السبت، 30 ربيع الثاني 1446هـ| 2024/11/02م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

مقالة أزمة نظام أم أزمة فكر

بسم الله الرحمن الرحيم


لعل الحالة التي نعيشها هذه الأيام في مصر تحتاج إلى تفكير عميق، يقف على أسباب الأزمة الحقيقية التي تمر بها البلاد هذه الأيام، ولعل السؤال الأبرز الذي يحتاج إلى إجابة هو، هل ما نحن فيه سببه أزمة نظام أم أزمة فكر؟ والإجابة عن هذا السؤال هي ما يجب أن يشغل بال فصائل التيار الإسلامي، خصوصا الذين كانوا في الحكم لمدة عام، وإذا بهم يتفاجأون بالانقلاب عليهم من قبل شركاء لهم، أو لِنَقُل وزير دفاع حكومتهم، مستعينا ولو بشكل تجميلي لحركته الانقلابية بحزب النور الذي طالما وصُف بأنه شريك لجماعة الإخوان المسلمين في الحكم، كما استعان بشيخ الأزهر وبابا الأقباط، اللذين ما كان ينبغي أن يكونا في هذا المكان عند إعلان عزل الرئيس المنتخب، باعتبار أنهما يشغلان منصبين دينيين بمقاييس الدولة التي أراد أن يؤسس لها السيسي، وحتى بمقاييس الدولة التي أُزيل رأسها، الدكتور محمد مرسي، فكلتا الدولتين في العرف الدستوري علمانيتا الأساس والمبنى، تفصل الدين عن التشريع والسياسة وإن بنسب متباينة، لكن يبدو أن الفريق السيسي أراد أن يُضفي على حركته الانقلابية بعض المشروعية بجلب هذين الرجلين معه، خصوصا وقد تأكد لديه أن محمد مرسي لن يعطيه تنازلا مكتوبا، أو يتلو بيانا مسموعا يعلن فيه تنحيه عن السلطة كما فعل سلفه مبارك.


لقد تولى الدكتور مرسي رئاسة الجمهورية بعد انتخابات حصل فيها على أغلبية ضئيلة، مكنته من الفوز بهذا المنصب، وكان من الغريب أن يكون منافسه الرئيس في هذه الانتخابات، هو الدكتور أحمد شفيق رجل النظام السابق الذي ثار الناس عليه، ولم يكن قد مضى على هذه الثورة أكثر من عام ونصف، وكان للفرق الضئيل الذي فاز به مرسي دلالته الخطيرة، التي كان ينبغي أن يضعها مرسي في حساباته بعد أن تسلم الحكم، فالنظام السابق كان لا يزال يمتلك من القوة الكثير التي ستمكنه من عرقلة أي جهود للإصلاح من وجهة نظر الدكتور مرسي، وإن كانت جزئية، وهو - أي النظام السابق- كان لا يزال يهيمن على مفاصل مهمة في الدولة، ابتداء من الجيش ومرورا بالشرطة وانتهاء بالقضاء، ولكننا لم نكن نسمع من الدكتور مرسي وجماعته، سوى الحديث عن أن قضاء مصر "قضاء شامخ"، ورجال الشرطة "شرفاء"، والجيش ورجالاته "الشرفاء درع الوطن"، ودفعنا ذلك ساعتها للتساؤل لماذا إذاً حدثت ثورة في مصر، إذا كان القضاء نزيها والشرطة وقوات الأمن اللذان كانا أدوات القمع في النظام البائد "شرفاء".

 

لذلك كان من قِصر النظر السياسي الإبقاء على النظام كما هو بقضائه وشرطته وجيشه، وأعني هنا القيادات التي تربت في حضن النظام السابق وكانت يده التي يبطش بها، وعينه التي يرى بها، ورجله التي يرتكز عليها، ناهيك عن الإعلام الذي كان في مجمله في يد رجالات النظام السابق، وكان من السخف الشديد أن يخرج علينا أحدهم مفاخرا، أنه في ظل الرئيس مرسي لم يقصف قلم ولم تغلق قناة، وكان الأولى به أن يقصف مائة قلم ويغلق عشرات القنوات، لم يكن يكفي أن يوصف هؤلاء بأنهم سحرة فرعون، ثم يقف من بيده السلطة وقوف المتفرج على السحرة يقلبون عليه الطاولة ويسفهونه ويسبونه بأقذع الشتائم والسباب، ويعترضون على أي قرار يتخذه ويقيمون عليه الدنيا ولا يقعدونها. لقد كان أول قرار اتخذه السيسي لحظة الانقلاب هو غلق القنوات التي كانت تدعم مرسي، واعتقال رموز التيار الإسلامي الداعمين له أيضا، وقصف كل قلم، يشتمّ منه رائحة وصف ما حدث بالانقلاب، كل ذلك لتأمين وحفظ نظامه الجديد.


