السبت، 21 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

نداءات القرآن الكريم ح41 تنظيم العلاقات المالية في المجتمع المسلم ج2

بسم الله الرحمن الرحيم


(يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجار‌ة عن تر‌اض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم ر‌حيما). (النساء 29)


الحمد لله الذي أنزل القرآن رحمة للعالمين، ومنارا للسالكين، ومنهاجا للمؤمنين، وحجة على الخلق أجمعين. والصلاة والسلام على سيد المرسلين, وآله وصحبه الطيبين الطاهرين, والتابعين له بإحسان إلى يوم الدين, واجعلنا اللهم معهم, واحشرنا في زمرتهم برحمتك يا أرحم الراحمين.


أيها المؤمنون:


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد: في هذه الحلقة نصغي وإياكم إلى نداء من نداءات الحق جل وعلا للذين آمنوا, ومع النداء العشرين نتناول فيه الآية الكريمة التاسعة والعشرين من سورة النساء التي يقول فيها الله تبارك وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجار‌ة عن تر‌اض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم ر‌حيما). نقول وبالله التوفيق:


يسترسل صاحب الظلال سيد قطب رحمه الله في تفسير هذه الآية الكريمة فيقول: "وأكل الأموال بالباطل يشمل كل طريقة لتداول الأموال بينهم لم يأذن بها الله، أو نهى عنها، ومنها الغش والرشوة والقمار واحتكار الضروريات لإغلائها، وجميع أنواع البيوع المحرمة - والربا في مقدمتها- ولا نستطيع أن نجزم إن كان هذا النص قد نزل بعد تحريم الربا أو قبله, فإن كان قد نزل قبله، فقد كان تمهيدا للنهي عنه، فالربا أشد الوسائل أكلا للأموال بالباطل، وإن كان قد نزل بعده، فهو يشمله فيما يشمل من ألوان أكل أموال الناس بالباطل.


أيها المؤمنون:


واستثنى العمليات التجارية التي تتم عن تراض بين البائع والشاري: (إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم) وهو استثناء منقطع، تأويله: ولكن إذا كانت تجارة عن تراض منكم فليست داخلة في النص السابق .. ولكن مجيئها هكذا في السياق القرآني، يوحي بنوع من الملابسة بينها وبين صور التعامل الأخرى، التي توصف بأنها أكل لأموال الناس بالباطل. وندرك هذه الملابسة إذا استصحبنا ما ورد في آيات النهي عن الربا - في سورة البقرة - من قول المرابين في وجه تحريم الربا:

 

(إنما البيع مثل الربا) ورد الله عليهم في الآية نفسها: (وأحل الله البيع وحرم الربا) فقد كان المرابون يغالطون، وهم يدافعون عن نظامهم الاقتصادي الملعون، فيقولون: إن البيع - وهو التجارة - تنشأ عنها زيادة في الأموال وربح فهو - من ثم - مثل الربا, فلا معنى لإحلال البيع وتحريم الربا! والفرق بعيد بين طبيعة العمليات التجارية والعمليات الربوية أولا، وبين الخدمات التي تؤديها التجارة للصناعة وللجماهير والبلاء الذي يصبه الربا على التجارة وعلى الجماهير.


أيها المؤمنون:


فالتجارة وسيط نافع بين الصناعة والمستهلك تقوم بترويج البضاعة وتسويقها, ومن ثم تحسينها وتيسير الحصول عليها معا، وهي خدمة للطرفين، وانتفاع عن طريق هذه الخدمة، انتفاع يعتمد كذلك على المهارة والجهد, ويتعرض في الوقت ذاته للربح والخسارة، والربا على الضد من هذا كله, يثقل الصناعة بالفوائد الربوية التي تضاف إلى أصل التكاليف, ويثقل التجارة والمستهلك بأداء هذه الفوائد التي يفرضها على الصناعة، وهو في الوقت ذاته -كما تجلى ذلك في النظام الرأسمالي عندما بلغ أوجه - يوجه الصناعة والاستثمار كله وجهة لا مراعاة فيها لصالح الصناعة ولا لصالح الجماهير المستهلكة, وإنما الهدف الأول فيها زيادة الربح للوفاء بفوائد القروض الصناعية. ولو استهلكت الجماهير مواد الترف ولم تجد الضروريات! ولو كان الاستثمار في أحط المشروعات المثيرة للغرائز، المحطمة للكيان الإنساني .. وفوق كل شيء، هذا الربح الدائم لرأس المال وعدم مشاركته في نوبات الخسارة - كالتجارة - وقلة اعتماده على الجهد البشري، الذي يبذل حقيقة في التجارة .. إلى آخر قائمة الاتهام السوداء التي تحيط بعنق النظام الربوي, وتقتضي الحكم عليه بالإعدام كما حكم عليه الإسلام!". (انتهى الاقتباس).


أيها المؤمنون:


نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة، موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى، فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما، نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه، سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام وأن يعز الإسلام بنا وأن يكرمنا بنصره وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة في القريب العاجل وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها إنه ولي ذلك والقادر عليه نشكركم لحسن استماعكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 


محمد أحمد النادي

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع