معالم الإيمان المستنير م12 ح3 من أسماء الله الحسنى - الرحمن الرحيم ج2
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
أيها المؤمنون:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:
من رحمة الله بنا في الدنيا أنه وفر لنا كل مقومات الحياة على الأرض من قبل أن يخلقنا. فالشمس تحافظ على بعد ثابت من الأرض، وهذا البعد الثابت يضمن لنا قدرا ثابتا من الحرارة، لا يزيد فتقتلنا الحرارة، ولا ينقص فتقتلنا البرودة. والهواء يحيط بنا ويحوي الأوكسجين اللازم لعملية التنفس وأكسدة المواد الغذائية كي تنطلق الطاقة التي تكفل للجسم القيام بوظائفه، والماء الذي يمثل معظم مساحة الكرة الأرضية بما له من وظائف غير محصورة في جسم الإنسان، هذا فضلا عن استخدامه في الطهارة التي تقي الإنسان شر الأمراض والآفات.
ومن رحمته عز وجل أنه جعل في الهواء من الخاصية ما يمكنه من حمل الطيور والطائرات. وجعل في الماء من الخاصية ما يمكنه من حمل السفن العملاقة التي تحمل الناس وبضائعهم إلى أماكن بعيدة. قال تعالى: (ومن آياته الجوار في البحر كالأعلام * إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور). (الشورى33)
ومن رحمة الله عز وجل بعباده أنه خلق لهم من الأنعام ما ينتفعون بها في أكلهم وشربهم, ولباسهم وحلهم وترحالهم وحمل أثقالهم إلى بلاد لم يكونوا بالغيها إلا بشق الأنفس. قال تعالى: (والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون * ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون * وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرءوف رحيم). (النحل7)
ومن رحمته سبحانه أنه وضع في الكون عناصر ومواد، تستخدم في هذا العصر. كالموجات الكهرومغناطيسية في الاتصالات، والبترول في الطاقة، واليورانيوم المستخدم في توليد الكهرباء، وصناعة القنابل النووية، وغيرها كثير.
ومن رحمته أنه جعل لنا الليل سكنا لنجد فيه الراحة والسكينة بعد عناء العمل، وجعل لنا النهار للسعي واكتساب القوت، فقال عز وجل: (ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون). (القصص73)
ومن رحمته أنه أرسل الرسل بالرسالات إلى الناس كافة ليخرجهم من الظلمات إلى النور، وأرسل رسوله محمدا عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم خاتم الأنبياء والمرسلين بالهدى ودين الحق ليكون رحمة للعالمين، فقال تعالى: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين). (الأنبياء107) وقال: (وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون). (الأنعام155)
والقرآن الكريم هو الرحمة العظمى التي جاد بها الله عز وجل على بني آدم. وهو الذي أخرج المؤمنين من ظلمات الجهل إلى نور الإيمان، ونقلهم من العقائد الواهية التي بنيت على الوهم والظن إلى عقيدة قويمة بنيت على اليقين الذي لا يقبل الشك. فمن آمن بالقرآن الكريم واتبع أوامره وانتهى عن نواهيه كان له نورا وشفاء ورحمة، وفي ذلك يقول تبارك وتعالى: (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين). (الإسراء82) وقال تعالى: (ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين). (النحل89)
ومن رحمته تبارك وتعالى أنه جعل لأمة محمد صلى الله عليه وسلم في قلب رسولهم رأفة ورحمة بهم، فقال جل وعلا: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم). (التوبة128) والله تبارك وتعالى واحد أحد متعدد الصفات، ولكل صفة مجال للعمل، فهو رحمن رحيم وهو في الوقت نفسه شديد الانتقام, وشديد العقاب, وشديد العذاب. فصفة الرحمة لها موجبات، فإذا تحققت موجباتها حلت الرحمة. وصفة الانتقام لها موجبات، فإذا تحققت موجباتها حل الانتقام. ولا تعارض بين هذا وذاك.
نسأل الله تعالى موجبات رحمته, ونعوذ بالله من موجبات نقمته وعذابه آمين.
أيها المؤمنون:
نكتفي بهذا القدر في هذه الحلقة, موعدنا معكم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى, فإلى ذلك الحين وإلى أن نلقاكم ودائما, نترككم في عناية الله وحفظه وأمنه, سائلين المولى تبارك وتعالى أن يعزنا بالإسلام, وأن يعز الإسلام بنا, وأن يكرمنا بنصره, وأن يقر أعيننا بقيام دولة الخلافة في القريب العاجل, وأن يجعلنا من جنودها وشهودها وشهدائها, إنه ولي ذلك والقادر عليه. نشكركم على حسن استماعكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.