السبت، 21 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بَعدَ إِعلانِها خلافةً على منهاجِ النُبوة ح10 الإنتعاشُ الإقتصادي

بسم الله الرحمن الرحيم

 

لِأنَّ المبدأَ الإسلاميَّ مبدأٌ عالميٌّ بعقيدتِهِ وأنظمتِهِ فإنَّهُ يشكِّلُ في نظرِ الغربِ خطراً حضارياً عليهِ وتهديداً حقيقياً لَه، لِذلك - وحِفاظاً على مبدئِه وحضارتِه ومصالحِه - كان الغربُ حريصاً على هدمِ الخلافة، لأنَّهُ يعلمُ أنَّهُ لَنْ تقومَ لَهُ قائمةً إذا لم يقضِ عليها، فجعلَنا متفرِّقينَ وعالةً عليه, يمنعونَنا بأن نكونَ أمة صناعيةً بَل وحتى زراعيةً، فأسواقُنا أسواقٌ استهلاكيةٌ لا تستغني عن أعدائِها، وحالُ المسلميَن شاهدةٌ على فقرِ هذه الأمةِ ومديونيتِها الهائلةِ, وانعدامِ الأمنِ الغذائي فيها. وفَقدَ المسلمونَ أموالَهم وثرواتِهم الثمينة، فكلُّها قد أصبحت نهبَ الكافِرِ المستعمرِ، ولا يعودُ لِلأمةِ مِنها إلا النزرُ اليسير، يأخذُهُ الحكامُ اللصوصُ فيضعونَهُ في بنوكِ الغربِ الكافر.


بينما لو كانتْ ثروةُ الأمةِ بيدِ إمامٍ عادِلٍ لكانَ الواقِعُ مختلِفاً حقّاً، ولكانَ الناسُ في سعةٍ ورخاءٍ وبركةٍ وهناء. ذكرَ ابنُ خلدون في مقدمتِهِ أنَّ ما حُمِلَ إلى بيتِ مالِ المُسلمينَ بِبغدادَ أيامَ الخليفةِ العباسيِّ المأمون يعادلُ اليومَ سبعينَ مليارَ دولار وألفاً وسبعَمائةِ طنٍ مِن الذهب.


وعلى ذلك فإنه لن يتحققَ النموُّ الاقتصاديُّ في الزراعةِ والصناعةِ ولن تُضمنَ الحاجاتُ الأساسيةُ لِلأفرادِ فرداً فرداً إلا بأن يَملِكَ المسلمونَ أمرَهم ويتخلصوا مِن ربقةِ الكفرِ والعملاءِ، ويقيموا دولةَ الخلافةِ، التي أناط الإسلامُ بِها القيامَ بِرعايةِ شئونِ الأمة، وأناطَ بِها القيامَ بإدارةِ الأموالِ الواردةِ لِلدولةِ وإنفاقِها، حتى تتمكَّنَ مِن الرعاية، وحملِ الدعوة.


وقد بيّنت الأدلةُ الشرعيةُ مواردَ الدولةِ الماليةِ، وأنواعَها، وكيفيةَ تحصيلِها، كما بيّنتْ مُستحقِّيها، وجهاتِ صرفِها. فوارداتُ الدولةِ هائلةٌ جدًا، مِنها الفيءُ، والخراجُ، والجزيةُ، والغنائمُ، والممتلكاتُ العامةُ، والزكاةُ، مما لا يضيقُ بِشكلٍ مِن الأشكالِ على الناس، ولا يثقلُ كاهَلَهم. فبذلك كلِّهِ لن تكونَ الدولةُ بِحاجةٍ إلى الاقتراض، الذي يوقعها في فخِّ الديونِ، والتبعية لِلغرب، وينتجُ فقراً بدلَ أن يُوجِدَ غنى.


إضافة إلى أنَّ الإِسلامَ قد حرَّمَ فرض الضرائِبِ إلا في حالاتٍ خاصة جدا وعلى الزائدِ مِن أموالِ الناسِ فقط، كما أن الاقتصادَ مستقرٌ في الإسلامِ وذلِكَ لِاستقرارِ العملة، لأنها تستندُ على الذهبِ والفضةِ.


إضافةً إلى أنَّ المُشكِلَةَ الاقتصاديةَ في الإسلامِ لا تتمثلُ في استخراجِ الثرواتِ وتنميتِها، فالرأسماليونَ قد تصوروا المشكلةَ الأساسيةَ لِلاقتصاد تصوراً مقلوباً فجعلوها إنتاجَ الثروةِ وتركوا أمرَ توزيعها تركاً تاماً، في حينِ أنَّ المُشكلة هي توزيعِ الثروة، ومن هنا جاء الخطأُ والضلال، أي أنَّ من يملِكُ ثمناً يأخذُ من الثروةِ، ومن لا يملِكُ شيئاً لا يأخذُ شيئاً، فكان الناسُ في ظلِ النظامِ الرأسمالي، إما فاحشيِّ الثراءِ أو شديديِّ الفقرِ. في حينِ أنَّ سياسةَ الاقتصادِ في الإسلامِ هي ضمانُ تحقيقِ الإشباعِ لِجميعِ الحاجاتِ الأساسيةِ لِكلِّ فردٍ إشباعاً كلياً، وتمكينُه مِن إشباعِ الحاجاتِ الكماليةِ بقدرِ ما يستطيع.


إن للإسلام نظاماً اقتصادياً كاملاً يعالج كافّةَ مشاكلِ الاقتصاد، نظاماً قادراً على تحقيق الرخاءِ لِلناس، فلا يظل شخصٌ محتاجٌ أو فقير في ظله، هذا النظام ستطبِّقُه دولةُ الخلافةِ الراشدة القادمةِ بإذنِ الله، التي سيقودُها خليفةٌ حافِظٌ لِثرواتِ الأمة. فإلى العملِ لإعادةِ حكمِ الإسلامِ ندعوكم.

 

 


كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أبو يوسف

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع