من أقوالهن عبر ودروس - قوة الحجة
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
حياكم الله مستمعينا الكرام من إذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .وأهلاً بكم معنا مجدداً في برنامجنا من أقوالهن عبر ودروس .
محطتنا اليوم هي في المدينة المنورة ، في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بين أصحابه ، فتأتيه هذه المرأة قائلة :" بأبي أنت وأمي ، إني وافدة النساء إليك ، واعلم إنه ما من امرأة كائنة في شرق ولا غرب سمعت بمخرجي هذا أو لم تسمع إلا وهي على مثل رأيي ، إن الله بعثك بالحق إلى الرجال والنساء فآمنا بك وبإلهك الذي أرسلك ، وإنا معشر النساء محصورات مقصورات ، قواعد بيوتكم ، ومقضى شهواتكم ، وحاملات أولادكم ، وإنكم معاشر الرجال فضلتم علينا بالجمعة والجماعات ، وعيادة المرضى ، وشهود الجنائز ، والحج بعد الحج ، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله ، وإن الرجل منكم إذا خرج حاجا أو معتمرا أومرابطا حفظنا لكم أموالكم ، وغزلنا لكم أثوابكم ، وربينا لكم أولادكم ، فما نشارككم في الأجر يا رسول الله ؟ قال : فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه بوجهه كله ، ثم قال : « هل سمعتم مقالة امرأة قط أحسن من مسألتها في أمر دينها من هذه ؟ » فقالوا : يا رسول الله ، ما ظننا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا ، فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إليها ، ثم قال لها : « انصرفي أيتها المرأة ، وأعلمي من خلفك من النساء أن حسن تبعل إحداكن لزوجها ، وطلبها مرضاته ، واتباعها موافقته تعدل ذلك كله » قال : فأدبرت المرأة وهي تهلل وتكبر استبشاراً.
نعم هذه هي أسماء بنت يزيد الأنصارية التي كانت النساء تقصدها فتجمع أسئلتهن وتحملها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وتعود إليهن بالإجابات الشافية والردود الوافية والحقائق الجامعة المانعة التي تشفي الصدور وتروي ظمأ النفوس.
انظروا- مستمعينا الكرام- قوة الحجة وفصاحة اللسان،إنها فعلاً خطيبة النساء، ولو أنها ترددت أو تكاسلت لأضاعت على نفسها وعلى بنات جنسها الفرصة في العلم بأمور الدين والدنيا.
لكنها أقدمت وتقدمت وسألت وحصلت على الجواب الشافي، فاستفادت وتعلمت وعلمت النساء، وصارت قدوة ومثلا في هذا العلم، وأيضا في الحكمة والفطنة وحسن البيان .
ومما سمعناه نرى أن حُسن الخطاب مهم في توصيل الأفكار وأن الكلمة الصادقة القوية واللسان البليغ لها أثر كبير في النفوس بها ترتفع الهمم إلى القمم وتتبدد الآلام وتتجدد الآمال، وبما أننا كحملة دعوة نخوض صراعاً فكرياً فمن الضرورة بمكان التنبه لأسلوب الطرح والنقاش لتوصيلها بشكل مؤثر وفعال بحيث يؤدي إلى التغيير المنشود .
نأتي إلى النقطة الثانية التي وردت في إجابة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أسماء ، وهي أن حسن تبعل المرأة لزوجها تعدل كل أعمال الرجال التي فضلهم الله بها عن النساء ، وحسن تبعل المرأة يعني تفانيها في طاعة زوجها وحسن رعايتها له ولبيتها وأولادها، وحفظها له في عرضها وماله .والتي ينطبق عليها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " خير النساء التي إذا أعطيت شكرت، وإذا حرمت صبرت، تسرك إذا نظرت، وتطيعك إذا أمرت".
إن معادلة كل أعمال الرجال بحسن التبعل دليل على مشقة ذلك وصعوبته على النساء،فهو ليس بالأمر اليسير الهين، بل يتطلب جهاداً كبيراً للنفس ، ويتطلب نفساً نقية صافية لا تلوثها المفاهيم الغربية عن حقوق المرأة والمساواة بينها وبين الرجل والاستقلالية في الرأي والتصرف ، ومفاهيم الحرية الشخصية وحرية الرأي والندية في التعامل وأحيانا التحدي ، ولا تلوثها أفكار زرعت في عقلها أنها في الأصل امرأة عاملة وليست ربة بيت، ويجب أن لا تكون ممن يكثرن الشكاة وينكرن العشير فلا تكون ممن ينطبق عليها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" أُريت النار فإذا أكثر أهلها النساء، قالوا: لم يا رسول الله ؟ قال: يكفرن العشير ويكفرن الإحسان. لو أحسنت إلى إحداهن الدهر، ثم رأت منك شيئاً قالت: لم أر منك خيراً قط". فالعديد من النساء -إلا من رحِـم ربي - إذا دبَّ الخلاف بينها وبين زوجها أو رفض لها طلباً بادرت في ثورة من غضب إلى إنكار كل ما كان قد أبداه زوجها نحوها من خير وإحسان. وبعضهن لا ترى أن زوجها يعطيها أو يؤدي حقوقها وتظل فقط ترى فلانة وعلانة أفضل منها وهي تقع في كفران العشير بما لا تدري أو تدري بعدم القناعة وكثرة التسخط والشكاة .
في أيام تطبيق الإسلام الحق حيث كانت الحياة على الفطرة عرفت المرأة نفسهاوأدركت دورها وأدركت الزوجات قدر أزواجهن واحترمنهم، أما اليوم فإن العديد من النساء يرين أن في طاعة الزوج مهانة، وفي حسن التبعل له ذلة، وفي إعطائه مكانته انتقاصاً من قدرها، وفي اعترافها له بالجميل تشجيعا له على الاستعلاء والغرور والتسلط .مع أن شكر زوجها وإحترامه لاينقص من قدرها بل بالعكس يزيد من قدرها عنده ،فأين مطلب نساء المسلمين اليوم من مطلب نساء المسلمين بالأمس ؟! أين هن من قول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ( يا معشر النساء، لو تعلمن بحق أزواجكن عليكن لجعلت المرأة منكن تمسح الغبار عن قدمي زوجها بخد وجهها (؟!
وكذلك على الزوج مراعاة الله في معاملته مع زوجته وأن يبتعد عما يؤذيها ، فللنساء على الرجال مثل الذي عليهن، كما قال تعالى "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة".
وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم الزوج بحسن العشرة فقال: "خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي" وقوله صلى الله عليه وسلم : "استوصوا بالنساء خيراً فإنهن عوان عندكم" .
نسأل الله تعالى أن يرزقنا حب الإيمان وشرائعه، وأن يزينه في قلوبنا ويشرح له صدورنا وأن يُكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، وأن يجعلنا من الراشدين. ويجعلنا من ذوي قوة الحجة وحسن البيان . هدانا الله جميعاً لما فيه خيرنا .
وأستودعكم الله تعالى والى اللقاء في حلقة أخرى ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .