السبت، 21 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

من ينقذ تونس من أزماتها؟!

  •   الموافق  
  • كٌن أول من يعلق!

بسم الله الرحمن الرحيم

 

لقد كانت تونس فاتحة الخير في هذه الثورات المباركة؛ التي ثارت على الظلم والقهر والتسلط، وكان الهدف المنشود - عند أهل تونس - هو تغيير الواقع السيئ، والارتفاع عن هذا المستوى الاقتصادي الهابط الذي وصلوا إليه في ظل جبروت وقهر بن علي، ومن سبقه من حكام تونس، وكانوا يهدفون أيضا إلى الانعتاق من القيود السابقة التي كانت تقترب من مستوى الاستعباد، وفرض ما تريده الزمرة الحاكمة على كافة أطياف الشعب التونسي..


وبالفعل فإن تونس قد تخلصت من رموز الظلم الممثلة برئيس الدولة والمقربين منه، وأخذت شيئا من حرياتها المسلوبة في بعض الميادين، وخاضت تجربة انتخابية في البرلمان وفي منصب الرئيس.. لكن رغم كل هذا التغيير - الشكلي - الذي حصل فإن تونس لم تنهض على المستوى الاقتصادي بل ازدادت سوءاً رغم الخيرات الكثيرة والعميمة التي تحظى بها، أيضا فإن تونس لم تحظ بالاستقرار السياسي منذ قلع فساد بن علي وزمرته حتى اليوم، وقد تعاقب على حكم تونس أكثر من حكومة، قبل هذه الانتخابات وحتى هذه الانتخابات، لم تحظ بموافقة ورضا الشعب، ولا الأحزاب السياسية الممثلة لهذا الشعب، وبمعنى آخر فإن تونس لم تتقدم إلى الأمام إلا في ناحية واحدة فقط هي خلع الفساد السابق (بن علي وبعض زبانيته) من أرضها، وأن الشعب ما زال ينشد التغيير الحقيقي ولم يسكت على الظلم والانحطاط المستمر حتى الآن.


والسؤال الذي يرد هنا هو: لماذا لم تنهض تونس من واقعها الأليم رغم أنها تخلصت من رموز الفساد القديم؟!


والجواب على هذا السؤال المهم هو أن تونس لم تُحكم حتى الآن بالفكر الذي يخلصها من الواقع السيئ، ولم يحكمها أناسٌ مخلصون لها ولدينها ولمبدئها الذي تحمله.


فهذه الأحزاب الموجودة اليوم في تونس؛ سواءٌ منها اليسارية أو القومية أو حتى "الإسلامية المعتدلة" أو ما كان له ارتباطات بالإرث السيئ السابق.. كل هذه الأحزاب لا تحمل فكر الأمة النقي ولا تريد تطبيقه في أرض الواقع، أي في الدولة والمجتمع، عدا عن أن بعض هذه الأحزاب متعددة الولاء السياسي وتدين للغرب ولأفكاره العلمانية الدخيلة على الأمة!!


وهذا ما يفسر هذا التطاحن والتنافس على الكرسي، ونسيان هموم وطموح وتطلعات الشعب المقهور البائس الفقير؛ والذي يعاني ما يعاني..


فتونس لم تتخلص من التبعية الاستعمارية بعد، رغم كل ما جرى في ظل الثورة، وأكبر دليل على ذلك هو هذه التحكمات العريضة، من قبل المؤسسات المالية الدولية، وإملاءاتها التي تمليها على الأمور الاقتصادية داخل تونس، وكذلك الإملاءات السياسية من قبل الدول الكافرة التي تمليها، وتقبلها الأحزاب الحاكمة في شكل الدستور ونظام الدولة وعلاقتها مع الدول الكبرى، واشتراطاتها على الحكومة في إبعاد الإسلام السياسي من الدولة والمجتمع، وفي إعلانها الحرب على الإرهاب، أي على المسلمين المخلصين سواء أكانوا من الجهاديين أم السياسيين...


هذا عدا عن الارتباطات السرية والعلنية بين الأحزاب السياسية الفاعلة في الساحة التونسية، وبين هذه الدول الاستعمارية الكبرى..


وبناء على وصف هذا الواقع البئيس في تونس فإنه لا ينقذ تونس ذهاب حكومة ومجيء حكومة جديدة بثوب جديد، أو استقالة رئيس ومجيء آخر بثوب خارجي جديد، أو بانتخابات برلمانية تكرّس الفكر العلماني القديم.. وحتى ما جرى أخيرا من تسمية رئيس وزراء جديد (مهدي جمعة) يوم 2013/12/15.. فهذا كله يزيد الشعب عنتا ومشقة وترديًا في الوضع الاقتصادي ليزداد سوءاً فوق سوء..


