ثلاثة وزرهم وزر أمة أو أجرهم أجر أمة - الأستاذ أبو أيمن
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد.
أما الثلاثة فهم من أعلام المسلمين، وأبرزهم وأقواهم، وأقدرهم على تحويل الأمة بأسرها والارتقاء بها إلى ذؤابة المجد والعزة والسؤدد أو الهبوط والانحدار بها إلى الحضيض.
والثلاثة هم رعاة الأمة، حكام وولاة، والذين يأمرون بالمعروف ويفعلونه إن شاءوا وينهون عن المنكر ويمنعونه إن أرادوا ويقودوا الأمة إلى حيث الرفعة والأمة والاستقرار، وطيب العيش، هؤلاء هم أصحاب القرار، وأصحاب الكلمة المسموعة لهم السمع والطاعة، والقرار وعلى أيديهم تكون الفتوحات، ويستتب الأمن، وينتشر الإسلام، وتسعد الأمة وبهم تتحقق الشهادة هم جنة الأمة، يقاتل من ورائهم، ويقتدى بهم.
والثانية علماء الأمة الراسخون في العلم من العاملين المخلصين بعلمهم، وفقههم، واجتهادهم هم ورثة الأنبياء وأمناء الرسل والمعلمون الخير للناس، والأسوة الحسنة، ومصدر إشعاع ونور، وبناة العقول، مربي النفوس.
والثالثة أصحاب القوة والمنعة الذين يملكون القدرة على التغيير، والقدرة على المحاسبة والقدرة على اجتثاث المنكر، وتنظيف حياة المسلمين العامة من دنس الشرك والكفر ولوثة الانحطاط الفكري والسلوكي ونتن الفواحش والمنكرات التي تزكم منها الأنوف وتتقزز منها النفوس، هؤلاء الذين أيديهم على الزناد وبأيديهم العلاج ويملكون الطائرة والدبابة والصاروخ، وكل الأسلحة الخفيفة إلى الثقيلة إلى المدمرة والمرعبة، هؤلاء سياج الوطن وحماة الأعراض والأطفال والشيوخ، والمؤسسات الساهرون والمرابطون والمجاهدون من الأبطال والمغاوير، هم الجيش والأمن وما يتبع من أفراد ومؤسسات وعناصر.
أما الحكام فيقول الله فيهم: {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ ...}النساء105
ويقول سبحانه: { ....فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ ....}المائدة48
أيها المسلمون الإسلام هذا الدين العظيم والمبدأ الجليل الذي أنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم للناس كافة ليحتكموا إليه ويتخذوه دستوراً ينظم حياتهم، ويضبط سلوكهم ويعاقب على اقترافهم ما يخالف شريعتهم التي أمروا بإتباعها، هم السلاطين والإسلام أخوان، بل توءمان لا يصلح واحد منهما إلا بصاحبه، فالإسلام أس ودستور ونظام حياة والسلطان حارس، يحمي الدين، يحمي بيضة الإسلام يحمي الذمار والذراري وأعراض المسلمين ويعدل بين الرعية، ويقيم الحدود ويقضي بين الناس ويجري العقوبات، ويقود المسلمين للجهاد في سبيل الله ولإعلاء كلمة الله، فما لا أس له، وما لا دعائم ولا قواعد يقوم عليها فهو مهدوم، وما لا حارس له ولا حامي لهذا الدين، لعقيدة المسلمين فهو ضائع منهوب.
أيها المسلمون يقول صلى الله عليه وسلم : «لهن تهلك الرعية وإن كانت ظالمة مسيئة إذا كانت الولاة هادية مهدية ولكن تهلك الرعية وإن كانت هادية مهدية إذا كانت الولاة ظالمة مسيئة» فالعدل أساس الملك والظلم ظلمات يوم القيامة.
أيها المسلمون يقول سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه لولاته وعماله: "لا تغلقوا أبوابكم دون حوائج الناس، فإن فعلتم شيئاً من ذلك فقد حلت بكم العقوبة إلى أن يقول: " أني لم أسلطكم على دماء المسلمين، ولا على أبشارهم ولا على أعراضهم ولا على أموالهم، ولكني بعثتكم لتقيموا بهم الصلاة (الإسلام) وتقسموا فيهم فيأهم، وتحكموا بينهم بالعدل، فإن أشكل عليكم شيئاً فارفعوه إلي فلا تضربوا المسلمين فتذلوهم ولا تجمروهم فتفتنوهم، ولا تعتدوا عليهم فتحرموهم".
أيها المسلمون إن حكام المسلمين اليوم وأمراءهم وولاءهم وعمالهم، إذا كانوا مثل ما قال ابن الخطاب الخليفة الفاروق فلهم أجر أمة، أجر من يحكمونهم وإن كانوا وراء كل فساد، وظلم، وحقد وكره فعليهم وزر أمتهم ووزر رعيتهم، لا ينقص من وزر الرعية التي سكتت على الظلم والقهر والعدوان.
يقول صلى الله عليه وسلم : «من أعان باطلاً ليدحض به حقاً فقد برئت منه ذمة الله تعالى وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم.
ففي عهدهم اليوم ظهرت الفواحش ، ورخص لها وبنيت لها الفنادق، والأندية الليلية والمسارح، وشاعت الخمور، والمخدرات، ولعب القمار، في عهدهم تفشى الربا والمال الحرام، وكثرت الجرائم، جرائم الجنس والتجسس، والأخذ بالظنة وهم نقضوا عهدهم مع الله بتطبيق الديمقراطية والرأسمالية، ولم يحكموا بكتاب الله ولا بسنة رسوله فسلط الله عليهم وعلى رعاياهم أعداءهم فأخذوا ما بأيديهم وجيوبهم ونالوا منهم بالقتل والقمع والتنكيل، وفرضوا على المسلمين أنظمتهم وحضارتهم وثقافتهم حتى صرنا منهم بإتباعهم.
يقول صلى الله عليه وسلم: كلكم راع ومسؤول عن رعيته» فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل في أهله راع وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها، والخادم في مال سيده راع وهو مسؤول عن رعيته.
ويقول صلى الله عليه وسلم: «أيما والٍ ولي شيئاً من أمر أمتي فلم ينصح لهم ويجتهد لهم كنصيحته وجهده لنفسه كبه الله تعالى على وجهه يوم القيامة في النار».
أما العلماء فهؤلاء أمناء الرسل، وورثة الأنبياء والرسل والأنبياء كانت لهم رسالة وهدف، أن يعلموا الناس دينهم، ويفقهونهم فيه، وأن يحرصوا على ضبط سلوكهم بما يرضي الله عز وجل، وأن يقودوهم إلى سبيل الحق والخير والفضيلة، وأن ينشروا بينهم العدل.
يقول صلى الله عليه وسلم: «إن مثل العلماء في الأرض كمثل النجوم في السماء، يهتدى بها في ظلمات البر والبحر، فإذا انطمست النجوم أوشك أن تضل الهداة».
أيها المسلمون العلماء قادة يحتذى بهم وتسمع كلمتهم، وهم محط ثقة وأمانة وصدق، يذودون به إذا تاه الناس وضلوا وعموا عن السبيل القويم، يرون فيهم العدل والصدق والإخلاص ويتعلمون منهم الإيثار وحب الخير وعمل المعروف والصبر على الابتلاء والتضحية من أجل الدين ولزوم الحق.
أيها المسلمون العلماء أمناء الرسل ما لم يخالطوا السلطان ويداخلوا الدنيا، فإذا خالطوا السلطان، وداخلوا الدنيا فقد خانوا الرسل فاحذروهم، كما يقول صلى الله عليه وسلم ، وتحملوا بذلك وزر الأمة بخيانتهم، وتضليلهم، وانحرافهم، وتزيين الظلم لحكامهم وموالاتهم، وممالأتهم، وإن كانوا غير ذلك يعلمون الناس الخير، ويقودونهم لتغيير المنكر، واجتثاث الظلم، ونشر العدل، والأخذ على يد الظالم، ونصرة المظلوم فلهم أجورهم وأجور أمتهم.
إن العلم والإيمان لا ينقطعان من الدنيا، فمن ابتغاهما وجدهما في الكتاب والسنة، ووجدهما عن العلماء العاملين المخلصين فخذوا الحق أيها المسلمون من منابعه وصدق القائمين عليه والداعين له، وردوا الباطل على من نادى به وحمله وروج له كائناً من كان.
أيها المسلمون العلماء هم الذين يأخذون عل يد الظالم، ويدعو إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويحاسبون الولاة والخلفاء، وإن أجر الواحد منهم في هذا الزمن الظالم أهله مثل أجر خمسين من الصحابة وإن كانوا على غير ذلك من التأويل والتحريف والتضليل وخدمة السلطان، والإفتاء له، والتزيين له، والنفاق له فعليهم وزر الأمة.
يقول صلى الله عليه وسلم: «إن الله لا يعذب الخاصة بذنوب العامة حتى يرى المنكر بين أظهرهم وهم قادرون على أن ينكروه فلا ينكرونه، فإن لم يفعلوا عذب الله الخاصة والعامة».
ويقول صلى الله عليه وسلم: «لا ينبغي لامرئ شهد مقاماً فيه حق إلا تكلم به فإنه لن يقدم أجله ولن يحرمه رزقاً هو له» والمسلمون اليوم في زمن يقتل الحكام فيه على الدنيا ويقمعون ويعتقلون على الكلمة الطيبة، ويضطهدون على التقوى، ويضربون على مواثيق العلماء، وصدقهم ويقتلون على الفقه والدين والدعوة، ويتاجرون بكل فساد.
ولهذا كان العلماء أيها المسلمون أولى بقيادة الأمة، وحمل الدعوة، ومحاسبة الظالم، والجهر بالحق والعدل والهروب من الأمراء ونبذ أعطياتهم ليكون لهم أجر الأمة.
أما الثالثة أيها المسلمون فهم أصحاب القوة والمنعة والقدرة على التغيير بإعطاء النصرة والبيعة وبناء الدولة.
فالجيش الذي يعتبر سياج الوطن، وحماة الحدود، والمرابطين على التخوم والثغور، والذي يفتح البلاد حاملاً الإسلام دعوة للعالمين، هو الذي يحطم الحواجز ويذلل الصعوبات، ويزيل العراقيل في إيصال الإسلام للناس، لإعزازهم وإخراجهم من الظلمات إلى النور، وتخليصهم من عبادة الطواغيت، عبادة الناس إلى عبادة الله عز وجل هؤلاء القادة الفاتحون، والشهداء الذين أخلصوا دينهم لله وماتوا شهداء في سبيل الله، هم الأحق بالتكريم ونيل رضى الله عز وجل، ودخول جنات النعيم نع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً.
هؤلاء الذين يستنفرهم خليفة المسلمين لقتال أعداء الله، أعداء الإسلام والدين، حيث يقول الله عز وجل: {انْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ }التوبة41
هؤلاء الذين يقاتلون أئمة الكفر، ويكونون سبباً في تعذيب الله لأعدائهم، وشفاء صدور المسلمين بتحقيق النصر والغلبة بإذن الله عليهم.
هؤلاء الأبطال يستأصلون شأفة المنكرات ويقضون على المنافقين الخائنين، والعملاء المرتزقة الفاسدين والأعداء المجرمين، لهم جنة النعيم.
يقول صلى الله عليه وسلم: «جاهدوا في سبيل الله، فإن الجهاد في سبيل الله باب من أبواب الجنة ينجي الله تبارك وتعالى به من الهم والغم» في وقت وظرف طفح الهم والغم وحياة الضنك والذل حياة المسلمين العامة.
يقول صلى الله عليه وسلم: «رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها، والروحة يروحها العبد في سبيل الله أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها.
أيها المسلمون الجنة لها تكاليفها وتضحياتها وثمنها بذل الروح والدم والمال رخيصة في سبيل الله، وكيف لا والمسلمون اليوم في ارتكاس ونكوص وانحدار، في فقر وضياع وظلم، يتكالب الأعداء على المسلمين ينهبون خيرات بلادهم، ويحتلون أوطانهم، ويعيثون فيهم الفساد والإفساد.
الجهاد فرض عين على كل مسلم ومسلمة إذا اجتاح العدو بلاد المسلمين وأخذ يقتل وينكل بأبنائهم كما هو واقع محس في العراق وأفغانستان والباكستان ولبنان وفلسطين.
العدو لا يفهم إلا لغة الصفع والقوة والإثخان في جنده، لا يردعه صلح ولا معاهدة، ولا ميثاق ولا هدنة، لا يفهم إلا لغة القوة فلا يفل الحديد إلا الحديد، ولذا يقول عز وجل حاثاً المسلمين على الأعداء: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ}الأنفال60
أيها المسلمون بعض المسلمين قد يتميز عن غيره بقوة في الجسم ورجاحة في العقل، ومكانة بين عشيرته وأهله، وحظوة في المال والثراء، إذا تحدث أصغي له، وإذا طلب نفذ طلبه، وإذا أمر أستجيب له، فمثل هذا يستطيع أن يغير المنكر فيحول دون هتك أعراض المسلمين، أو اقتراف جريمة فإن فعل ذلك فله أجره وأجر من كان معه في تغيير المنكر.
إن تغيير المنكر وقطع دابره واجتثاثه من حياة المسلمين العامة هو بإقامة الحدود وتنظيف حياة المسلمين من الفواحش والجرائم والمنكرات ويكون بتفقيه المسلمين وتعليمهم أحكام دينهم وجعل حياتهم العامة والخاصة ذات مناخ طيب ونظيف بحيث يكون الرأي العام عند المسلمين والمقياس العام هذا حلال، وذاك حرام، هذا طيب وذاك خبيث، وإن الله عز وجل يحاسب على القليل فكيف الكثير، وإن المسلم يدرك صلته بخالقه في أقواله وقيامه بالأعمال.
إن خير من يرعى شؤون المسلمين حماية وأمناً وعدلاً، واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وتربوياً هو خليفة المسلمين بحزمه وحسمه للأمور، ورعايته لكافة المسلمين، وتحقيق الأمن والرخاء، يستدعي العلماء ويطلب وعظهم ونصحهم وإرشادهم، ويقرب منه الحاشية المؤمنة الصادقة الوفية، ويبني الجيش على حب الله ورسوله، وحب الجهاد في سبيل الله وإعلاء كلمة الله، وبهذا لا تشيع المنكرات ولا تظل الفواحش، ولا تكون الموبقات.
الله قيض لأمة الإسلام من يعيد لها مجدها وعراها من يحكمهم بالإسلام ويقودهم للجهاد في سبيل الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته