معالم الإيمان المستنير م3-ح1 الكون لم يخلق صدفة
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها المسلمون:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد
أيها المؤمنون:
الكون لم يخلق صدفة. وإليكم هذه المناظرة بين أبي حنيفة رحمه الله وعدد من الملحدين: ظهر في بغداد زمن دولة الخلافة العباسية من يروج لفكرة أن الكون خلق صدفة، وذلك بعد ترجمة الفلسفة الإغريقية الوثنية. وصعب إقناع الملحدين بأن الله هو من خلق الكون. والناس في حيرة من هذا الأمر.
فطلب إلى شيخ بغداد وعالمها الجليل الإمام أبي حنيفة النعمان رحمه الله أن يتصدى لهم. فقبل، وحدد يوم الجمعة وقتا للمناظرة بين صلاتي المغرب والعشاء. وحدد ضفة نهر دجلة مكانا لها. وجعل عنوانها " هل الكون خلقه الله أم وجد صدفة وحده"؟
حضر المناظرة جمع غفير ليشهدوا ما يجري فيها. وقضيت صلاة المغرب والناس ينتظرون الإمام أبا حنيفة إلا أنه لم يأت، ثم دخل وقت صلاة العشاء وصلى الناس ولم يأت أبو حنيفة. فأصاب الناس الذعر والاستغراب بسبب تأخره. وأخذ الملحدون يقولون: إن صاحبكم اقتنع أنه خاسر؛ فلذلك لن يأتي.
وبينما الناس في حيرة مما يجري، فإذا بالإمام أبي حنيفة يصل. فسأله الناس عن سبب تأخره؟ فقال: أنتم تعرفون أننا تواعدنا على ضفة نهر دجلة، وأنا كنت على الضفة الأخرى، ولم أستطع القدوم في موعدنا لأنني لم أجد قاربا أعبر به النهر. فقالوا له: فكيف أتيت إذا؟ فقال: بينما كنت جالسا على ضفة النهر أنتظر والوقت يمر، فإذ بي أرى أمرا عجيبا غريبا، إذ رأيت منشارا يخرج من الماء ويتجه إلى الأشجار فينشرها ويصنع منها ألواحا. والمسامير تخرج من باطن الأرض وتثبت الألواح معا. والمطرقة تأتي من التراب فتدق المسامير فصار القارب جاهزا فأتيت به. وهذا هو سبب تأخري.
فاستغرب الناس من هذا الجواب! وأخذ الملحدون يضحكون ويستهزئون بأبي حنيفة ويقولون له: أفيعقل أن يصنع القارب وحده هكذا صدفة، لا بد أنك مجنون يا أبا حنيفة! لا بد أن القارب الذي جئت به قد صنعه أحد ما.
هنا وقف الإمام قائلا: لقد أفحمتكم وغلبتكم! أيها القوم: أنتم لا تصدقون أن الله هو من خلق الكون، وتقولون: إن الكون تكون وحده وخلق صدفة. ولكنكم لا تصدقون أن هذا القارب البسيط قد صنع وحده دون أن يصنعه أحد. أفيعقل ما تزعمون: أن هذا الكون لم يخلقه أحد! أما هذا القارب فلا بد أن يصنعه أحد! وهكذا أخزى الله الملحدين، وانقلبوا صاغرين.
الإمام الشافعي يقدم الدليل على وجود الله:
جاء سبعة عشر رجلا من الزنادقة إلى الإمام الشافعي رحمه الله لا يؤمنون بوحدانية الله ولا باليوم الآخر، ويرون أن الطبيعة خلقت نفسها، وسألوه: ما الدليل على وجود الله؟ فقال: ورقة التوت طعمها واحد، تأكلها الدودة فيخرج منها الحرير، ويأكلها النحل فيخرج منه العسل، ويأكلها الغزال فيخرج منه المسك، فمن جعل هذه الأشياء مع أن الطعم واحد؟ فاستحسنوا كلام الإمام وأسلموا. على يديه.
ومن الأدلة أيضا: أن البيضة حصن حصين، وبناء رصين، لا منفذ فيها ولا مخرج, ولا هواء ولا ماء, تفقس فيخرج منها حيوان سميع بصير، ذو شكل حسن، وهيئة جميلة، وصوت مليح، فاسأل من خلق، ومن برأ، ومن أنشأ، ومن صور، إنه الخلاق العليم. والزهرة ذات الألوان؛ الأبيض الفاتح، والأحمر الغامق، والأسود الفاحم، والأخضر الممتع، تهل بالندى، وتفوح بالشذى، وتميس مع الهوى، آية من آيات من على العرش استوى. وفي هذا يقول الشاعر العباسي أبو علي الحسن بن هانئ المعروف بأبي نواس شاعر الخمر:
تــأمل في نبــــــات الأرض وانظر إلى آثــــار مــــا صنـــــــع المليــك
عيون من لجـــــــيـــن شاخصـــات بأغصــان هي الذهب السبيك
على قضب الزبرجد شاهدات بـأن الله ليــــس لـه شريــــــك
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, نشكركم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.