فقرة المرأة المسلمة- قانتات حافظات- واجبات المرأة
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
حياكم الله معنا من إذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير , حيث نلتقي بكم مجددا , في فقراتنا المـتتابعة من سلسلة قانتات حافظات ، ونأتي اليوم إلى موضوع هام ألا وهو واجبات المرأة
قلنا أن الدين الإسلامي هو الدين الوحيد الذي ارتقى بنظرته للمرأة ، فنظر لها كإنسان فيه غرائزه وحاجاته العضوية، وشأنها شأن أي مخلوق خلقه الله تعالى،فهي عاجزة ناقصة محدودة ، ولكن ميزها الله عز وجل بوصفها الإنساني بأن جعل لها العقل (كالذكر) وأمرها باستخدامه للاستدلال على وجود الخالق, ذلك أن إيمانها بالله يجب أن يكون صادرا عن تفكير وبحث ونظر ، ولو نظرنا في آيات القرآن نجد عشرات بل مئات الآيات التي دعت الإنسان إلى النظر في هذا الكون لاستنباط سننه والاهتداء إلى الإيمان بآياته.
فالتدين فطري في المرأة، فهو غريزة من غرائزها وهي بفطرتها تقدس خالقها وهذا التقديس إذا ترك دون نظام ينظمه كان الاضطراب وربما عبادة غير الله .
وهذا النظام لا يضعه الإنسان بنفسه، فحتى تنظم هذه العلاقة بشكل صحيح خال من الفوضى كان لا بد أن يكون هذا النظام من الخالق ، وقد بلغنا به سبحانه وتعالى عن طريق الرسل الذين قاموا بتبليغ الناس دين الله عز وجل .
وكلنا يعلم أن الله قد أرسل سيدنا محمدا _صلى الله عليه وسلم _ للعالمين كافة ليبين لهم شرعة الله ومنهاجه. وبين أيضا علاقة الإنسان بخالقه وعلاقته بنفسه وعلاقته بالآخرين .
فكانت العبادة من ضمن علاقة الإنسان بربه، لذا نجد أن الإسلام جاء بتكاليف شرعية كلف الله بها المرأة كالعبادات والمعاملات والمطعومات والمشروبات والملبوسات.
ولا بد من لفت الانتباه لمسألة هامة ألا وهي أن الإسلام حين جعل على المرأة واجبات وجعل لها حقوقا ، إنما جعلها حقوقا وواجبات تتعلق بمصالحها كما يراها الشارع، ومعالجات لأفعالها باعتبارها فعلا معينا لإنسان معين, فجعل عليها واجبات تشابه واجبات الرجل حين تقتضي طبيعتها الإنسانية جعلها واحدة، وجعلها متنوعة حين تقتضي طبيعة كل منهما هذا التنوع.
فحين تكون الحقوق والواجبات حقوقا وواجبات إنسانية، أي حين تكون التكاليف تكاليف تتعلق بالإنسان كإنسان تجد الوحدة في هذه الحقوق والواجبات، أي تجد الوحدة في التكاليف، فتكون الحقوق والواجبات على كل من المرأة والرجل واحدة لا تختلف ولا تتنوع، أي تكون التكاليف واحدة للرجال والنساء على السواء. ومن هنا تجد الإسلام لم يفرق في دعوة الإنسان إلى الإيمان بين الرجل والمرأة، ولم يفرق في التكليف بحمل الدعوة إلى الإسلام بين الرجل والمرأة.
وجعل التكاليف المتعلقة بالعبادات من صلاة وصوم وحج وزكاة واحدة من حيث التكليف، وجعل الاتصاف بالسجايا التي جاءت بالأحكام الشرعية أخلاقا للرجال والنساء على السواء، وجعل أحكام المعاملات من بيع وإجارة ووكالة وكفالة وغير ذلك من المعاملات المتعلقة بالإنسان واحدة للرجال والنساء، وأوقع العقوبات على مخالفة أحكام الله من حدود وجنايات وتعزير على الرجل والمرأة دون تفريق بينهما باعتبارهما إنسانا، وأوجب التعلم والتعليم على المسلمين، لا فرق بين الرجال والنساء.
وهكذا نرى أن الله سبحانه وتعالى حين شرع الأحكام شرعها متعلقة بالإنسان كإنسان، فكانت التكاليف من هذه الناحية واحدة، وكانت الحقوق والواجبات واحدة, فكانت الآيات والأحاديث التي وردت في مثل هذه الأحكام عامة شاملة للإنسان من حيث أنه إنسان، وللمؤمن من حيث أنه مؤمن.
"فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض "
"من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون"
وحين تكون هذه الحقوق والواجبات، وهذه التكاليف الشرعية تتعلق بطبيعة الأنثى بوصفها أنثى، وبطبيعة مكانها في الجماعة، وموضعها في المجتمع، أو تتعلق بطبيعة الذكر بوصفه ذكرا، وبطبيعة مكانه في الجماعة، وموضعه في المجتمع، تكون هذه الحقوق والواجبات أي هذه التكاليف متنوعة بين الرجل والمرأة، لأنها لا تكون علاجا للإنسان مطلقا، بل تكون علاجا لهذا النوع من الإنسان، الذي له نوع من الطبيعة الإنسانية مختلف عن النوع الآخر، فكان لا بد أن يكون العلاج لهذا النوع من الإنسان، لا للإنسان مطلقا، ولذلك جعلت شهادة امرأتين بشهادة رجل واحد في الأعمال التي تكون في جماعة الرجال، وفي الحياة العامة من مثل شهادتها على الحقوق والمعاملات قال تعالى: " واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى "
وقبلت شهادة النساء وحدهن في الأمور التي تحدث في جماعة النساء فحسب ولا يكون فيها الرجال، كجناية حصلت في حمام النساء، واكتفي بشهادة امرأة واحدة في الأمور التي لا يطلع عليها إلا النساء، كشهادتها في البكارة والثيوبة والرضاعة.
وسنأتي بإذن الله بتفصيل واستفاضة أكثر لتلك الواجبات التي جاءت خاصة بالمرأة دون الرجل بوصفها أنثى وبوضعها بالجماعة والمجتمع ، كاللباس والرعاية وحفظ مال زوجها وعرضه وما إلى ذلك من أحكام جاءت تخص المرأة بوصفها أنثى وبطبيعة مكانها في الجماعة والمجتمع .
وإلى أن نلقاكم في حلقة جديدة الأسبوع القادم بإذن الله مع موضوع قانتات حافظات ، أترككم في رعاية الله وحفظه ، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته