مع القرآن الكريم- اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
قال الله تعالى: { اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ } الأعراف3
نسوق هذه الآية الكريمة وما يلي من آيات ليفهم المقلِّدون في شؤون الدين أن التقليد الأعمى غير جائز ولا يبرئ الذمة عند الله حتى ولو كان المرجع المقلَّد على صواب. ذلك أن المسلم مطالب باتباع ما أنزل الله على رسوله من كتاب وسنة وما أرشدا إليه. فهذا فرض عين على كل مسلم. أي يجب على المسلم أن يتأكد أن ما يحمله من عقائد وما يلتزم به من أحكام هو ما أنزله الله على سيدنا محمد عليه وآله الصلاة والسلام. إذا ورث المسلم الدين عن والديه دون بحث ونظر وتفكر وقناعة ذاتية لا يكون قد ابتع ما أنزل الله بل يكون قد اتبع والديه، وهذا مذموم «فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه». ولا يبرئ ذمة المسلم أن يتبع مذهب أبويه بدون نظر، ولا يبرئ ذمته أن يقلد مرجعاً لأن أبويه أو أهل بلدته يقلدونه، إذا لم يتأكد، عن طريق البحث والنظر، من صحة ما يقلّد.
قال تعالى: { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا } لقمان: 21.
وقال: { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ } آل عمران: 31.
وقال: { فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ } الأعراف: 158.
وقال تعالى: { أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى } الرعد: 19.
وقال: { أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ } محمد: 14.
وقال: { قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنْ اتَّبَعَنِي } يوسف: 108.
هذه الآيات الكريمة، وغيرها كثير، تؤكد أن الاتباع يكون، حصراً، لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولما أنزل الله عليه.
نحن نرى الآن مسلمين يأكلون الربا ويُطعِمون الربا ويفتون بالربا. بعضهم يفتي بالربا بشكل مطلق، وبعضهم يفتي به في حالات معينة. وحين يقرأ المسلم العاميُ غيرُ المجتهد آيات القرآن تحرّم الربا تحريماً مشدداً، وحين يقرأ هذا العامي أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم تجعل الربا من الكبائر، ويقرأ ويسمع أن علماء الأمة على مرّ العصور يقولون بتحريم الربا، ثم يسمع هذا العاميُّ المقلِّد أن أحد (العلماء) أو بعض (العلماء) في العصر الحديث الذي طغى فيه النظام الغربي الرأسمالي وطغى فيه الربا، يسمع أن بعض (العلماء) المحدثين يفتون بإباحة الربا، ثم يقوم هذا العامي المقلّد بالتعامل بالربا ضارباً بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية وأقوال علماء السلف، ضارباً بذلك كله عُرضَ الحائط، لأن التعامل بالربا وافق مصلحته وهواه... مثل هذا العامي المقلِّد هل يكون متبعاً ما أنزل الله؟ وهل يكون متبعاً رسول الله؟ أو يكون قد اتبع هواه واتبع الرجال الذين زيّنوا له ما هم عليه؟
وهناك مسائل كثيرة غير الربا، سواء من الأحكام الشرعية أو العقائد، يتبع المسلم فيها أبويه أو شيخه أو مرجع تقليده أو مذهبه أو حزبه اتباعاً وراثياً كما يتبع اليهودي يهوديتة والنصراني نصرانيتة والمجوسي مجوسيتة والبوذي بوذيتة... الخ إن مثل هذا الاتباع ليس اتباعاً لما أنزل الله بل هو اتباع لقومه، وهذا لا يبرئ الذمة عند الله، وهو شبيه بقول الشاعر:
وما أنا إلا مِنْ غُزَيَّةَ إنْ غَوَتْ *** غَوَيْتُ وإنْ تَرْشُدْ غُزَيّةُ أَرْشُدِ