شرح مواد النظام الإقتصادي في الإسلام- شرح المواد( 159-160 ) ح35
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
أما نص المادة 159:
(تشرف الدولة على الشؤون الزراعية ومحصولاتها وفق ما تتطلبه السياسة الزراعية التي تحقق استغلال الأرض على أعلى مستوى من الإنتاج.)
دليل هذه المادة هو دليل رعاية الشؤون، قال صلى الله عليه وسلم (الإمام راع وهو مسؤول عن رعيته)، فالدولة تشرف على الشؤون الزراعية من باب رعاية الشؤون عامة، ولكنها لا تباشر الشؤون الزراعية فتقوم بزراعة الأشجار والخضروات وغيرها التي هي من عمل الأفراد، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم تركها للمسلمين، فقال لهم في حديث تأبير النخل، (أنتم أدرى بشؤون دنياكم)، مما يدل على أن الدولة لا تشرف إشرافا مباشرا على الزراعة، ولا تتولاها، وإنما تشرف إشرافا عاما بتنظيم المباحات، بأساليب عملية تختارها لتنمية الزراعة وتقويتها وتسهيل أمورها، وتسمح باستيراد الأدوات الزراعية من الخارج، وكذلك العلوم التي من شأنها أن تزيد في الأنتاج وفي تحسينه، وعلى الدولة أن ترسم سياسة زراعية تؤدي الى الوفرة في الإنتاج.
والزراعة هي مصدر أساسي من مصادر الأقتصاد التي تعتمد عليها الدولة، فعليها أن توليها إهتماما كبيرا، كيلا تعتمد الدولة فيما هو من ضرورياتها على غيرها من الدول فتصبح اسيرة لها ولا تستطيع الانفكاك عنها.
وأما المادة 160 والتي نصها:
(تشرف الدولة على الشؤون الصناعية برمتها، وتتولى مباشرة الصناعات التي تتعلق بما هو داخل في الملكية العامة.)
تبين هذه المادة هذه المادة أن واجب الدولة أن تتولى الإشراف على الصناعات كلها إشرافا عاما، خاصة ذلك الذي يخص الأفراد، من باب رعاية الشؤون لقوله عليه السلام (الإمام راع وهو مسؤول عن رعيته)، والإسلام أقر ملكية الأفراد للمصانع، كمصانع الحلويات والملابس والأثاث وغيرها، وقد استصنع عندهم الرسول صلى الله عليه وسلم خاتما، واستصنع عندهم منبرا لمسجده صلى الله عليه وسلم، مما يدل على أن المصانع إنما يتملكها الأفراد لا الدولة، ولكن الدولة بما أولاها الله من رعاية لشؤون المسلمين، تشرف على مصالحهم، إشرافا عاما بتنظيم هذه المباحات، بأساليب تساعد على تحسين الصناعة، وبفتح أسواق لها، وبتوفير المواد الخام، وما شاكل ذلك.
أما ما يتعلق بما هو داخل في الملكية العامة، فإن دليله القاعدة الشرعية: (يأخذ المصنع حكم المادة التي ينتجها)، وهذه القاعدة الشرعية مستنبطة من حديث الرسول عن أنس قال: ( لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمرة عشرة: عاصرها ومعتصرها) الحديث، فقد حرم صناعة عصر الخمر، لأنها صنعت لأجل عصر الخمر، مع أن صناعة العصر مباحة، فأخذ المصنع حكم المادة التي أنتجها، وهذا عام، وبناء عليه يأخذ المصنع حكم المادة التي ينتجها، فتكون المصانع التي تنتج ما هو داخل في الملكية العامة ملكية عامة، لأنه أخذ حكم المادة التي ينتجها، والملكية العامة ملك لعامة المسلمين، ولا يصح أن يستقل فيها فردٌ أو أفراد، يمنع استقلالهم تمكين غيرهم من ملكيتها.
ومن هنا كان الخليفه هو الذي يتولى هذه المصانع ويمنع الأفراد من ملكيتها، لأن ملكيتهم لها تمنع غيرهم من التمكن من ملكيتها.
ولهذا كانت الدولة هي التي تتولى مباشرة المصانع التي هي داخلة بالملكية العامة، مثل استخراج النفط واستخراج الحديد والذهب وما شاكله، غير أنها تجعل لها مصلحة خاصة بها في واراداتها ونفقاتها وسائر شؤونها، وتضع أرباحها في بيت المال في باب خاص بها، لأنها ليست من ملكية الدولة بل هي من الملكية العامة.
وإلى حلقة قادمة ومادة أخرى من مواد النظام الاقتصادي في الإسلام نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أبو الصادق