الإعلام في دولة الإسلام
- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
أنا الإعلام قد أقفلت أبوابي
فنداء الحق ليس من أحبابي
أريد مالاً وظهوراً مستمراً
لذا لن يقف الإسلام على أعتابي
وإن كنت على يقينٍ بأنه الحق
وإن أثارت أفكاره إعجابي
فما همي نشر قضايا المسلمين
ولكن همي من الدنيا ملؤ أجيابي
هذه هي الكلمات التي يقولها لسان الإعلام اليوم والذي لا يصدع إلا بباطل ، ولا يكتفي بذلك بل يطمس كل حقٍّ ويدق أثره دقا ..
فما هو الإعلام وما دوره في دولة الإسلام ؟؟ وهل استخدمه النبي _صلى الله عليه وسلم _ في ضرب الكفر ونشر الإسلام ؟؟
الإعلام لغة : هو نقل المعلومات إلى الآخرين عن طريق الكلمة أو غيرها بشكلٍ سريع.
أما اصطلاحاً : فهو إيصال معلومة معينة إلى المتلقي لهدف معين بأسلوب يخدم ذلك الهدف ويتوقع منه أن يؤثر في المتلقي ويغير من ردود فعله .
وقد اهتمت الدولة الإسلامية منذ نشأتها بالناحية الإعلامية في تقوية دعائمها وضرب العدو ، وبما أن الإعلام هو عمليّة اتّصالٍ فكريّ يستند أساساً إلى وجود مرسلٍ ومرسَل إليه ووسيلة لنقل الرّسالة المطلوبة ، فقد كان كان الاتّصال مباشراً لنقل الرّسالة الإعلاميّة من خلال الكلمة المسموعة في الشّعر أو الخطبة، ثم تطوّر إلى الكتابة بوجود الطّابعة، وصار أسرع بكثير مع الاختراعات الحديثة من وسائل الاتصالات ووجود الحاسب الآلي .
ومثل هذه المخترعات التي سهلت إيصال المعلومة بل وجعلت الخصول عليها متاحاً للجميع ، حتى أقل الناس خبرةً بوسائل الاتصال الصغير منهم والكبير ، لذا فإنه لا بد للمسلمين أن يستفيدوا من هذه التقنيات في حمل الدعوة وإعادة المجد الذي فُقِد ، وأن يعلموا أن ذلك ليس صعباً فقد فتحت الصين والأندلس في الوقت الذي لم يكن فيه وسيلةٌ للتواصل سوى بعض الخطب ولا توجد فيه مواصلات إلا الناقة والجمل ..
ومن أهم الأساليب الإعلامية التي استخدمها النبي _صلى الله عليه وسلم _:
الاتّصال الشّخصيّ : وكان هذا أول الأشكال الإعلامية في نشر الإسلام واستمر الصحابة على ذلك أيضاً.
الخطبة : حيث ظلت الخطبة منذ ظهور الإسلام من أهم الوسائل الإعلامية التّي اعتمد عليها رسول الله - صلّى الله عليه وآله وسلّم- في نشر الدّين الجديد ، فهي تعتبر من أساليب الإعلام الجمعي شديد التأثير .
يلي ذلك الشعر : الذي كان له أثر بارز في التّعبير عن الحياة في العصر النّبويّ.
ثم القراء و المدرسون : وكانت مهمتهم تعليم القرآن وأمور الدين لمن دخلوا الإسلام حديثاً.
ثم يأتي الأذان : وقد استخدمه النّبي -صلّى الله عليه وآله وسلّم- ليُعلم النّاس بدخول وقت الصّلاة ولجمع النّاس لأمر جلل ، فكان يأمر المؤذن ليؤذّن في النّاس للجهاد فيقول: "يا خيل الله اركبي".
كما استخدم المسلمون البريد واهتموا به ، لدرجة أنّه أنشئ له بدالات من الخيل والرّاكبين طول الطّريق لضمان وصول الخبر بسرعة.
كل هذه الوسائل كما أسلفنا في الوقت الذي لم تكن فيه مخترعاتٌ كثيرة ، إلا أنه كان لتلك الوسائل أثرٌ كبيرٌ في تبليغ رسالة الإسلام والانتصار له .
ومما يمكن للمسلمين استخدامه من وسائل إعلامية حديثة في الوقت الحاضر ،الصحف والجرائد والمجلات والإذاعة والتلفاز وكذلك الشبكة العنكبوتية " الإنترنت"..
لكن هل يتشابه إعلام المسلمين اليوم بإعلامهم زمن عزتهم ؟؟ لنرى ذلك معاً ..
إنّ الإعلام الإسلاميّ في عهد النّبي - صلّى الله عليه وآله وسلّم- كان يهدف إلى تحقيق المقاصد الإعلاميّة المنضبطة بالمقاصد الشّرعيّة ، حيث التزم الإعلام الإسلاميّ، وتلبّس بالآداب الإسلاميّة وقيمها وأخلاقها وظهر عليه سمات وملامح مميّزة كانت نتاجاً طبيعيّاً لفكرِ سامٍ انبثق من عقيدة التّوحيد، وأبرز سماته كانت الحَسَن ما حسنّه الشّرع و القبيح ما قبَّحه الشّرع ، وأن الغاية لا تبرر الوسيلة ،كما حافظ الإعلام الأسلاميّ زمن النبوة على الثّوابت الشّرعيّة بغض النّظر عن الظّروف و عواقبها.
أما الإعلام في أيامنا هذه فإن المتتبع له يجد تطوراً كبيراً فيه ، فقد ازدادت البرامج الدينية ، وأصبح هناك العديد من المشايخ ممن يظهرون على شاشات التلفزة والفضائيات ، لكن وفي وسط هذه النقلة نجد ما يقف في الحلق يشعرنا بغصّةٍ من الألم ، حيث نجد ما يطلق عليه إعلامٌ إسلاميّ قائمٌ على الإصلاح الفرديّ حسب مقولة : "أصلح الفرد يصلح المجتمع" وتصبّ الجهود نحو ذلك دون أن تتحدّث للمشاهدين أو جمهور المتلقّين عن علاقة الحاكم بالمحكوم ولا على ما يجب أن يكون عليه حال الحاكم والمحكوم، ولا عن السّياسة الخارجيّة للدّولة الإسلاميّة ولا عن عالميّة الإسلام ، ولا عن وحدة البلاد الإسلاميّة في كيان واحد، بل إن العديد من البرامج الدينية اليوم وكثيرٌ من مشايخ الفضائيات ممن ينادون بالوطنية بل ويسيرون مشاعر الناس حسبها .
ترى ما السبب مستمعينا الكرام في هذا الاضمحلال الفكريّ في إعلام المسلمين اليوم؟؟!!
السبب الأول هو احتكار الغرب لصناعة تقنية المعلومات والاتّصال والإعلام ، مما يعني أن المادة الإعلامية الغربية هي المهيمنة ، كما توظف العديد من الدّول وسائل الإعلام لخدمة أغراضها المبدئيّة والسّياسيّة والثّقافيّة؛ فعلى مستوى الإذاعة المسموعة فإنّ الدّول الصّناعيّة الكبرى تتّحكّم في (90%) من الموجات الإذاعيّة في العالم .
أما السبب الثاني فإنه من الملحوظ جداً تأثر الإعلام في العالم الإسلامي بالفكر الغربيّ وثقافته ، فإعلام المسلمبن اليوم يحاول حثيثاً الابتعاد بالناس عن البحث في السياسة وإن سمح بذلك فإنه يوصل رأيه الذي هو مستقى من رأي الغرب أصلاً ، وتظهر المرأة فيه عارية أما إن تحجبت فإنها مزركشةٌ مزينة ..
من كل ذلك نخلص إلى أن :
الإعلام في عهد النّبيّ - صلّى الله عليه وآله وسلّم- كان يتّصف بالصّدق والجرأة معاً بينما إعلام اليوم يتماشى مع القوانين الوضعيّة والسائدة في البلد الذي يبث منها وفيها، وإن صدق فإنه يكون لصالح الحكومة لا لصالح المسلمين .
كما أنَّ الإعلام في عهد النّبيّ - صلّى الله عليه وآله وسلّم- كان عالميّا وشاملا أما إعلام اليوم فهو يسلّط الضوء على النّواحي الفرديّة والاجتماعيّة أكثر من غيرها.
والإعلام في عهد النّبيّ - صلّى الله عليه وآله وسلّم- كان ساعياً لقلب الواقع وتغييره جذرياً تبعاً للمنهج الرباني في حين أن إعلام اليوم مقيَّدٌ بالمتاح له في ظل القوانين المحليّة .
وحتى يستقيم الأمر للإعلام في بلاد المسلمين ، لا بدَّ له أن يسير على خطى النبي صلوات ربي وسلامه عليه ، كما قال تعالى في سورة آل عمران :
"قُلْ إن كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ" .
خنساء