كيف تكون مضـائِقُ المسلمين "مشاعاً" للمستعمرين؟!
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
أرادت أميركا -التي عجزت عن تقديم المساعدات الفعلية والعسكرية لعميلها ساكاشفلي الذي ألح عليها في الطلب- إرسال سفينتين (طبيتين!) بسعة 69 ألف طن تحملان ما يسمى بالمساعدات الإنسانية إلى جورجيا خلافاً لمعاهدة مونترو لعام 1936، إلا أنها متعمدة لم تقم بتقديم إشعار رسمي للحكومة التركية بخصوص ذلك. وعلى الرغم من الادعاء بأنهما سفينتان طبيتان إلا أنهما في الحقيقة سفينتان حربيتان كانتا قد استخدمتا في الحرب على العراق، وكانت حكومة حزب العدالة والتنمية قد منعت مرور هاتين السفينتين من مضيقي البوسفور والدردنيل إلى البحر الأسود تخوفاً من الأزمة الإقليمية التي قد تنشب بسببهما، وتحسباً من ردة فعل الجيش التركي الذي ينظر لمعاهدة مونترو بحساسية بالغة لارتباطها بمعاهدة لوزان، وكان رئيس الوزراء أردوغان الذي حاول إظهار الأمر وكأن أميركا لا علم لها بتلك المعاهدة قد صرح قائلاً: "كما أننا لم نسمح لهم بالمرور في السابق، فلن ندعهم يمروا الآن، مونترو لا تسمح بذلك، والسفن الطبية بسعة 69 ألف طن لم تدخل للبحر الأسود، وقد تقبلوا ذلك بعقلانية ولم يصروا، إننا نحب من الجميع أن يلتزموا بالمعاهدات مهما كانت تلك المعاهدات".
ونحن هنا نتساءل: مادام لا يوجد إشعار (طلب) رسمي فعن أي إصرار يتحدث رئيس الوزراء؟ ثم إن الأدهى والأمر, أنه بعد ذلك قد أُذن لسفينتين حربيتين أمريكيتين ولسفن بولونية وألمانية وأسبانية تابعة لحلف الشمال الأطلسي (الناتو) بعبور المضيقين بهدف تقديم المساعدات الإنسانية المزعومة لجورجيا! علماً أنه وفقاً لمعاهدة مونترو؛ فحتى تتمكن هذه السفن من عبور المضيق لا بد أن تقدم إشعاراً بذلك قبل موعد المرور بأسبوعين على الأقل، وكان رئيس الوزراء أردوغان قد صرح قبل عبور هذه السفن بثلاثة أيام فقط بأنهم لم يتلقوا أي إشعاراً بذلك، وبهذا يكون قد أُذن للسفن الحربية التابعة لأميركا المستعمرة بذريعة تقديم المساعدات الإنسانية بعبور المضيقين بصورة مخالفة لمعاهدة مونترو الاستعمارية التي خطها الإنجليز. وتجدر الإشارة إلى أن هذه السفن قد حضرت لإجراء تدريبات في البحر الأسود ومن ثم ستتوجه لرومانيا أكثر من كونها حضرت لتقديم مساعدات إنسانية لجورجيا. وكان رئيس الوزراء أردوغان قد تحدث حول ذلك كله بصورة ملتوية عامداً إخفاء الحقائق وحرف الحديث عن وجهته بالتحدث عن مساعيه المتعلقة بالقوقاز وعن إنشاء منبر جديد تحت اسم "منبر القوقاز للاستقرار والتعاون"، في حين أنه لم ينشئ أي شيء وحتى في حال إنشائه فلن يحالفه النجاح طالما بقيت المشاكل المتشابكة المعلقة منذ سنوات بين جورجيا-روسيا, وأرمينيا-أذربيجان, وأرمينيا-تركيا قائمة.
في الحقيقة إن أميركا هي التي تقف وراء من خطط ونفذ الحرب في جورجيا, وهي التي تسببت بفتح الجدال حول العبور من المضائق, وهي ليست بعيدة عن مسرح أحداث القوقاز، فكافة السياسات التي تنتهجها حكومة حزب العدالة والتنمية تجاه هذه المسائل مرتبطة بالسياسيات الأميركية المتعلقة بالمنطقة ارتباطاً حتمياً. ولهذا فمن غير الممكن القول أن الجمهورية التركية العلمانية تتبع سياسة خارجية مستقلة قائمة على إرادتها الذاتية.
وأما المضائق فهي مضائق لأمة الإسلام قاطبة، ولن يرضى الله سبحانه وتعالى عن أي أمر فيه فتح الطريق أمام هيمنة وسيطرة وبسط نفوذ الكفار المستعمرين على المسلمين، وعليه فالقضية ليست "معاهدة مونترو" ولا أية معاهدة على شاكلتها، بل القضية هي استخدام الكفار المحاربين فعلاً للمسلمين, استخدامهم مضائق المسلمين كيفما يحلو لؤلئك الكفار لتحقيق مآربهم الاستعمارية وبسط نفوذهم. إنه لا يصح أن تصبح مضائقنا سلاحاً في أيدي الدول الكافرة المستعمرة للصراع فيما بينها . إن الصراع في جورجيا الذي هو بين أمريكا, وبقدر ما أوروبا, من جانب, وبين وروسيا من جانب آخر, لا يجوز أن تستعمل فيه مضائقنا أدوات في هذا الصراع تستغلها الأطراف المتصارعة, وبخاصة وأن هذه الأطراف المتصارعة عدوة للإسلام والمسلمين.
إن دولة الخلافة الراشدة الثانية -بإذن الله وتوفيقه- هي القوة الوحيدة القادرة على إرجاع مضائق المسلمين لسلطان المسلمين والتي لن تسمح لقوى الكفار المحاربين فعلاً للمسلمين المرور منها, وهي القادرة على بسط سيطرتها التامة على من يمرون بإذنها ووفقاً لقوانينها. إن مثل هذه الإرادة لا يمكن أن تصدر إلا عن دولة عظيمة كدولة الخلافة، لا كما هو دأب الحكام المطيعين للكفار المستعمرين, الخانعين لهم, المتشدقين بشعار "لا يمكن العبور من شنقلة", في الوقت الذي هم فيه قد أصدروا إذناً يحتاج لأسبوعين، أصدروه في ليلة واحدة، لمرور السفن الحربية التي أرسلها الكفار بزعم أنها تحمل مساعدات إنسانية!
يلمـاز شيلك
الناطق الرسمي لحزب التحرير
في ولاية تركيـا