السبت، 21 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

الأزمات الإقتصادية العالمية- ح7

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مستمعينا الكرام مستمعي إذاعة المكتب الإعلامي لحزب التحرير السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

   نتابع معكم مستمعينا الكرام في هذه الحلقة إن شاء الله مزيدا من الأمور التي انبثقت من النظام الرأسمالي والتي أدت إلى إخفاق النظام الرأسمالي في معالجة الأزمات الاقتصادية وقد تحدثنا في الحلقة السابقة عن الأمر الأول وهو  الاستغناء عن نظام النقد المعدني، الذهب والفضة.

 أما الأمر الثاني: فهو شركات الأموال الضخمة، التي تسمح بتجميع الأموال بشكل يوازي في كثير من الحالات ميزانيات الدول، مما يؤهلها لإقامة المصانع الضخمة التي لا يمكن أن يتوفر مثلها للأفراد، وهذه الشركات هي الشركات المساهمة وهي شركات أموال فقط، لا يكون للبدن فيها أي دور، وببساطة فإنك إن سألت أيا كان من هو بنك كذا؟ اومن هي مصفاة البترول؟ أو من هو مصنع الإسمنت؟ أو من هي شركة الكهرباء؟ ستكون الإجابة على ذلك غير واضحة أو دقيقة، فالبعض يقول شركة الكهرباء مؤسسة كبيرة، أو شركة مشهورة، فإن سألت من أصحابها؟ فلن تحصل على إجابة واضحة، لأنها ليست شخصية طبيعية او حقيقية، لأن جميع من يعمل بها تجد أنه موظف، من المدير العام وحتى المراسل، ولكن موظف عند من؟! عند شركة الكهرباء، وهكذا تعاد الأسئلة دون الوصول إلى معرفة أصحابها الحقيقيون، وربما يقول لك البعض هذه الشركة لفلان، ربما لأن فلان هو الذي يملك نسبة كبيرة من أسهمها، وشغل منصب رئيس مجلس الإدارة فيها، وربما البعض يستغرب من هذه المقدمة والتساؤلات عن هذه الشركات، لكني قصدت أن أبسط شرحها لعامة الناس وليس للمختصين فقط، كي يدركوا واقعها ويتصرفوا بناءً على ذلك. وسأبدأ بمثال بسيط جدا عن كيفية تأسيسها وعملها، ولنفترض أن الأردن يستهلك من مادة الإسمنت 100 طن يوميا، فإن بعض المتنفذين يعرض على بعض أصحاب الأموال أو العكس فكرة إنشاء مصنع لهذه المادة، وتتم الدراسة لهذا المشروع، فيتبين أن هذا يكلف 10ملايين دينار، فيقوم هؤلاء الأشخاص وعددهم عشرة بالعمل على تأسيس شركة يكون لكل واحد منهم 300ألف سهم، فيجمعون 3 ملايين دينار ويقومون بطرح باقي الأسهم للإكتتاب العام، فيتم جمع7ملايين دينار من الناس، وتبدأ الشركة بانتخاب أعضاء مجلس الإدارة، ويكون لكل سهم صوت، وسيفوز بالعضوية المؤسسين العشرة لأنه لا يستطيع أحد أن ينافسهم بعدد الأصوات، ثم ينتخبون رئيسا لمجلس الإدارة منهم، ثم يضعون الأنظمة والقوانين الخاصة بهذه الشركة، والتي لا تتعارض مع قانون الشركات العام، ومن ضمنها رواتب رئيس مجلس الإدارة والأعضاء، وغالبا تكون الرواتب عالية جدا إذا ما أضيفت إلى نفقاتهم وسفراتهم واجتماعاتهم  وغير ذلك وكلها مدفوعة الأجر، ولنفترض أنها تصل في حدها الأدنى 15ألف دينار شهريا للعضو، ويتم تعيين المدير العام والمدراء الآخرين للإنتاج والتسويق والمحاسبة وشؤون الموظفين وغيرهم، وربما يكونون منهم إن كانوا يحملون شهادات تؤهلهم لذلك، أو من أقربائهم (أولادهم أو زوجاتهم أو إخوانهم....)، وبذلك يستطيعون استرداد ما دفعوه في فترة وجيزة لا تتجاوز ال20 شهرا، وهي مدة لا يحكم فيها على المشروع بالنجاح أو الفشل، وبعدها إذا فشل المشروع يكونون قد أخذوا ما دفعوه وزيادة، ويتقاسمون موجودات الشركة بعد إعلان إفلاسها مع الآخرين، وإذا نجحت يقومون بعد فترة بتوزيع أسهم مجانية على المساهمين بنسبة عدد الأسهم، وليكن 50% فيصبح لكل واحد منهم 450 ألف سهم، ونتيجة نجاح هذه الشركة، ترتفع قيمة الأسهم في السوق المالي ربما عشرة أضعاف، فيبيع بعضهم 150 ألف سهم من حصته بمبلغ مليون ونصف، ويبدأون بعمل مشروع آخر وهكذا، أما عن توزيع الأرباح على المساهمين فإنها تتم بخبث شديد، فبعد توزيع المكافآت على أعضاء مجلس الإدارة والمديرين، لأنهم تسببوا بتحقيق هذه الأرباح حسب ادعائهم وحسب الظاهر!! وبعد خصم النفقات الخاصة بمكاتبهم الفخمة وسياراتهم الفارهة وربما طائراتهم، يبقون نسبة قليلة لتوزيعها على باقي المساهمين ربما لا تتجاوز 6 أو 10 %، أي أن من يملك عشرة آلاف سهم لا يحقق (أرباحا) سوى 600 أو 1000 دينارا سنويا، وقس على ذلك جميع الشركات مع مضاعفة الأرقام للشركات الكبرى، فبدل أن يكون رأسمال الشركة عشرة ملايين يكون 100 مليون، أو مليار أو عشرة مليارات أو مائة مليار أو تريليون وهكذا، نتيجة عمليات الاندماج بين الشركات، ويبقى المؤسسون ورئيس مجلس الإدارة والمدير العام إن كان منهم، هم المسيطرون والمتحكمون في قرارات الشركة، وهذا ما يجعل المال كله يتكدس لدى فئة قليلة من الناس، أما باقي الناس فهم إما مساهمون بمدخراتهم أو موظفون لدى هذه الشركات، وفي كلتا الحالتين لا ينابهم إلا القليل القليل من أرباح هذه الشركات الضخمة، وبذلك يكون النظام الاقتصادي الرأسمالي بسماحه لمثل هذه النوع من الشركات قد أوجد ما تستطيع أن تطلق عليهم الحيتان البشرية الضخمة التي تلتهم كل شيء في طريقها من السمك الصغير والكبير وغيرهما، وساهم بالسماح لوجود أرضية خصبة لتنامي الأزمات المالية بشكل يصبح هذا النظام هو السبب الرئيس في وجود مثل هذه الأزمات، وبالتالي فإن هذا النظام سيكون عاجزا عن إيجاد حلول جذرية لمثل هذه الأزمات.

 

   نتابع معكم مستمعينا الكرام في الحلقة القادمة إن شاء الله مزيدا من الأمور التي انبثقت من النظام الرأسمالي والتي أدت إلى إخفاق النظام الرأسمالي في معالجة الأزمات الاقتصادية.

 

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

أحمد أبو قدوم

 

وسائط

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع