوتيرة المتكررة لحوادث القتل هذه، وكذلك حصيلة القتلى فيها في كل مرة، هي في الولايات المتحدة أعلى بكثير منها في غيرها من الدول الغربية الأخرى، لكن هذا الأمر مرتبط بسهولة حصول الأمريكيين على الأسلحة الأوتوماتيكية وسهولة اقتنائها أكثر من كونه مرتبطا بمدى العزلة والغضب اللذين يشعر بهما أولئك القتلة. وعلى سبيل المثال، فخلال الشهر الفائت، في تموز 2013، تم الإبلاغ عن حالتي طعن في إنجلترا (في مدينتي شيبلي وبريكستون)، وكلتا الحالتين وقعتا دون سبب واضح ظاهر وأسفرتا عن مقتل شخص واحد على الأقل. وفي الشهر ذاته، تمت إدانة (دانييل واتكينز) وحكم عليه بعشرين سنة سجن وذلك "لطعنه اثنين من الغرباء في هجوم عشوائي".
وفي حين أن القتل يحدث في جميع أنحاء العالم، وأن القتل أمر قديم قِدم التاريخ البشري، إلا أن الحضارة الغربية تعاني من ظاهرة القتل بلا دافع ولا سبب، وعلى المرء أن يتساءل عن السبب؟. والجواب واضح وهو أن الفكر الغربي هو فكر خاوٍ أجوف من الداخل بل وفاشل في توفير الطمأنينة والقيم العليا السامية. وإن المجتمعات المتشكلة والقائمة على أساس المفاهيم الغربية تصرف الدين بعيدا عن الحياة الاجتماعية تاركة كثير من الناس في حالة من الشعور بالضياع. ومع مرور السنين تتناقص أعداد دور العبادة في حين تكثر وتنتشر أماكن الترفيه وممارسة الهوايات، فرحلات الاستجمام، والإجازات والعطل، والممتلكات المادية وكذا الملذات تتنافس جميعا على ملء الفراغ. وبالنسبة للكثيرين، فإن الحياة كرنفال عقيم من التيه والتخبط بين الموضة والأفلام والخيال وذلك في بحث مستمر عن معنى للوجود: وللبعض فإن الإحباط والفشل قد تجاوز كل الحدود.
د. عبد الله روبين