فالذي ينقذ تونس من هذا الواقع المتردي البئيس يتمثل في الأمور التالية:-


1- وضع الفكر الذي تحمله الأمة في تونس موضع التطبيق الفعلي، بحيث تكون الدولة بكافة مؤسساتها ودستورها تبعا لهذا الفكر؛ وهذا الفكر هو دين الإسلام، فتُعلن تونس دولة إسلامية تطبق الإسلام في الدولة والمجتمع، ولا يُنظر لأي تبعات أخرى ولا يسمح بأية إملاءات خارجية..


2- وضع المخلصين من أبناء تونس في موضع القيادة لأهل تونس، لأنهم وحدهم القادرون على تطبيق فكر الأمة (الإسلام) بإخلاص، فواجب على شعب تونس أن يبحث وينظر من هي القيادة أو الحزب المخلص الذي يتبنى فكر الأمة دون مواربة ولا مداهنه، ولا ارتباط مع الدول الاستعمارية وفكرها وإملاءاتها..


3- قطع الصلة مع الدول الاستعمارية من حيث التبعية السياسية والاقتصادية، وجعل العلاقة معهم محصورةً فقط في أحكام الدين الذي أنزله رب العالمين هدىً ورحمةً للمسلمين أجمعين، ولينظم علاقاتهم مع جميع الناس؛ ومنها هذه الدول الكافرة حسب أحكام الشرع..


4- نبذ الأحزاب والشخصيات السياسية التي لا تحمل فكر الأمة وهمها وتطلعاتها نحو الارتقاء والانعتاق، وعدم السير خلفها، وعدم الرضا بها، ولا بما تصنعه من انتخابات شكلية ملفقة لإسكات صوت الأمة ووضعها في دوائر مفرغة جديدة، وهذا ينطبق على كل الأحزاب الموجودة الآن في سدة الحكم والبرلمان؛ لأنها جميعا قد فصلت نفسها على فكر الأمة وآمالها وتطلعاتها نحو الرفعة والسموّ على أساس الإسلام الصحيح..


بهذه الأمور العملية الصحيحة يستطيع أهل تونس أن يبدؤوا طريقا صحيحا، وأن يجلبوا الخير العميم لهم ولبلادهم، ولكافة بلاد المسلمين تماما كما جلبوا الخير في بداية الثورات..


أما الحاصل اليوم من تغيير رئيس وزراء، أو انتخابات برلمانية أو رئاسية مستقبلية أو غير ذلك من مسرحيات هزلية فلن تزيد أهل تونس إلا مؤامرات جديدة، وتردّيًا جديدًا وتعباً ومشقة..


إننا نرى شعاع نورٍ وخيرٍ في هذا البلد الطيب، وما هذا التوجه الإسلامي الواسع الذي يزداد يوما بعد يوم، بل ساعة بعد ساعة إلا علامة خير في هذا البلد، وإن الواقع الذي يتشكل اليوم في أرض تونس ليمهد لخير قادم جديد سيشرق بإذنه تعالى من أرض تونس الخضراء بإيمانها وطيبة أهلها وحبهم للانعتاق والتغيير، فلن ينقذ تونس مما هي فيه اليوم من المؤامرات الدولية أيادٍ مرتبطة بالاستعمار الأجنبي وخاضعة لإرادته الدولية وإملاءاته السياسية، وأن كل ما يجري من أحداث وتغييرات إنما تقود إلى زيادة في تفكك الشعب التونسي وإثارة النعرات القومية داخله وقد تؤدي أيضا - لا سمح الله - إلى فتن واقتتال داخلي لا تحمد عقباه، وربما قاد هذا وذاك إلى فراغ سياسي لتصبح البلاد دون قيادة تمسك مقود سفينة النجاة إلى بر الأمان.


إن الواجب الشرعي اليوم على أهل تونس - إذا أرادوا مرضاة الله تعالى والسير في الطريق القويم طريق النجاة الرباني وأرادوا أن يوفروا على أنفسهم ضياع الوقت، ومزيدا من الخسائر المادية والمعنوية - إن الواجب هو أن يسيروا خلف المخلصين من أبناء دينهم في تونس، وهم معروفون عندهم يعرفونهم بسيماهم وبأعمالهم، وبعدم ارتباطهم بأية دولة أجنبية ويعرفونهم بما أسسوا من فكر نقي صحيح ودستور جاهز للتطبيق، يعرفه العلماء المخلصون، ويقرون بصحته، وهؤلاء هم (حزب التحرير) الذي بات أشهر من نار على علم في أرض تونس ويشهد له كل المخلصين بالاستقامة والإخلاص والمعرفة والفهم الدقيق للإسلام وللسياسة الدولية والمحلية...


فنسأله تعالى أن يصرف عن تونس الفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يلهم أهلها اتّباع الخير والاستقامة والصلاح والفلاح، وأن يجعل من أرض تونس بداية الخير في قيام نواة الدولة الإسلامية في أرضها تماما كما كانت بداية الخير في الثورة على الظلم والظالمين... آمين يا رب العالمين.

 

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
حمد طبيب - بيت المقدس

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع