تلخيص كتاب الأجهزة 9
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
إن العقود والمعاملات والأقضية التي أُبرمت وانتهى تنفيذها قبل قيام الخلافة تعتبر صحيحة ولا ينقضها قيام الخلافة ولا تقبل الدعاوى حولها من جديد بعد قيام الخلافة، باستثناء ثلاث حالات: الأولى: إذا كان للقضية التي أُبرمت وانتهى تنفيذها أثرٌ مستمر مخالفٌ للإسلام، الثانية: إذا كانت القضية تتعلق بمن آذى الإسلام والمسلمين، الثالثة: إذا كانت القضية تتعلق بمال مغصوب قائم بيد غاصبه.
والدليل على ذلك أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم ينقض معاملات الجاهلية وعقودها بعد الفتح، فهو لم يعد إلى داره التي هاجر منها، حيث كان عقيل بن أبي طالب قد ورث حسب قوانين قريش دور عصبته الذين أسلموا وهاجروا وباعها ومن ضمنها دار الرسول عليه الصلاة والسلام، وحين قيل للرسول صلى الله عليه وسلم: "في أي دورك تنزل؟"، قال عليه الصلاة والسلام: "وهل ترك لنا عقيل من رباع". ودليل الحالة الأولى هو أن النبي عليه الصلاة والسلام قد وضع الربا الباقي على الناس بعد أن أصبحوا في دولة الإسلام، ومن ذلك تفسخ الدولة عقد تزوج مسلمة من نصراني مثلاً. والدليل على الحالة الثانية هو إهدار النبي عليه الصلاة والسلام دم بضعة نفر كانوا يؤذون الإسلام، ولأنه عليه الصلاة والسلام قد عفا عن بعضهم فيما بعد فيدل على أنه يجوز للخليفة أن يحرك القضية على هؤلاء أو يعفو عنهم. وأما دليل الحالة الثالثة فهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قبل دعوى رجل اغتُصبت أرض له في الجاهلية. وغير هذه الحالات فإن العقود التي أبرمت وانتهت فإنها لا تنقض، وأما مثلا لو أن رجلا حُكم عشر سنوات مضت منها سنتان، ثم قامت الخلافة فإن الخليفة ينظر فيها إما بإلغاء العقوبة أصلا أو بالاكتفاء بما مضى، أو يدرس الحكم الباقي ويراعى فيه الأحكام الشرعية.
إنّ الجهاز الإداري هو الذي يقوم بإدارة شئون الدولة، ويعين لكل مصلحة مدير عام، وتقسم كل مصلحة إلى دوائر يكون لكل منها مدير، وتقسم الدوائر إلى إدارات يعين عليها مدير، ويكون المدراء مسئولين أمام مدير الإدارة العليا من حيث عملهم، وأمام الوالي في التقيد بالأنظمة العامة. والجهاز الإداري أسلوب قد جاء دليل شرعي عام على أصله فيشمل كل ما تفرع عنه إلا إذا جاء دليل على فرع معين فإنه يتبع حسب الدليل، فمثلا الزكاة قد جاءت لها أحكام معينة، ولكن لم يأتِ دليلٌ على أن من يجبي الزكاة يذهب مشياً أم بسيارة فهي متفرعة عن الدليل العام، فالأساليب الإدارية يمكن أخذها من أي نظام إلا ما ورد فيه نص خاص يمنعه.
وأما الموظفون فهم أجراء للدولة مسئولون أمام رئيسهم في الدائرة، وهم رعايا مقيدون بأحكام الشرع والأنظمة الإدارية ومسئولون أمام الولاة.
وسياسة إدارة المصالح تقوم على البساطة (للتسهيل والتيسير)، والإسراع (للتسهيل) والكفاية (من باب الإحسان وإنجاز العمل)، وهذه من متطلبات الإحسان التي وردت في قوله عليه الصلاة والسلام: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء". ويحق لكل من يحمل التابعية وتتوفر فيه الكفاية أن يكون مديراً لأية مصلحة من هذه المصالح أو موظفا فيها؛ وذلك لأنهم أجراء وأدلة الإجارة جاءت عامة ومطلقة ولم تخصص لا بامرأة ولا بغير المسلم.
بيت المال هو الجهة التي تختص بقبض وإنفاق ما يستحقه المسلمون من مال، وهو جهاز مستقل يتبع الخليفة كما يتبعه أي جهاز آخر. والمتصرف بواردات بيت المال ونفقاته هو الخليفة، فقد كان عليه الصلاة والسلام يقوم بنفسه أحيانا بخزن المال وقبضه وتوزيعه أو يولي أحد أصحابه القسمة أو يستعمله على بعض شئون المال، وقد سار خلفاؤه الراشدون على ذلك، فكانوا يستعملون غيرهم على المال وشئونه. ويمكن تقسيم بيت المال إلى قسمين هما: قسم الواردات، وقسم النفقات. ويشمل قسم الواردات ثلاثة دواوين، هي: ديوان الفيء والخراج، وديوان الملكية العامة، وديوان الصدقات. ويشمل قسم النفقات ثمانية دواوين، هي: ديوان دار الخلافة، وديوان مصالح الدولة، وديوان العطاء، وديوان الجهاد، وديوان مصارف الصدقات، وديوان مصارف الملكية العامة، وديوان الطوارئ، وديوان الموازنة العامة والمحاسبة العامة والمراقبة العامة.