خبر وتعليق أردوغان يواصل اللعب على مشاعر المسلمين كما يواصل التجارة بدمائهم
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الخبر:
وكالة الأناضول: صرح أردوغان أن مليون و150 ألف إنسان، لجأوا إلينا يطلبون المساعدة، ويكافحون من أجل الحياة، فهل نتركهم تحت القذائف؟ لذلك سنواصل لعب دور الأنصار مع المهاجرين، وأوصي مواطنينا أن يقفوا إلى جانب إخوتنا من اللاجئين السوريين.
التعليق:
لعبت الدولة التركية دورا مهما منذ بداية الثورة السورية نظرا لأنها من دول الجوار كما أنها من الدول الإقليمية الكبرى، لكن هذا الدور ومنذ بدايته كان دور المكر والمراوغة في المواقف فقد غلب التناقض والدجل السياسي بين تصريحات الدبلوماسية التركية وعلى رأسها أردوغان وبين واقع السياسة التركية تجاه ثورة الشام؛ فمنذ بداية المجازر التي ارتكبها نظام البعث سمعنا بالتصريحات التي تدين وتستنكر من قبل أردوغان كما سمعنا منه أن تركيا لن تقف مكتوفة الأيدي أمام ما يقوم به بشار من جرائم.. لكن واقع الحال أن تركيا لم تحرك ساكنا بل كانت تنتظر أن ينضج البديل الغربي الذي سارعت باستقباله في اسطنبول حيث تدور اجتماعات ولقاءات الائتلاف الوطني ثم المجلس الوطني السوري، هيئات صنعت على عين الغرب وبرغبته واستقبلتها وقامت برعايتها تركيا دون أي اعتبار لرغبة الشعب السوري أو تطلعاته حيث رفض الناس في سوريا هذا البديل المشبوه.
ولم تكتف تركيا بزعامة حزب العدالة والتنمية بهذا بل تطور عملها إزاء ما يحصل في ثورة الشام فصارت تدعم الكتائب وتعلبها وتدجنها وتجعل منها أداة مطواعة قابلة للتنازل والتفاوض مع الغرب مقابل الدعم المادي والعسكري في محاولة من تركيا ومن ورائها أمريكا لتضييق الخناق على الكتائب المخلصة التي تريد تحرير الأرض وإقامة شرع الله بديلا عن الأنظمة العلمانية المرتبطة بالغرب المرتهنة له في كل جزئياتها ومآلاتها. كما وجهت تركيا هذه الكتائب حتى في عملياتها العسكرية وفرضت عليها أهدافاً عسكرية دون غيرها مجنبة نظام بشار الاقتراب من منطقة الساحل حيث عقر داره جاعلة من عمليات الثوار أقل نجاعة ونجاحاً، وبذلك يلتقط النظام أنفاسه في كل مرة بل يتقدم وينتعش. وبعد أن نجح الغرب في زرع بذور الفتنة بين الكتائب المقاتلة وضعت تركيا يدها في يد إيران الداعم الرسمي لنظام بشار والمقاتل الذي يذود عنه فعلا في أرض الشام وضعت تركيا يدها في يد إيران في مشروع يهدف إلى دعم الكتائب المعتدلة ضد من سواها تحت مبرر مقاتلة التنظيمات الإرهابية والمتطرفة وهي في حقيقة الأمر محاولة لتصفية الثورة من كل قيادة مخلصة حتى يخلو الجو لمن اختارتهم عيون الغرب الحريصة على مصالحه في المنطقة ومنهم تركيا وإيران.
إنّ تركيا التي نددت وشجبت واستنكرت أفعال المجرم بشار ونعتته بأشد النعوت هي أول من ترحب وتحتضن مفاوضات تجمع بين النظام والمعارضة الخارجية إذا وجدت لهذه المفاوضات سبيلا وهي نفسها التي تؤيد التدخل الغربي في الشأن السوري فتسهر على حمايته وتنفيذه وتكريسه من خلال مفاوضات تدعو للتنازل على المطالب التي يرفضها الغرب مثل الدولة الإسلامية وتطبيق الشريعة ونبذ الدولة المدنية العلمانية والنظام الجمهوري. وتركيا هي أيضا من ترى رأي العين ما يعانيه شعب سوريا من تهجير وتشريد وقتل وتجويع وتعذيب فلا تحرك جيشا ولا توفر دعما إلا بمقابل وهي القادرة على ذلك وهي من هي بقوتها العسكرية والبشرية فوق مكانتها التاريخية في العالم الإسلامي بكونها حاضرة الخلافة الإسلامية لقرون.
يخرج علينا أردوغان مرة أخرى بحركاته المسرحية وبدبلوماسية سخيفة لم يعد يصدقها إلا ساذج أو مضبوع، يخرج علينا أردوغان ليزعم أن تركيا تلعب دور الأنصار مع المهاجرين! ونحن نقول لأردوغان وللحكومة التركية ونذكرهم بما لا يخفى عنهم: إن الأنصار هم من نصروا الإسلام بأموالهم وأولادهم وأنفسهم ودمائهم فلم يكونوا أنصار المأوى فحسب بل منعوا رسول الله والمسلمين ما يمنعون منه أنفسهم وأهليهم ونذكر شعب تركيا العريق بأن نصرة إخواننا في الشام لا تكون باحتضانهم كلاجئين فالله تعالى يقول: ﴿وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ﴾ كما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «لمسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله» وأي خذلان أكبر مما هي عليه السياسة التركية تجاه ثورة الشام وأي تسليم للأعداء هذا يقوم به أردوغان حيث يجعل ثورة الشام لقمة سائغة وأرضاً يرتب أوراقها الغرب بما يحفظ نفوذه ومصالحه، فأي انتصار للحق هذا يا مسلمي تركيا؟
إن شعب تركيا المسلم الذي عرف تاريخه البطولات والأمجاد لهو القادر الوحيد على أن يلتفت لإخوانه في الشام فيطالب بإسقاط نظام السفاح والكف عن المتاجرة بدماء الأبرياء ووعي الشعب التركي والمخلصين فيه أصحاب القوة والنفوذ هو الكفيل بأن يزيل سنوات الألم التي تمر على سوريا ولكم في دولتكم العثمانية خير نموذج للانتصار للمظلومين فتعيدوا مجد الأولين وتكسبوا العز والفخر الذي أزاحته عنكم العلمانية الأنانية الآثمة وتكونوا بحق أنصار هذا الزمان.
﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
حبيب الحطاب - تونس