معالم الإيمان المستنير-م4-ح7- إثبات وجود الخالق
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها المسلمون:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أيها المؤمنون:
لا زلنا في مرحلة إثبات العجز والنقص والاحتياج للأشياء المدركة المحسوسة. ومع السؤال الخامس عشر: ما مدلول كلمة محتاج؟
الجواب: مدلول كلمة محتاج يعني أنه مخلوق؛ لأن مجرد حاجته تعني أنه عاجز عن إيجاد شيء ما من العدم, أي عاجز عن إيجاد ما احتاج إليه, فهو ليس خالقا, وما دام ليس خالقا فهو مخلوق؛ لأن الوجود كله لا يخرج عن كونه خالقا أو مخلوقا, ولا ثالث لهما, وأيضا فإن المحتاج لا يمكن أن يكون أزليا, لأن مدلول كلمة أزلي تعني أن لا يستند إلى شيء؛ لأنه إذا كان في تصرفه وتحوله يحتاج إلى غيره, يكن احتياجه إلى غيره في وجوده من باب أولى, ولأنه لو احتاج في وجوده إلى غيره لكان غيره موجودا قبله, فلا يكون أزليا, فمدلول كلمة "الأزلي" أنه لا يستند إلى شيء, ولا يحتاج إلى شيء, وما دام المحتاج ليس أزليا, فهو مخلوق قطعا, وعلى هذا فكون الأشياء المدركة المحسوسة محتاجة أمر قطعي, وهذا يعني أن كونها مخلوق لخالق أمر قطعي أيضا, وعلى هذا فإن الكون محتاج وهو مخلوق لخالق.
السؤال السادس عشر: ما مدلول كلمة خالق؟
الجواب: الخالق لا بد أن يكون غير مخلوق؛ لأنه لو كان مخلوقا لما كان خالقا, لأنه لا يوجد إلا خالق ومخلوق, وهما شيئان متباينان, فأحدهما غير الآخر قطعا, ولذلك فإن من صفات الخالق كونه غير مخلوق, فما ليس بمخلوق هو الخالق. ولا بد أن يكون الخالق أزليا, أي لا أول له ولا آخر؛ لأنه إذا كان له أول وآخر كان مخلوقا. إذ قد بدئ وجوده من حد معين, فكونه خالقا يعني بأن يكون أزليا, إذ الأزلي تستند إليه الأشياء, ولا يستند إلى شيء وهذا الأزلي هو الخالق وهو مدلول كلمة الله أي هو الله تعالى. سبحانه لا إله إلا هو. وقد عبر القرآن الكريم في سورة الإخلاص عن معنى كلمة أزلي بتعبير آخر فقال: [اللـه الصمد]. والصمد هو الأزلي تستند إليه الأشياء, ولا يستند هو إلى شيء. قال المفسرون: هو المقصود في الحوائج كلها.
السؤال السابع عشر: هل يقال: إن الخالق خالق لشيء, ومخلوق لشيء آخر؟
الجواب: لا يقال ذلك؛ لأن البحث ليس بحثا عن شيء معين كالإنسان أو الإله, بل البحث عن المخلوق من حيث هو مخلوق, لا عن مخلوق معين, وعن الخالق من حيث وصفه بالإيجاد من العدم, فلا يكون الشـيء خالقا ومخلوقا في وقت واحد, فالخالق هو ما سوى المخلوقات.
أيها المسلمون:
بهذا نكون قد أثبتنا صفة العجز والنقص والاحتياج للأشياء المدركة المحسوسة وهي الكون والإنسان والحياة, وهذا يعني أنها مخلوقة لخالق وهو الله تعالى.
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, نشكركم على حسن استماعكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.