المعلم الرابع: إثبات وجود الخالق (ح8)
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها المؤمنون: ننتقل وإياكم إلى المرحلة الثانية، وهي مرحلة إثبات المحدودية للأشياء المدركة المحسوسة ومع:
السؤال الخامس عشر: هل الإنسان محدود؟
الجواب: الإنسان محدود؛ لأنه ينمو في كل شيء إلى حد ما ولا يتجاوزه، فهو محدود، وكذلك قدراته وطاقاته الجسدية والعقلية محدودة، فسمعه محدود، وبصـره محدود، وعقله محدود، وعمره محدود، ورزقه محدود، وكل شيء فيه محدود.
السؤال السادس عشر: هل جنس الإنسان محدود؟
الجواب: جنس الإنسان كذلك محدود؛ لأن ما يصدق على الفرد يصدق على الجنس كله، مهما تعددت أفراده، والفرد الواحد يموت، معناه جنس الإنسان يموت، وهذا يعني أن جنس الإنسان محدود.
السؤال السابع عشر: هل الحياة محدودة؟
الجواب: الحياة محدودة، لأن مظهرها فردي فقط، والمشاهد بالحس أنها تنتهي في الفرد، فهي محدودة، وما دامت الحياة تنتهي بالفرد الواحد، فمعناه أن جنس الحياة ينتهي فهي محدودة.
السؤال الثامن عشر: هل الكون محدود؟
الجواب: الكون محدود؛ لأنه مجموع أجرام، وكل جرم منها محدود، ومجموع المحدودات محدود بداهة، وذلك لأن كل جرم منها له أول وله آخر، فمهما تعددت الأجرام فإنها تظل تنتهي بمحدود.
السؤال التاسع عشر: هل المحدود أزلي؟
الجواب: المحدود ليس أزليا، وإلا لما كان محدودا؛ لأن المدرك المحسوس إما أن يكون له أول فيكون ليس أزليا، وإما أن يكون لا أول له فيكون أزليا، وثبت أن المحدود له أول، فلا يكون أزليا؛ لأن مدلول الأزلي أن لا أول له، وما لا أول له لا آخر له قطعا؛ لأن وجود آخر يقتضي وجود أول؛ لأن مجرد البدء لا يكون إلا من نقطة، وهذا يعني أن النهاية لا بد منها.
السؤال العشرون: هل المحدود مخلوق:
الجواب: حين ننظر إلى المحدود نجده ليس أزليا، وإلا لما كان محدودا، فلا بد أن يكون المحدود مخلوقا لغيره، فكون الكون والإنسان والحياة محدودة، معناه أنها ليست أزلية، وإلا لما كانت محدودة، وما دامت ليست أزلية فهي مخلوقة لغيرها، مخلوقة لخالقها الأزلي، مخلوقة لله تعالى، لا إله إلا هو سبحانه.
السؤال الحادي والعشرون: هل القول بأن الوجود لا يخرج عن خالق ومخلوق حقيقة قطعية أم إنه فرض جرى ترتيب البرهان عليه؟
الجواب: إن القول بأن الوجود لا يخرج عن خالق ومخلوق ليس فرضية، وإنما هو حقيقة قطعية؛ لأننا لم نقم الفرضية أولا ورتبنا عليها البرهان حتى يحتاج إلى إثبات الفرضية ليصح البرهان، وإنما وضعنا الأشياء المدركة المحسوسة موضع البحث فعلقنا النظر إلى أنها محتاجة قطعا.
السؤال الثاني والعشرون: من خلق الخالق؟
الجواب: في مضمون السؤال الجواب عليه,، فالله خالق، وكونه خالقا يجعلنا لا نتصوره مخلوقا، إذ لو كان مخلوقا لما استطاع أن يخلق. ألا ترى أن الإنسان مثلا، وهو أرقى وأقوى المخلوقات، مع كل ما أوتي من إمكانات لم يستطع أن يخلق شيئا من عدم، فكيف نتصور خالق هذا الكون مخلوقا. ويقول علماء التوحيد: إن مثل هذا السؤال لا معنى له، ويقولون: إذا سرنا مع السائل شوطا عندما سأل من خلق الله؟ فقلنا لهم: غيره وليكن "س" مثلا. يعود السائل يسأل: ومن خلق غيره؟ فنقول له: غيره وليكن "ص" مثلا. يعود السائل يسأل: ومن خلق غيره؟ فنقول له: آخر وليكن "ع" مثلا. وماذا بعد ذلك؟ فإننا بالتالي لا بد أن نصل في النهاية إلى ذات لا بداية لها ولا خالق، ونفهم من هذا كله أن الخالق هو الله وحده لا إله إلا هو، ولا خالق سواه.
أيها الأحبة الكرام:
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة، موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى، فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم، نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.