الأحد، 22 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/24م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

الأندلس الفردوس المفقود من الفتح إلى السقوط-ح7-وتستمر المعركة

بسم الله الرحمن الرحيم

 

حياكم الله مستمعينا الكرام ، مستمعي إذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير ، ونطل عليكم من جديد وسلسلة تتناول تاريخ الأندلس ، من فتحه حتى سقوطه ، سأئلين المولى أن يمن علينا بإعادته إلى حظيرة الإسلام على يد خليفة عادل ، قائد شجاع بشجاعة موسى بن نصير وطارق بن زياد ، يكون لنا جنّة نقاتل من وراءه ، إنه ولي ذلك وإنه على كل شيء قدير ....

تحدثنا في الحلقة السابقة عن الصدام الاول الذي حصل بين جيش المسلمين وحامية جيش النصارى ، وكيف أن الحامية بعثت تستنجد بلوذريق متحيرة بجيش المسلمين إن كان من أرض أو من سماء ، وقلنا أن لوذريق توجه لقتال المسلمين في وادي الرباط بمائة ألف مقاتل وبكل تكبر وغرور وثقة عمياء بإنه سينتصر على المسلمين فجاء بالحبال على البغال لتقييد المسلمين

  وتم اللقاء في وادي برباط،في الثامن والعشرين من شهر رمضان سنة اثنتين وتسعين من الهجرة  ودارت  معركة هي من أشرس المعارك في تاريخ المسلمين، وإن الناظر العادي إلى طرفي المعركة ليدخل في قلبه الشفقة حقا على المسلمين الذين لا يتعدى عددهم الاثني عشر ألفا وهم يواجهون مائة ألف كاملة، فبمنطق العقل كيف يقاتلون فضلا عن أن يَغلبوا؟!

ولكن  "خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ"(الحج:19) وشتان بين الخصمين، شتان بين فريق خرج طائعا مختارا، راغبا في الجهاد، وبين فريق خرج مُكرها مضطرا مجبورا على القتال، شتان بين فريق خرج مستعدًا للاستشهاد، مسترخصا الحياة من أجل عقيدته، متعاليًا على كل روابط الأرض ومنافع الدنيا، أسمى أمانيه الموت في سبيل الله، وبين فريق لا يعرف من هذه المعاني شيئا، أسمى أمانيه العودة إلى الأهل والمال والولد، شتان بين فريق يقف فيه الجميع صفا واحدا كصفوف الصلاة، الغني بجوار الفقير، والكبير بجوار الصغير، والحاكم بجوار المحكوم، وبين فريق يمتلك فيه الناس بعضهم بعضا ويستعبد بعضهم بعضا، فهذا فريق يقوده رجل يجمع بين التقوى والحكمة، وبين الرحمة والقوة، وبين العزة والتواضع، وذاك فريق يقوده متسلط مغرور، يعيش مترفا مُنعّما بينما شعبه يعيش في بؤس وشقاء وقد ألهب ظهره بالسياط، هذا جيش توزع عليه أربعة أخماس الغنائم بعد الانتصار، وذاك جيش لا ينال شيئا، وإنما يذهب كله إلى الحاكم المتسلط المغرور وكأنما حارب وحده، هذا فريق ينصره الله ويؤيده ربه خالق الكون ومالك الملك سبحانه وتعالى، وذاك فريق يحارب الله ربه ويتطاول على قانونه وعلى شرعه سبحانه وتعالى، وبإيجاز فهذا فريق الآخرة وذاك فريق الدنيا، فعلى من تكون الشفقة إذن؟!

 على من تكون الشفقة وقد قال سبحانه وتعالى: "كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ" (المجادلة:21) .

 على من تكون الشفقة وقد قال سبحانه وتعالى: "وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى المُؤْمِنِينَ سَبِيلًا" (النساء:141) . فالمعركة إذن باتت وكأنها محسومة قبلا.

هكذا وفي شهرمضان بدأت معركة وادي برباط الغير متكافئة ظاهريا والمحسومة بالمنطق الرباني، بدأت في شهر الصيام والقرآن، الشهر الذي ارتبط اسمه بالمعارك والفتوحات والانتصارات، ولكن وللأسف تحول هذا الشهر الآن إلى موعد مع الزمن لإنتاج أحدث المسلسلات والأفلام وغيرها، تحول إلى نوم بالنهار وسهر بالليل لا للقرآن أو للقيام، ولكن لمتابعة أو ملاحقة المعروضات الجديدة على الفضائيات وغير الفضائيات، تحول إلى شهر المراوغة من العمل، وقد كان المسلمون ينتظرونه للقيام بأشق الأعمال وأكدّها، تحول إلى شهر الضيق وافتعال المضايقات، وهو شهر الصبر والجهاد وتهذيب للنفس، ففي هذا الشهر الكريم وقبل العيد بيوم أويومين - وهكذا كانت أعياد المسلمين - وعلى مدى ثمانية أيام متصلة دارت رحى الحرب، وبدأ القتال الضاري الشرس بين المسلمين والنصارى، أمواج من النصارى تنهمر على المسلمين، والمسلمون صابرون صامدون  "رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا" (الأحزاب:23)

وعلى هذا الحال ظل الوضع طيلة ثمانية أيام متصلة انتهت بنصر مؤزّر للمسلمين بعد أن علم الله صبرهم وصدق إيمانهم، وقتل لوذريق ذلك الحاكم المتكبر المغرور ، وفي رواية أنه فر إلى الشمال، لكنه اختفى ذكره إلى الأبد، وقد تمخض عن هذه المعركة عدة نتائج كان أهمها:

أن الأندلس طوت صفحة من صفحات الظلم والجهل والاستبداد، وبدأت صفحة جديدة من صفحات الرقي والنهضة بفضل حكمها بالإسلام .

كما أن المسلمين غنموا غنائم عظيمة كان أهمها الخيول، فأصبحوا خيّالة بعد أن كانوا رجّالة.

وأخيراً بدأ المسلمون المعركة وعددهم اثنا عشر ألفا، وانتهت المعركة وعددهم تسعة آلاف، فكانت الحصيلة ثلاثة آلاف شهيد رووا بدمائهم الغالية أرض الأندلس، فأوصلوا هذا الدين إلى الناس، فجزاهم الله عن الإسلام خير

نكتفي بهذا القدر لهذا اليوم ، ونعود وإياكم الأسبوع القادم إن شاء الله ، ونتابع سلسلة الأندلس ولنرى ماذا كان بعد الفتح ، فانتظرونا الأسبوع القادم ، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

 مسلمه

 

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع