- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
إرواء الصادي من نمير النظام الاقتصادي
تفتيت الثروة بتقسيم الإرث على الابن وابن الابن وإن نزل (ح 71)
الحَمْدُ للهِ الذِي شَرَعَ لِلنَّاسِ أحكَامَ الرَّشَاد, وَحَذَّرَهُم سُبُلَ الفَسَاد, وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى خَيرِ هَاد, المَبعُوثِ رَحمَةً لِلعِبَاد, الَّذِي جَاهَدَ فِي اللهِ حَقَّ الجِهَادِ, وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الأَطهَارِ الأمجَاد, الَّذِينَ طبَّقُوا نِظَامَ الِإسلامِ فِي الحُكْمِ وَالاجتِمَاعِ وَالسِّيَاسَةِ وَالاقتِصَاد, فَاجْعَلْنَا اللَّهُمَّ مَعَهُمْ, وَاحشُرْنا فِي زُمرَتِهِمْ يَومَ يَقُومُ الأَشْهَادُ يَومَ التَّنَاد, يَومَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ العِبَادِ.
أيها المؤمنون:
السَّلامُ عَلَيكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَبَعدُ: نُتَابِعُ مَعَكُمْ سِلْسِلَةَ حَلْقَاتِ كِتَابِنا إِروَاءُ الصَّادِي مِنْ نَمِيرِ النِّظَامِ الاقتِصَادِي, وَمَعَ الحَلْقَةِ الحَادِيَةِ وَالسَّبعِينَ, وَعُنوَانُهَا: "تَفتِيتُ الثَّروَةِ بِتَقسِيمِ الإِرْثِ عَلَى الابْنِ وابنِ الابْنِ وَإِنْ نَزَلَ". نَتَأمَّلُ فِيهَا مَا جَاءَ فِي الصَفحَةِ الخَامِسَةَ عَشرَةَ بَعدَ المِائَةِ مِنْ كِتَابِ النِّظَامِ الاقتِصَادِي فِي الإِسلامِ لِلعَالِمِ وَالمُفَكِّرِ السِّيَاسِيِّ الشَّيخِ تَقِيِّ الدِّينِ النَّبهَانِيِّ. يَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ: "وَقَد شُوهِدَ فِي الوَاقِعِ، أنَّ وَسِيلَةَ تَفتِيتِ الثَّروَةِ هَذِهِ طَبِيعِيًّا هِيَ المِيرَاثُ".
ونَقُولُ رَاجِينَ مِنَ اللهِ عَفْوَهُ وَمَغْفِرَتَهُ وَرِضْوَانَهُ وَجَنَّتَهُ: عَثَرتُ وَأنَا أبْحَثُ فِي الإنتَرنِتْ عَلَى جَدوَلٍ مُيَسَّرٍ يُبَيِّنُ الأحكَامَ الشَّرعِيَّةَ المُتَعَلِّقَةَ بِتَفتِيتِ الثَّروَةِ وَتَقسِيمِ المِيرَاثِ, وَتوزِيعِ أنصِبَتِهِ عَلَى الوَرَثَةِ حَسَبَ أحكَامِ الإِسلامِ, عَثَرْتُ عَلَى جَدوَلٍ يُحَقِّقُ رَغبَتِي وَيَفِي بِالمَطلُوبِ وَهُوَ تَحتَ عُنوَان:
وَوَجَدْتُ مَعَ الجَدوَلِ تَعلِيمَاتٍ تُبَيِّنُ طَرِيقَةَ استِخدَامِهِ, كَمَا وَجَدْتُ شَرْحًا بِصَوتِ أحَدِ عُلَمَاءِ المُسلِمِينَ فِي بِلادِ المَغرِبِ, فَاستَحسَنْتُ هَذَا الجَدوَلَ وَهَذَا الشَّرْحَ, فَنَقَلْتُهُ لَكُمْ كَمَا هُوَ مَعَ بَعْضِ التَّصَرُّفِ لِتَيسِيرِ الفَهْمِ, آمِلاً أنْ يَنتَفِعَ بِهِ قَارِؤُوهُ وَسَامِعُوهُ وَاللهُ مِنْ وَرَاءِ القَصدِ, وَهُوَ وَحْدَهُ الهَادِي إِلَى سَوَاءِ السَّبِيلِ.
يَقُولُ الشَّارِحُ جَزَاهُ اللهُ خَيرًا: فِيمَا يَلِي نَعرِضُ مَجْمُوعَةً مِنَ الجَدَاوِلِ مُرَتَّبةً بِحَيثُ إِذَا وَرَدَتْ مَسألَةٌ فِي المِيرَاثِ, فَإِنَّهُ يُنظَرُ فِي استِحقَاقِ كُلِّ وَارِثٍ, فَيُعطَى مَا يَستَحِقُّهُ حَسَبَ الجَدوَلِ, ثُمَّ يُنتَقَلُ إِلَى الوَارِثِ الَّذِي يَلِيهِ حَتَّى يَنتَهِيَ الوَرَثَةُ. مَعَ مُلاحَظَةِ تَقدِيمِ أصْحَابِ الفُرُوضِ عَلَى العَصَبَاتِ. وَنُضِيفُ لِلتَّوضِيحِ فَنَقُولُ: أصْحَابُ الفُرُوضِ عَشَرَةٌ وَهُمُ: الزَّوجُ، وَالزَّوجَةُ، وَالأُمُّ، وَالأبُ، وَالجَدَّةُ، وَالجَدُّ، وَالبَنَاتُ، وَبَنَاتُ الابنِ، وَالأخَوَاتُ مِنْ غَيرِ أمّ (وَهُنَّ الأخَوَاتُ الشَّقِيقَاتُ وَالأخَوَاتُ مِنَ الأبِ), وَأولادُ الأُمِّ (وَهُمُ الإِخْوَةُ وَالأخَوَاتُ مِنَ الأمِّ). وَالعَصَبَاتُ فِي المَوَارِيثِ هُمُ الَّذِينَ يَرِثُونَ بِلا تَقدِيرٍ، أيْ لَيسَ لَهُمْ نِصْفٌ أو رُبعُ أو ثُلُثٌ أو سُدُسٌ وَمَا إِلَى ذَلِكَ، وَهُمْ ثَلاثَةُ أقسَامٍ:
الأول: عَصَبَةٌ بِنَفسِهَا وَهُمُ: الابنُ وابنُهُ وَإِنْ نَزَلَ, وَالأبُ وَأبُوهُ وَإِنْ عَلا، وَالأخُ الشَّقِيقُ, وَالأخُ مِنَ الأبِ, وابنُ الأخِ الشَّقِيقِ, وابنُ الأخِ مِنَ الأبِ, وَالعَمُّ الشَّقِيقُ, وَالعَمُّ مِنَ الأبِ, وَابنُ العَمِّ الشَّقِيقِ, وَابنُ العَمِّ مِنَ الأبِ، وَالمُعتَقُ وَالمُعتَقَةُ. وَكُلُّهُمْ ذُكُورٌ إِلاَّ المُعتَقَةُ.
الثاني: عَصَبَةٌ بِغَيرِهَا، وَهُمُ: البِنتُ مَعَ الابنِ، وَبِنْتُ الابنِ مَعَ ابنِ الابْنِ، وَالأُختُ الشَّقِيقَةُ مَعَ الأخِ الشَّقِيقِ، وَالأٌختُ مِنَ الأبِ مَعَ الأخِ مِنَ الأبِ، فَهُؤُلاءِ يَرِثُونَ بِلا تَقدِيرٍ, وَيُقَسَّمُ بَينَ الأُنثَى وَمُعْصِبِهَا لِلذَّكَر مِثلُ حَظِّ الأُنثَيَينِ.
الثالث: عَصَبَةٌ مَعَ غَيرِهَا وَهِيَ: الأُختُ الشَّقِيقَةُ أو الأُختُ مِنَ الأبِ مَعَ الفَرعِ الوَارِثِ الأُنثَى، وَبِهَذَا يُعلَمُ أنَّ الأُختَ الشَّقِيقَةَ عَصَبَةٌ مَعَ البِنْتِ إِذَا لَمْ يُوجَدْ أخٌ لَهَا يَعصِبُهَا، فَإِنْ وُجِدَ فَهِيَ عَصَبَةٌ بِغَيرِهَا. هَذَا بِاختَصَارٍ, وَاللهُ أعلَمُ.
قَالَ تَعَالَى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ).
الابنُ لَهُ أربَعُ حَالاتٍ: إِمَّا أنْ يَأخُذَ كَامِلَ التَّرِكَةِ إِذَا انفَرَدَ, أو يَأخُذَ البَاقِي إِذَا وُجِدَ أصحَابُ الفُرُوضِ وَأخَذُوا فُرُوضَهُمْ, وَإِذَا اجتَمَعَ الذُّكُورُ وَالإِنَاثُ فَحِينَئِذٍ يَتَقَاسَمُونَ المَالَ أو مَا أبْقَتِ الفُرُوضُ عَلَى عَدَدِ رُؤُوسِهِمْ, فَيَأخُذُ الذَّكَرُ مِثلَ حَظِّ الأُنثَيَينِ, وَتَأخُذُ الأُنثَى نِصْفَ حَظِّ الذَّكَرِ, وَإِذَا كَانَ الأولادُ ذُكُورًا فَقَط فَإِنَّهُمْ يَتَقَاسَمُونَهُ مُتَسَاوِينَ, وَالابنُ لا يَحْجُبُهُ أحَدٌ, وَهُوَ يَحْجُبُ ابنَ الابنِ وَبِنْتَ الابنِ وَإِنْ نَزَلا, وَالأخَ الشَّقِيقَ, وَالأخَ لأبٍ, وَابنَ الأخِ الشَّقِيقِ, وَابنَ الأخِ لأبٍ, وَالأُختَ الشَّقِيقَةَ, وَالأُخْتَ لأبٍ, وَالإِخوَةَ لأُمٍّ, وَالعَمَّ الشَّقِيقَ, وَالعَمَّ لأبٍ, وَابنَ العَمِّ الشَّقِيقِ, وَابنَ العَمِّ لأبٍ.
قَالَ تَعَالَى: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ). ابنُ الابنِ وَلَهُ كَذَلِكَ أرْبَعُ حَالاتٍ:
إِمَّا أنْ يَأخُذَ كَامِلَ التَّرِكَةِ إِذَا انفَرَدَ, أو يَأخُذَ البَاقِي إِذَا وُجِدَ أصْحَابُ الفُرُوضِ وَأخَذُوا فُرُوضَهُمْ وَعَدَمُ وُجُودِ الأبنَاءِ, وَإِذَا اجتَمَعَ أبنَاءُ الابنِ مَعَ بَنَاتِ الابنِ, وَلَمْ يُوجَدْ أبنَاءٌ فَحِينَئِذٍ يَتَقَاسَمُونَ المَالَ, أوْ مَا أبْقَتِ الفُرُوضُ عَلَى عَدَدِ رُؤُوسِهِمْ, وَإِذَا كَانَ أبنَاءُ الابنِ ذُكُورًا فَقَط وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ أبنَاءُ, فَإِنَّهُمْ يَتَقَاسَمُونَ التَّرِكَةَ بِالتَّسَاوِي, وَمَعلُومٌ أنَّ ابنَ الابنِ يَحْجُبُهُ الابنُ, وَهُوَ يَحجُبُ الأخَ الشَّقِيقَ, وَالأخَ لأبٍ, وَابنَ الأخِ الشَّقِيقِ, وَابنَ الأخِ لأبٍ, وَالأُخْتَ الشَّقِيقَةَ, وَالأُخْتَ لأبٍ, وَالإِخوَةَ لأُمٍّ, وَالعَمَّ الشَّقِيقَ, وَالعَمَّ لأبٍ, وَابنَ العَمِّ الشَّقِيقِ, وَابنَ العَمِّ لأبٍ.
وَقَبلَ أَنْ نُوَدِّعَكُمْ أَحبّتنا الكِرَامَ نُذَكِّرُكُمْ بِأَبرَزِ الأفكَارِ التِي تَنَاوَلهَا مَوضُوعُنَا لِهَذَا اليَومِ:
أولاً: الابنُ لَهُ أرْبَعُ حَالاتٍ:
- أنْ يَنفَرِدَ, وَيَأخُذَ كَامِلَ التَّرِكَةِ.
- أنْ يُوجَدَ مَعَهُ أصْحَابُ فُرُوضٍ أخَذُوا فُرُوضَهُمْ, فَيَأخُذُ بَاقِي التَّرِكَةِ.
- أنْ يُوجَدُ مَعَهُ بِنْتٌ أو بَنَاتٌ فَيَأخُذُ الذَّكَرُ مِثْلَ حَظِّ الأُنثَيَينِ, وَتَأخُذُ الأُنثَى نِصْفَ حَظِّ الذَّكَرِ.
- أنْ يُوجَدَ مَعَهُ ابنٌ أو أبنَاءٌ هُمْ إِخوَتُهُ, فَيأخُذُونَ المَالَ بِالتَّسَاوِي.
ثانيًا: ابنُ الابنِ لَهُ كَذَلِكَ أرْبَعُ حَالاتٍ:
- أنْ يَنفَرِدَ, وَيَأخُذَ كَامِلَ التَّرِكَةِ.
- أنْ يُوجَدَ مَعَهُ أصْحَابُ فُرُوضٍ أخَذُوا فُرُوضَهُمْ, مَعَ عَدَمِ وُجُودِ أبنَاءٍ, فَيَأخُذُ بَاقِي التَّرِكَةِ.
- أنْ يُوجَدَ مَعَهُ بِنْتُ ابنٍ فَأكثَرَ, يَأخُذُ الذَّكَرُ مِثْلَ حَظِّ الأُنثَيينِ, وَتأخُذُ الأُنثَى نِصْفَ حَظِّ الذَّكَرِ.
- أنْ يُوجَدَ مَعَهُ ابنُ ابنٍ فَأكثَرَ, مَعَ عَدَمِ وُجُودِ أبنَاءٍ, فَيأخُذُونَ المَالَ بِالتَّسَاوِي.
أيها المؤمنون:
نَكتَفي بِهذا القَدْرِ في هَذِه الحَلْقة, مَوعِدُنَا مَعَكُمْ في الحَلْقةِ القادِمَةِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى, فَإِلَى ذَلِكَ الحِينِ وَإِلَى أَنْ نَلْقَاكُمْ وَدَائِماً, نَترُكُكُم في عنايةِ اللهِ وحفظِهِ وأمنِهِ, سَائِلِينَ المَولَى تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَن يُعزَّنا بِالإسلام, وَأنْ يُعزَّ الإسلام بِنَا, وَأن يُكرِمَنا بِنَصرِه, وَأن يُقِرَّ أعيُننَا بِقيَامِ دَولَةِ الخِلافَةِ على منهاج النبوة في القَريبِ العَاجِلِ, وَأَن يَجعَلَنا مِن جُنُودِهَا وَشُهُودِهَا وَشُهَدَائِها, إنهُ وَليُّ ذلكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ. وَالسَّلامُ عَليكُم وَرَحمَةُ اللهِ وَبَركَاتُه.