ولذلك يمكننا القول أن الأزمة التي وقع التيار الإسلامي فيها، هي خليط من هذا وذاك، هي خليط من أزمة نظام وأزمة فكر.


أزمة النظام:


يقوم النظام الجمهوري على قاعدتين مهمتين هما أس البلاء ومكمن الداء، الأولى قاعدة السيادة للشعب، والثانية قاعدة فصل السلطات. فالرئيس يأتي إلى الحكم بالانتخاب - وهذه لا غبار عليها- ولكنه بعد أن يصل إلى الحكم يجد نفسه مكبلا، يحكم بما تمليه عليه أهواء الأغلبية التي انتخبته بغض النظر عن مصلحة البلد على المدى المتوسط أو البعيد، أو بما تمليه عليه مصلحة كبار الرأسماليين الذين دعموه ومكنوه من الفوز في الانتخابات بغض النظر عن مصلحة الشعب. أما المشكلة الكبرى في النظام الجمهوري فهي تكمن في الدستور الموضوع والذي يحدد ويسيّر جميع العلاقات بين الناس، هذا الدستور يكون من وضع البشر، بعقلهم المحدود وأفكارهم المتناقضة وميولهم المختلفة، فيخرج دستورا معوجاً متناقضاً لا يستند إلى أساس قطعي متين، فيؤدي إلى شقاء الناس بدلاً من سعادتهم، وهذا مشاهد محسوس في بلاد الغرب التي ابتدعت النظام الجمهوري وأصبحت المثل الذي يحتذي به الجميع، فدساتيرهم لم تستطع أن تحقق السعادة والطمأنينة لشعوبهم، ولم تستطع القضاء على الفقر والظلم والفساد والبطالة، وما نراه اليوم في بلاد الاتحاد الأوروبي كاليونان وإيطاليا وإسبانيا خير دليل على ذلك. هذا بخلاف دستور منبثق من عقيدة عقلية قام الدليل القطعي على صحتها، وتشكل عقيدة الأمة بمجموعها. وتُستنبط أحكامه حسب الدليل الأقوى من نصوص ثابتة، وليس حسب أهواء الناس المتباينة وميولهم المتفاوتة.


والإسلام باعتباره الدين الحق والمبدأ الصالح والمصلح لكل زمان ومكان هو العقيدة العقلية الصحيحة التي اعتنقتها الأمة، وعاشت في ظلها قرونا طويلة. وبالتالي يجب أن تكون العقيدة الإسلامية هي أساس الدولة، بحيث لا يتأتى وجود شيء في كيانها أو جهازها أو محاسبتها أو كل ما يتعلق بها، إلا بجعل العقيدة الإسلامية أساساً له. وهي في الوقت نفسه أساس الدستور والقوانين الشرعية بحيث لا يُسمح بوجود شيء مما له علاقة بأي منهما إلا إذا كان منبثقاً عن العقيدة الإسلامية. أما أن يتم وضع دستور من خلال لجنة تأسيسية تعتمد على عقول قاصرة وناقصة ومحتاجة، فضلا عن تأثرها بالواقع تأثرا عظيما، ومراعاتها للتيارات المتناقضة بل والمتنافرة التي أوجدها الاستعمار في بلاد المسلمين، بعد أن سهر على تفتيت مجتمعاتها وتخريب عقلية الناس بحشوها بأفكار متهافتة ومفاهيم مغلوطة، تقوم على أسس تناقض عقيدتهم.


لقد تم وضع دستور في مصر لا يختلف كثيرا عن دستور 1971م إلا في بعض المواد ذات الصيغ الإنشائية التي لا طائل من ورائها، وبرغم انسحاب عدد من المعترضين المحسوبين على التيار العلماني من اللجنة التأسيسية، إلا أن الذين قاموا بصياغة الدستور راعوا المنسحبين ومن يقف وراءهم من العلمانيين، ووضعوا دستورا يركز مسألة فصل السلطات التي استوردناها لنظمنا الحاكمة بعد هدم دولة الخلافة، والتي تجعل من الرئيس رئيسا بصلاحيات منقوصة، لا يستطيع أن يقيل نائبا عاما كانت إقالته مطلبا ثوريا، لأن المؤسسة القضائية التي لا يزال يسيطر عليها أزلام المخلوع مبارك كما هو مشاهد محسوس ضربوا بقراره عرض الحائط. فبعد إقرار الدستور أراد مرسي أن يمارس ما سمي حينها بتطهير القضاء، فلم يستطع، لأن الدستور الوضعي الذي صنعه رجاله لم يسعفه، ولقد وضع الغرب نظرية فصل السلطات وطبقها في نظمه ليحول دون استبداد الحاكم وتحكمه في البلاد والعباد بما يشاء ويهوى، وهذا كان الواقع المشاهد في الغرب أيام استبداد الملوك وتسلطهم، أما الواقع في نظام الإسلام فهو مختلف، فلا يمكن للحاكم أن يستبد ويحكم بهواه لأنه نفسه خاضع للأحكام الشرعية ولا يستطيع الحيد عنها، فمن الخطأ أخذ نظرية نشأت في ظروف معينة خاصة بالغرب وتطبيقها على واقع مختلف.


ولو قارنا صلاحيات الرئيس في النظام الجمهوري وصلاحيات رئيس الدولة أو الخليفة في نظام الخلافة لوجدنا فرقا شاسعا، وهذا ما يجعل من نظام الخلافة نظاما متسقا مع واقع الحكم بل منطبقا عليه، إذ الواقع يؤكد أن الحكم فردي، وهذا مشاهد في المجتمعات البشرية جميعها، قديما وحديثاً، والحديث عن الحكم الجماعي، أو حكم الجمهور ما هو إلا أكذوبة لا تمت للواقع بصلة، ولنرى الآن ما هي صلاحيات الخليفة:


أ - هو الذي يتبنى الأحكام الشرعية اللازمة لرعاية شؤون الأمة المستنبطة باجتهاد صحيح من كتاب الله وسنة رسوله لتصبح قوانين تجب طاعتها ولا تجوز مخالفتها.


ب - هو المسئول عن سياسة الدولة الداخلية والخارجية معاً، وهو الذي يتولى قيادة الجيش، وله حق إعلان الحرب، وعقد الصلح والهدنة وسائر المعاهدات.


ج - هو الذي له قبول السفراء الأجانب ورفضهم، وتعيين السفراء المسلمين وعزلهم.


د - هو الذي يعين ويعزل المعاونين والولاة، وهم جميعاً مسئولون أمامه كما أنهم مسؤولون أمام مجلس الأمة.


هـ - هو الذي يعين ويعزل قاضي القضاة والقضاة باستثناء قاضي المظالم في حالة نظره في قضية على الخليفة أو معاونيه أو قاضي قضاته. والخليفة هو الذي يعين ويعزل كذلك مديري الدوائر، وقواد الجيش، وأمراء ألويته، وهم جميعاً مسؤولون أمامه وليسوا مسؤولين أمام مجلس الأمة.


و - هو الذي يتبنّى الأحكام الشرعية التي توضع بموجـبـها ميزانية الدولة، وهو الذي يقرر فصول الميزانية والمبالغ التي تلزم لكل جهة سواء أكان ذلك متعلقاً بالواردات أم بالنفقات.


وكما قلنا لا يعني هذا أن الخليفة أصبح بهذه الصلاحيات ديكتاتورا، لأنه مقيد في التبني بالأحكام الشرعية فيحرم عليه أن يتبنى حكماً لم يستنبط استنباطاً صحيحاً من الأدلة الشرعية، وهو مقيد بما تبناه من أحكام، وبما التزمه من طريقة استنباط، فلا يجوز له أن يتبنّى حكماً استنبط حسب طريقة تناقض الطريقة التي تبناها، ولا أن يعطي أمراً يناقض الأحكام التي تبناها. وبهذا يُمكّن الخليفة من سياسة شئون رعايا الدولة تمكينا تاما يمكّنه من قيادة الدولة بشكل صحيح، وهو في الوقت نفسه مقيد بأحكام لا يستطيع الخروج عنها، فلا يستطيع أن يحكم بهواه، وكذلك فإن عينيه ترقب رضى الأمة وسخطها بشكل مستمر، فهي تراقبه وتحاسبه، لأن ذلك فرض عليها وليس فقط حقا لها، كما توجد أعين أخرى تحاسب وتراقب، هي أعين الأحزاب السياسية التي تقوم على أساس الإسلام، ومجلس الأمة الذي يقوم على الشورى والمحاسبة، وأخيرا محكمة المظالم التي تنظر في كل القضايا والشكاوى التي ترفع على الحكام بما فيهم الخليفة.


وتتجلى عظمة مفهوم الحكم في الإسلام في المقولة التالية لعُمير بن سعد، عامل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب على حمص، حيث قال وهو على المنبر: «لا يزال الإسـلام منيعاً ما اشتدَّ السُـلطان. وليست شدَّة السُلطان قتلاً بالسيف أو ضرباً بالسَوْط، ولكن قضاءً بالحق وأخذاً بالعدل»


هذا هو النظام الذي يجب أن يؤسس له، فهو النظام الذي ارتضاه الله لنا، أما النظام الجمهوري فيشكل هو ذاته أزمة لأنه نظام فاسد، فضلا عن كونه نظام كفر كان يجب على الثورة أن تستمر حتى تكنسه من جذوره، لا أن يأتي رئيس وصُف بأنه مرشح الثورة فيثبت أركانه، ويبقي على رموز قادته في أهم مفاصل الدولة، ويرضى بأن يُحاكم بضعة أشخاص فقط من النظام السابق في محاكم هزلية يترأسها قضاة فاسدون كانوا سدنته، ومن خلال قوانين معوجة عرجاء وضعوها هم أنفسهم بحيث لا تدينهم أبدا. وفي النهاية لم يحفظوا له فضلاً ولا جميلاً بل انقلبوا عليه وغدروا به حينما سنحت لهم أول فرصة!

 

أزمة فكر:


إن الذين وصلوا إلى الحكم ممن يسمون أنفسهم بأنهم أبناء "التيار الإسلامي المعتدل" كانوا يعانون مما يمكننا أن نسميه أزمة فكر، فهم يفتقدون الفكر التغييري الانقلابي، بمعنى أن شعارهم هو "إن نريد إلا الإصلاح ما استطعنا"، وهم لم يدركوا أن واقعنا المعاصر يحتاج إلى فكر تغييري جذري، فالدار ليست دار إسلام، فهي لا تحكم بالإسلام كي نصلح الموجود ونقومه، وأمانها ليس بأمان المسلمين، والمجتمع مجتمع غير إسلامي، فالأفكار والمشاعر فيه خليط من أفكار الإسلام وأفكار الكفر، فضلا عن أن النظام الذي يحكمه نظام كفر، ولذا فإن مثل هذا الواقع يحتاج إلى عملية تغيير جذرية شاملة لا عملية إصلاح، ولذا كان عليهم أن يقتفوا أثر النبي صلى الله عليه وسلم في التغيير، فهو صلى الله عليه وسلم أقام مجتمعا إسلاميا في المدينة وأقام دولة إسلامية بشكل انقلابي جذري، بعد أن كنس النظام السابق من أساسه، فعل ذلك بعد أن سار في دعوته الفكرية السياسية في مراحل، بدأت بمرحلة التثقيف ثم التفاعل بالصراع الفكري والكفاح السياسي وطلب النصرة من أهل القوة والمنعة، ثم استلام الحكم، فكانت دولته التي أقامها في المدينة دولة إسلامية حقيقية، مكنته من اللحظة الأولى من أن يكون هو الآمر الناهي صاحب السلطان الحقيقي، السيادة المطلقة فيها للشرع وحده، أي لأحكام الله، وليس للشعب وأهوائه، وما كان الرسول ليقبل أن يأخذ الحكم منقوصا أو مشروطا، وبرغم أنه عرض عليه ذلك في أشد الأوقات وأحلكها حين كان أصحابه يعذبون بل ويقتلون، ولكنه رفض ذلك رفضا تاما حتى مكّن الله له في المدينة.


لقد استند أصحاب هذا الطرح المسمى بالمعتدل، على قواعد واهية لا تصمد أمام الدليل الشرعي وأمام الواقع، من مثل الحديث عن التدرج وأننا سنطبق الإسلام في القريب العاجل ولكن بتدرج حتى لا ينفر الناس من الإسلام كما يدعون، وإذا بهم يُنفِّرون الناس دون أن يطبقوا إسلاما ولو حتى متدرجا، ثم بعد أن انقلبوا عليهم وأزاحوهم عن الحكم قالوا، لم نكن ممكنين من الحكم، وكانت هناك دولة عميقة تحاربنا، أولم تكونوا تدركون ذلك حينما قبلتم أن تأخذوا الحكم منقوصا باللعبة الديمقراطية التي لا تقبل منكم اللعب إلا بشروطهم فوافقتم على ذلك؟!


والغريب الآن أن نحشد الناس من أجل الشرعية الديمقراطية، لنعيد الكرة مرة أخرى بشروطهم التي إن قبلوا التفاوض عليها فستكون هذه المرة أكثر إذلالا وتكبيلا مما سبق. إن الواجب يحتم علينا النصيحة لهم خصوصا وقد تبين لهم صحة ما ندعوهم إليه، وفشل الطريق الديمقراطي والمشاركة في الحكم في نظام كفر لا يمكّن للإسلام أبدا، فدونها ضرب الرقاب وبحار من الدماء، لقد قالها نبيل فهمي وزير خارجية الانقلاب، عندما قال أن الدكتور مرسي كان "يسعى لإقامة حكم إسلامي، وهذا ما لم نكن نسمح به أبدا"، وبغض النظر عن صحة هذا الادعاء أو خطئه، فالرجل يعبر عن مكنون نفسه الخبيث، وعن حقده الدفين على الإسلام، وعن رغبات أسياده العلمانيين الذين أصابتهم نشوة عظيمة عندما رضيت بهم أمريكا بديلا عن حكم الإخوان، ولقد ظنوا أن الفرصة أمامهم سانحة في هذا التوقيت للقضاء على الإسلام والإسلاميين، ولكن سيخيب فألهم، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.


لا بد للتيار الإسلامي اليوم أن يزيد من التفاف الناس حوله ليوجد الرأي العام المنبثق عن وعي عام على الإسلام ودولته دولة الخلافة، وهذا ممكن جدا، فهناك قطاع كبير من الناس لم ينضم لا للانقلابيين ولا للتيار الإسلامي، وهذا الفريق ينتظر من التيار الإسلامي خطابا مختلفا يُبْرِزُ له المشروع الإسلامي في شكل حضاري واضح، يظهر فيه تمايز الدولة الإسلامية عن كل النظم الموجودة في العالم، كما يظهر قدرتها على رعاية شئون الناس بالإسلام بشكل يحقق للرعية العيش الرغيد الآمن المطمئن، بعيدا عن أي هيمنة ونفوذ غربي، بل أكثر من ذلك إبراز قدرة هذه الدولة على قيادة البشرية لما فيه الخير والسعادة لكل الناس.


وإنه من غير المقبول في هذا الظرف الراهن أن يردد بعض قادة وعلماء التيار الإسلامي على مسامع أصحاب مشروع الخلافة تلك الجملة المملولة المحبطة للأمة: ليس الوقت مناسبا للحديث عن الخلافة الآن. بل الوقت وقتها والأوان أوانها، فهي التي ستنقذ الأمة من مستنقع الفقر والعوز والفوضى والأزمات المتلاحقة الذي وقعت فيه، وهي مشروع الأمة العظيم الذي ستلتف حوله بكل تأكيد، لأنه يشكل حضارة وتاريخ هذه الأمة فضلا عن أنه حكم شرعي واجب الاتباع وبذل الغالي والنفيس في سبيل تحقيقه.


قال تعالى: ((وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ))

 

 

 

شريف زايد
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير ولاية مصر

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع