من إرث مفكرينا وعلمائنا حملة الدعوة ج4 - المرأة في الإسلام
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
الحقيقة الثالثة: إن الشرائع الغربية كلها، قد وضعها الناس بأنفسهم عندما ساد المبدأ الرأسمالي العالم الغربي، وتم فصل الدين عن الحياة، حيث أبعدت الكنيسة ومنعت من سن القوانين والتدخل في كل أمور الدنيا. ذلك أن العقيدة النصرانية، هي عقيدة كهنوتية، لا تحوي حلولا ولا معالجات لمشاكل الحياة.
ولما كانت الرأسمالية تقوم على الحريات الأربع، ومنها حرية التملك، فقد قام أصحاب رؤوس الأموال يجمعون الثروة بكل ما أوتوا من قوة ومكر ودهاء، فانتشر الفقر وساد استغلال الإنسان للإنسان، وكانت المرأة أول ضحايا هذه الرأسمالية، التي كانت تعتمد في بدايتها على القوة البدنية لحفر المناجم وحمل الأثقال وإدارة الآلات الضخمة، فقامت نتيجة هذا الاستغلال حركات كثيرة تطالب بإنصاف المظلومين من هذه الرأسمالية المتوحشة، فظهرت الحركات العمالية والحركات النسائية. وكانت المظاهرات التي ينظمها الرجال والنساء غالبا ما تقمع بالقوة، فيسقط القتلى والجرحى. فكان يوم الأول من أيار عيدا للعمال، تخليدا لمن قتل منهم، كما كان يوم الثامن من آذار يوما للمرأة تمجيدا لنضال النساء وتضحياتهن لنيل حقوقهن. ومساواة أجورهن بأجور الرجال الذين يقومون بنفس عملهن.
فقضية المساواة والمطالبة بها، إنما نشأت عند الغربيين، نتيجة ظلم الرأسمالية، ولا علاقة للمسلمين بها من قريب أو بعيد. لأن المسلمين لا يعرفون التمييز أصلا.
الحقيقة الرابعة: أن الأمة الإسلامية بعد أن هزمت الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى، وهي آخر دولة إسلامية. تعرضت ولا تزال تتعرض للغزو والاستلاب السياسي والاقتصادي والاجتماعي. وفي كل الأقطار دون استثناء. ومن الطبيعي أن تتعرض المرأة، وأن يتعرض دورها العظيم في تربية الأبناء ورعاية الأسرة إلى قدر كبير من معاول الهدم.
وبعد أن انهارت الشيوعية وتخلى عنها معتنقوها، ظن مفكرو الغرب، أن القيم الرأسمالية ستسود العالم، وأن صراع الحضارات قد ولى إلى غير رجعة، لكنه خاب فألهم، فقد بدأت الأمة الإسلامية تنهض من كبوتها وتستيقظ من سباتها، وبدأت الأصوات تعلو مطالبة بإعادة حكم الإسلام، في جميع جوانب الحياة، وبدأ اسم الإسلام يعلو كل يوم وفي كل مكان، وباتت عودته مؤكدة وقريبة، وإنه بما يحويه من عقيدة صحيحة وقيم راقية ومعالجات ناجحة لكل المشاكل، وإنه حال عودته سيجرف كل أرجاس الرأسمالية ونجاستها. لذلك تنادى مفكرو الرأسمالية ودهاقنتها لوضع المخططات الاستباقية التي تحول دون هذه العودة الميمونة. وحيث أن الإسلام مبعد عن جميع جوانب الحياة عند المسلمين، باستثناء أحكام الأسرة-الأحوال الشخصية- والمرأة هي محور هذه الأحكام.
ولما كانت الأمم المتحدة منذ نشأتها عام 1945 أداة من أدوات السيطرة الرأسمالية، فإنهم رأوا أنها خير أداة لتنفيذ هذه المخططات وقد قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 77 اعتبار يوم الثامن من آذار من كل عام يوما للمرأة. وفي 18 كانون الاول من عام 1979 اعتمدت الجمعية العامة ما يسمى " اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة" اتفاقية السيداو، وعرضتها للتوقيع والتصديق والانضمام في 18 كانون الأول عام 79 على ان يبدأ نفاذها في 3 أيلول 1981 طبقا لأحكام المادة 27 من الاتفاقية ذاتها.
ولقد انبثق من داخل الأمم المتحدة ثلاث لجان تتولى الإشراف على تنفيذ الاتفاقية
أ) لجنة مركز المرأة ب) شعبة النهوض بالمرأة ج) لجنة السيداو.
وتعمل هذه اللجان الثلاث على عقد المؤتمرات دوريا، وقد عقدت لجنة مركز المرأة التابعة للأمم المتحدة، جلستها الرابعة والخمسين في الفترة من 1-12 آذار من العام الجاري 2010. وفي هذه الجلسة والجلسة التي سبقتها أي في الجلسة الثالثة والخمسين، اتخذت أخطر القرارات بالنسبة للمرأة المسلمة . ومما يدعو للحسرة والأسى أن معظم الدول العربية وغير العربية، والتي جل أهلها من المسلمين، قد وافقت على هذه المقررات مع إبداء البعض قليلا من التحفظات، تمهيدا لرفعها بالتدريج.
وأورد هنا بعض نصوص اتفاقية "السيداو" ثم بعضا من القرارات التي اتخذت في هذه المؤتمرات:
1- تنص المادة 15 فقرة 4 من الاتفاقية على ما يلي:" تمنح الدول الأطراف الرجل والمرأة نفس الحقوق فيما يتعلق بالتشريع المتصل بحركة الأشخاص وحرية اختيار محل سكناهم وإقامتهم"، أي أن من حق المرأة أن تتخذ سكنا مستقلا عن سكن الزوج، وأن تسافر أو تغادر حتى دون إعلان او استئذان. وقد أعلن وزير الإعلام الأردني رفع التحفظ عن هذه المادة.
2- تنص المادة 16 على ما يلي:
أ) تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات العائلية وبوجه خاص تضمن على أساس المساواة بين الرجل والمرأة.
أولا: نفس الحق في عقد الزواج.
ثانيا: نفس الحق في حرية اختيار الزوج وفي عدم عقد الزواج إلا برضاها الحر الكامل. ولا اعتراض لأحد على هذه الفقرة، فهذا حق مقرر للمرأة في الإسلام.
ثالثا: نفس الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وعند فسخه.
رابعا: نفس الحقوق والمسؤوليات بوصفهما أبوين، بغض النظر عن حالتهما الزوجية، في الأمور المتعلقة بأطفالهما وفي جميع الأحوال، يكون لمصلحة الأطفال الاعتبار الأول وهذا يعني حق المرأة أن تنسب الأطفال لنفسها ولأسرتها وليس لأسرة الأب.
خامسا: نفس الحقوق في أن تقرر بحرية وإدراك للنتائج عدد أطفالها والفاصل بين الطفل والذي يليه.
سادسا: نفس الحقوق والمسؤوليات فيما يتعلق بالولاية والقوامة والوصاية على الأطفال وتبنيهم أو ما شابه ذلك من الأعراف، حين توجد هذه المفاهيم في التشريع الوطني.
سابعا: نفس الحقوق الشخصية للزوج والزوجة بما في ذلك الحق في اختيار اسم الاسرة والمهنة ونوع العمل.
واضح من هذه النصوص تماما أن مفهوم الأسرة عندنا معشر المسلمين، ينبغي أن ينتهي حتى تنسجم التشريعات الوطنية مع اتفاقية السيداو. فرفع قوامة الرجل مخالف للنص القرآني القطعي الدلالة، القطعي الثبوت، فالله تعالى يقول" الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ " النساء. والتفضيل هنا بمعنى زيادة المسؤولية وليس التفضيل بمعنى الخيرية.
والرجل هو وحده الذي يملك ولاية التزويج ولا يجوز مطلقا أن توكل المرأة في تزويج المرأة، فكل امرأة تزوجت دون ولي فزواجها باطل، فقد روى ابن حبان والحاكم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله"لا نكاح إلا بولي" ولما روي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل ". ولما رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم" لا تزوج المرأة المرأة ولا تزوج المرأة نفسها فإن الزانية هي التي تزوج نفسها".
كما لا يصح أن ينسب الأولاد على أمهم لقوله تعالى:" ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ " الأحزاب.
هذه بعض نصوص اتفاقية السيداو سيئة الذكر. وليست هي وحدها على سوءها بل أن لجنة مركز المرأة في جلستها الثالثة والخمسين اتخذت من القرارات ما لا يمكن أن يقبل به من آمن بالله ربا وبالإسلام دينا وهذه بعض القرارات:
1- تعمل اللجنة على تكثيف الجهود من اجل التنفيذ الكامل لمنهاج بكين- حيث عقد في بكين مؤتمر لتفعيل الاتفاقية، وبحث وسائل تنفيذها والعقبات التي تحول دون التنفيذ وكيفية إزالتها- ووثائق المؤتمر الدولي للسكان والذي يطالب دون أية تحفظات بتيسير وسائل منع الحمل للمراهقين وتدريبهم على استخدامها، وإباحة الإجهاض للتخلص من الحمل غير المرغوب فيه ومساواة الجندر، بمعنى إلغاء كافة الفوارق بين الرجل والمرأة وإعطاء كافة الحقوق للشواذ.
2- التصديق دون تحفظات على الاتفاقيات المشار إليها وغيرها والمطالبة بالمساواة التامة والتطابقية بين المرأة والرجل داخل الأسرة، بما في ذلك الغاء طاعة الزوجة لزوجها، وإلغاء الولي، والتساوي التام عند عقد الزواج والطلاق والتعدد والميراث، وحرية السكن والتنقل دون إذن الزوج.
3- حماية الفتيات اللاتي يقمن بمهام منزلية داخل أسرهن من الاستغلال واعتبار عمل البنت داخل بيت أهلها عملا تستحق عليه الأجر.والضغط باستصدار قوانين تجرم عمل الفتاة داخل منزل أهلها، باعتبار عملها في بيت أهلها من أسوأ أشكال عمالة الأطفال.
4- تيسير حصول الأفراد على خدمات الوقاية من مرض الإيدز والتي تتركز على الحصول على العازل الذكري والأنثوي والتدريب على استخدامه على مستوى كل الأفراد والأعمار، والتدريب عليها في المدارس والوحدات الصحية للمراهقين والشباب. وفي مرحلة لاحقة وضع ماكينات في الشوارع العامة يستطيع من خلالها الفتيان والفتيات الحصول على العازل الطبي دون مخاوف نفسية أو اجتماعية، قد تعيقهم عن الحصول عليها.