قانتات حافظات الحلقة - المرأة وحمل الدعوة
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
حياكم الله معنا مستمعينا الكرام، نطل عليكم اليوم في أواخر سلسلتنا لموضوع قانتات حافظات، هذه السلسلة التي أخذت وقتا كبيراً، وكان يلزمها الوقت الأكبر، كيف لا وهي تتحدث عن مخلوق خلقه الله، ضيعه الغرب بما أوهمه من مفاهيم وأفكار، عكرت على هذا المخلوق بل والمجتمع كله صفو عيشه، فبعد ان كانت المرأة ترفل في عزتها وكرامتها، باتت سلعة تباع وتشترى، بل ومطمع كل طامع ومسلب كل ناهب.
وحتى لا اطيل عليكم أكثر، دعوني أخواني واخواتي أن ادخل في موضوع حلقتنا لهذا اليوم ألا وهو موضوع المرأة وحمل الدعوة، وهو موضوع هام وبحاجة إلى توضيح وبيان، فالكثير منا يظن أن حمل الدعوة هو عمل الرجال، وهو من التكاليف الشرعية التي اسقطت عن كاهل المرأة، مستشهدين بقولهم هذا أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر وافدة النساء أسماء بنت يزيد الأنصارية أن جهاد المرأة في بيتها، فتظن كثير من النساء أن جلوسها في بيتها لتربية أبنائها يسقط عنها إثم التقصير في حمل الدعوة، وكذلك يظن الرجال أيضاً.
ولو نظرنا إلى حكم الله في المسألة ( أي في حمل الدعوة ) لوجدنا أن هذا التكليف جاء للرجال والنساء على حد سواء، قال تعالى: " وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" وقال أيضاً: " وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ " التوبة 71
وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم" والذي نفسي بيده، لَتَأْمُرُنَّ بالمعروف، ولَتَنْهَوُنَّ عن المنكر، أو ليوشكِنَّ اللهُ أن يبعثَ عليكم عقاباً منه، ثم تدعونَه فلا يُستجابُ لكم" رواه الترمذي فالخطابُ في هذه الأدلةِ جاءَ عاماً للرجالِ والنساء لكَوْنِ هذا العملِ يتعلقُ بالإنسانِ بوصفه إنساناً، لا بصفتِه ذكراً أو أنثى، ومن ماتَ من المسلمين تاركاً هذا الواجبَ العظيمَ كانت ميتَتُه جاهلية .
ومن هنا نجد أن الشرع لا يفرِّقُ بين الرجلِ والمرأةِ في واجبِ الأمرِ بالمعروفِ والنهيِ عن المنكر، وهو واجبٌ يشملُ كلَّ ضروبِ الإصلاحِ في جميعِ نواحي الحياة، فهو يشملُ العمَلَ لتغييرِ الواقعِ السيئِ الذي يعيشُه المسلمون اليوم، ويشملُ العملَ على حملِ الدعوةِ لاستئنافِ الحياةِ الإسلاميةِ وإقامةِ دينِ اللهِ في الأرضِ لحفظِ الحرُماتِ ونشرِ الأمنِ والطمأنينةِ بين الناس .
وهذا العمل لابد ان يكون ضمن تكتل او حزب لقوله تعالى: " وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ" أي جماعة، فالعمل الفردي لا يجدي نفعاً مهما كثر فعلى المرأة المسارعة بالانضمام الى حزب يعمل على نهضة الامة ويتبنى مصالحها ويرعى شؤونها لتكون بذلك متبعة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وتقوم بما قام به من اعمال بإيجاد ثقافة اسلامية مركزة لتتحمل اعباء الدعوة وتكون بذلك تعمل على بناء الشخصية الاسلامية المتميزة فتتكون لديها العقلية النيرة والنفسية الاسلامية الخيرة ولا يكون ذلك الا عن طريق حلقات مركزة بغض النظر عن السن والمكانة والاصل.
وبعدها تصبح قادرة على مجابهة فساد الواقع الذي بات واضح حتى في ادق ادق تفاصيل حياتنا، بل ويمكنها أن تربي أبناءها خير تربية وتجعل منهم شخصيات اسلامية متميزة.
ويجب ان لا يقتصر الامر على التثقيف بل لا بد من الصدع بالحق والا كانت كالمكتبة التي تحمل المعلومات بين ثنايا كتبها فلا بد ان تتصدى لأفكار الكفر والعادات المخالفة للشرع ولا تتوانى عن حق فتبينه ولا عن باطل وتكشفه ، وعليها أيضاً ان تبين عوار الانظمة القائمة وبيان خطئها وفسادها وبالمقابل تبين افكار الاسلام ومفاهيمه وانظمته الحقة .
فيجب عليها ان تدعو كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو بكل صراحة وجرأة وقوة فلا تلين ولا تستكين ولا تحابي ولا تداهن ولا تحسب اي حساب للعادات والتقاليد ولا تخاف كونها امرأة فالامر اعظم من ذلك فهو ليس خوفاً من عباد بل هو تنفيذ اوامر رب العباد فلا تهاب من قول كلمة حق او امر بالمعروف او نهي عن منكر.
فالامر جد لا هزل ولا يقتصر على الرجال دون النساء فمصلحة الامة يتطلب عمل المرأة خير عمل ولا يكفي تأييدها ومساندتها فقط فالحكم الشرعي يبين ان مصلحة الامة يتمثل في حمل الدعوة من كلا الطرفين المرأة والرجل والعمل على الدعوة الى الاسلام على السواء فنحن جميعاً مطالبون بالتواصي بالحق والتواصي بالصبر قال تعالى :" وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ"
فعلى المرأة العمل جاهدة لحمل الدعوة الاسلامية حملاً حقيقياً وعليها ايضاً التحلي بالصبر وتتحمل جميع تكاليف الدعوة فحمل الدعوة ليس بالطريق السهل واليسير.
وعلى الرجل ايضاً ان يبذل كل وسعه في حث اخته او زوجه او حتى والدته للسير في هذا الطريق واتمام هذا الفرض الذي يعد تاج الفروض ولا يمنعها بحجة الخوف عليها لإن الله سبحانه وتعالى هو الرحمن الرحيم الارحم بعباده من الوالدة على ولدها وهو من فرض هذا الامر عليها فلا يجب منعهن من القيام به بهذه الحجج الواهية.
ولا يمنعها أيضاً بحُجَّةِ أنَّ مثلَ هذا العملِ يتطلبُ وقتاً وجُهداً قد يؤثرُ على حاملةِ الدعوةِ وزوجِها وأولادِها فيقلِّلُ من اهتمامِها بهم، فحاملةُ الدعوةِ قادرةٌ بإذنِ اللهِ أن تُنَظِّمَ أوقاتَها، فلا تقصِّرُ في حقِّ الأهلِ والزوجِ والأولاد، ولا تقصِّرُ في أداءِ التكاليفِ المطلوبةِ منها لحملِ الدعوةِ , فإنْ تزاحمتِ الأعمالُ وكَثُرتِ التكاليفُ لظرفٍ ما , فلا بأسَ من الصبرِ والتيسِيرِ عليها, ومساعدتِها ما أمكنَ حتى في أعمالِها البيتيَّة، واعتنائِها بصِغَارِها، وهي أعمالٌ لم يأنفِ الرسولُ عليه الصلاةُ والسلامُ من تأديتِها لمساعدةِ نسائِه وأهلِ بيتهِ رُغْمَ مسؤوليَّاتِه العظيمة.
والمرأة المسلمة اليوم هي بنت تلك المرأة المسلمة التي عايشت عصر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وعصر التابعين وتابعي التابعين، أبنة وعائشةَ وسميةَ والخنساءَ وغيرُهن كثيرٌ، ابنة أم عمارة التي عرضت صدرها لحراب الاعداء وابنة الخنساء التي شهدت بعينها قتل الزوج والابناء. فما الذي يقعد بالمرأة المسلمة البنت عن ان تعيد تاريخ المرأة المسلمة الام، وان تقفو خطواتها في الحياة فهيا يا اختياه شمري عن ساعديك واقبلي على دينك وانظري لم خلقت وكيف يجب ان تكوني لتكوني حجر بناء لتلك الحضارة العريقة لا معول هدم فيها.
اللهم اجعلنا من العاملاتِ لنصرةِ دينِك دينِ الحق، وممَّن ترضى عنهم في الدنيا والآخرة، وكحِّل عيونَنَا برؤية دولةِ الخلافةِ قريباً يارب العالمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أم سدين