الإثنين، 21 جمادى الثانية 1446هـ| 2024/12/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • 3 تعليقات
الكلمة الأولى في مؤتمر: الشباب المسلم... روّاد التغيير الحقيقي التحديات العالمية للهوية الإسلامية للشباب المسلم

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

الكلمة الأولى في مؤتمر: الشباب المسلم... روّاد التغيير الحقيقي

 

التحديات العالمية للهوية الإسلامية للشباب المسلم

 

(مترجم)


أيتها الأخوات: يقول الله سبحانه وتعالى في سورة الأنبياء: ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ﴾.


يخبرنا الله سبحانه في هذه الآية أنه سيكون هناك صراعٌ بين الحق والباطل منذ البداية وحتى نهاية الكون. واليوم أيتها الأخوات، لا يوجد أدنى شك في أن هناك صراعًا فكريًا تشنّه الحكومات والمنظمات الغربية العلمانية العالمية وتدعمها الأنظمة غير الإسلامية في العالم الإسلامي ضد الإسلام. أحد أبرز الأهداف في هذا الصراع هو كسب الشباب المسلم إلى نمط الحياة الليبرالي ونظامه، وكان هذا واضحًا جدًا وبألفاظ صريحة في رسالة كتبت عام 2004 من قبل السير أندرو تيرنبول، سكرتير الحكومة السابق في مكتب الكومنولث البريطاني الخارجي، حيث دعا إلى مخطط لكسب "قلوب وعقول" الشباب المسلم. هدف هذه الأجندة بسيط جداً وهو منع عودة الإسلام عالميًا وعدم إقامة نظام سياسي إسلامي في العالم الإسلامي الذي سوف يؤدي إلى تحدي السيطرة ويهدد المصالح السياسية والاقتصادية للحكومات الغربية عالميًا.


تحدث الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يوم 2016/03/27 إلى طلاب في الجامعة الأردنية بعمان وقال الآتي: "في العشر سنوات التي قضيتها كأمين عام للأمم المتحدة جعلت من التعاون مع الشباب أولوية أساسية في نظام الأمم المتحدة. توجه أعداد غير مسبوقة من البرامج والمبادرات للأمم المتحدة نحو الشباب الرجال والنساء. إن الشباب ليسوا فقط قادة الغد، إنهم قادة اليوم. وأنتم جزء من أكبر جيل من الشباب في التاريخ. في العديد من الدول الغربية متوسط الأعمار هو فوق ال 40 سنة. ولكن في العالم العربي متوسط الأعمار هو دون الثلاثين. هنا في الأردن متوسط الأعمار هو 22 سنة. وهذا ما يعرف ديموغرافيًا بانتفاخ الشباب".


والواقع أن 60% من الشعوب العربية لوحدها فيها 200 مليون شاب تحت الخامسة والعشرين من العمر. هذا العدد الضخم من الشباب المسلم الذي يمثل الطاقة والحيوية ومستقبل الأمة إلى جانب التعلق المتزايد للشباب المسلم بالإسلام، في الشرق والغرب، قد جعل الأهداف الرئيسية للحكومات العلمانية والمؤسسات ابتكار استراتيجية مكثفة تهدف إلى تشكيل أفكار الشباب المسلم ونمط حياتهم، وطموحاتهم وولاءاتهم بناءً على الأفكار الغربية وإقصائهم عن دينهم.


نشرت مؤسسة راند الفكرية العالمية التي تمولها الحكومة الأمريكية عام 2004 تقريرًا بعنوان "كيف يستطيع الغرب الترويج للإصلاح الإسلامي". واقترحت المؤسسة أن "المعتدلين" الذين يدعمون إصلاح الإسلام حسب الخطوط الغربية الليبرالية يجب أن يشجعوا على الكتابة للشباب ويجب تقديم آرائهم في المناهج الدراسية للتعليم الإسلامي، وقالت إن العلمانية يجب أن تكون خيارًا ثقافيًا بديلاً للشباب المسلم الساخط، ويجب نشر تاريخهم وحضارتهم السابقة غير الإسلامية في الإعلام ومناهج الدول ذات العلاقة، وروجت إلى إيصال رسائل إلى الشباب ضد من ينادون بالحكم والقانون الإسلامي. مؤسسة راند المرتبطة بشبكة أطلس تتألف من 400 منظمة مختلفة في نحو 80 دولة!! من السهل رؤية كم من ملايين الشباب المسلم تستطيع فقط منظمة واحدة أن تصلهم. حقيقةً، إن تأثيرها ومداها واسع للغاية ومتنوع لدرجة أن العديد منا أو من أطفالنا على الأغلب قد اتصلوا ببرامجها بدون علمهم أو علمنا.


خلال العقد الماضي أو يزيد، اتبعت المؤسسات والحكومات الغربية استراتيجية تجاه الشباب المسلم بحسب توصيات مؤسسة راند. منظمة اليونيسكو، على سبيل المثال، التابعة للأمم المتحدة المؤلفة من 195 دولة والتي تروج على التعاون بين الأمم من خلال التعليم والثقافة، بدأت بمبادرة عالمية العام الماضي لاستغلال الشباب لمحاربة ما يسمى برسائل "التطرف" على الإنترنت. في تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي أيضًا استضافت مع وزراء الخارجية الأمريكية حدثًا عالي المستوى حث وزراء التعليم للدول الأعضاء في المنظمة لاستغلال التعليم في الاستراتيجيات الوطنية لمواجهة أسباب التطرف عند الشباب. ومن المثير للاهتمام ما قالته إيرينا بوكوفا، المديرة العامة لليونيسكو عندما تحدثت عن هذه الخطة "أحد أكبر أدوارنا في الواقع، هو تحويل المجتمعات...، تحويل المجتمعات إلى أي شيء لك أن تسأل. حسنًا". جوليان هاكسلي، أول رئيس لليونيسكو قال "إن مهمة اليونيسكو... هي مساعدة نشوء ثقافة واحدة مع وجهة نظر وخلفية خاصة بها من الأفكار ولها هدف عريض خاص بها".


هذه الثقافة الواحدة أيتها الأخوات هي مبنية على الأفكار الغربية العلمانية؛ معتقدات مثل تمتع الأفراد بالحرية الجنسية، ومعتقدات ديمقراطية في أن للإنسان تشريع القوانين وليس الله هو الذي يضع سياسة الدول، وأن للرجل والمرأة نفس الحقوق والواجبات بحسب المساواة بين الجنسين، ومعتقدات في أنه ليس للدين علاقة بشؤون المجتمع أو الدولة، وأن الولاء للدولة وليس للدين. لقد أعلنت اليونيسكو عام 2011، في أعقاب الربيع العربي عن خارطة طريق لدعم مستقبل علماني ديمقراطي لدول المنطقة، واستغلال الشباب العرب كلاعب أساسي لهذه الخطة. وشملت أعمالها: توفير التمرين في التعليم "مع التركيز على فكرة إقامة كتلة قوية لزرع الثقافة الديمقراطية" في المجتمعات.


هذه الأجندة لعلمنة الشباب المسلم من الممكن رؤيتها أيضًا في سياسات وأعمال الحكومات الغربية.


ففي بريطانيا على سبيل المثال، قدمت الحكومة في تموز/يوليو الماضي قانون مكافحة الإرهاب والأمن الذي يجبر بحسب القانون المدرسين والأطباء والأخصائيين الاجتماعيين والسلطات المحلية وحتى دور الحضانة على مراقبة الأطفال المسلمين من أي إشارة لما يسمى "بالتطرف غير العنيف"، وإذا ما احتاج الأمر تحويلهم إلى "قنوات" برامج الحكومة لمكافحة التطرف. ويواجه الآباء الذين يتهمون بزرع الأفكار الإسلامية الموصوفة بالتطرف، يواجهون خطر أخذ أطفالهم منهم ووضعهم تحت وصاية الدولة.


هذا القانون، الذي يعتبر ثمرة عقدٍ من استراتيجية الحكومة البريطانية لمكافحة التطرف – PREVENT (المنع)، قد أجبر جميع من يعملون مع الأطفال المسلمين على النظر إليهم على أنهم إرهابيون محتملون أو أنهم في طريقهم إلى الإجرام.


إنها استراتيجية شوهت جوهر المعتقدات والشعائر الإسلامية للأطفال المسلمين والجالية الإسلامية بشكل عام بما يسمى "بالتطرف". وبحسب أرقام رسمية نشرها المجلس العام للشرطة الوطنية، فإن نصف الذين تحولوا إلى "برامج القنوات" وبلغ عددهم 4000 منذ 2012، كانوا يبلغون أقل من 18 عام. 1500 منهم تتراوح أعمارهم ما بين 11-15 عاماً، و400 دون سن العاشرة من العمر وأصغرهم بلغ من العمر ثلاث سنوات.


أما أسباب الاشتباه والشكوك فكانت الطلب من الأطفال الصلاة أو الصيام في المدرسة، أو عدم إرادة حضور درس الموسيقى أو الاختلاط مع الجنس الآخر، أو لبس عصبة "الحرية لفلسطين"، أو لباس الإناث للزي الإسلامي الشرعي أو حتى قول الحمد لله!! وقد تم التحقيق مع أحد أطفال المدرسة لأنه أحضر إلى المدرسة منشوراً لمقاطعة "كيان يهود"، وآخر لأنه تحدث عن تاريخ الحضارة الإسلامية العظيمة في مشروع مدرسي وتم وصفه بامتلاك آراء متطرفة. وأعطيت التعليمات أيضًا إلى الجامعات باجتثاث الأفكار "المتطرفة" من حرم الجامعات. وحتى الحكومة نفسها قد أوضحت ما تعنيه بالتطرف؛ حيث شمل المعارضة العلنية للسياسة الغربية الخارجية في العالم الإسلامي، ورفض الديمقراطية الغربية والقيم الليبرالية، ورفض الشذوذ الجنسي والمساواة بين الجنسين، وتطبيق القوانين الإسلامية الاجتماعية مثل التفريق بين الجنسين أو لبس الزي الشرعي، أو تأييد مفهوم الأمة العالمية أو الشريعة أو الخلافة.


قامت دول علمانية أخرى بممارسة هذه المراقبة المتطرفة واستهداف المعتقدات الإسلامية للشباب المسلم؛ من خلال علمنة مناهج التعليم، وتجريم الشباب الذين يدعون إلى الإسلام، والتدخل السافر في التعاليم الإسلامية للمدارس الإسلامية الدينية بذريعة أنها بيئة مناسبة للإرهاب. وأعلن الإعلام في باكستان في شهر كانون الثاني/يناير أن حكومة البنجاب قد حظرت الدعوة إلى الإسلام في حرم الجامعة. هذا الإجراء هو جزء من خطة الحكومة الوطنية للعمل التي منعت التعبير عن الإسلام في الإعلام، وفي وسائل التواصل والوسط السياسي، واصفةً إياه بـ"خطاب كراهية" أو "تطرف". كما وأغلقت أكثر من 18 مدرسة إسلامية في البلاد، وجُرّمت الدعوة إلى تطبيق الإسلام، مما أدى إلى اعتقال الآلاف من العلماء المخلصين، والطلاب والخريجين والمدرسين وغيرهم من المسلمين في البلاد. سارت بنغلادش على النهج نفسه في الاعتقال والاختطاف وحتى التعذيب لعدد لا يحصى من الطلاب والخريجين الداعين إلى الإسلام في البلاد، بمن فيهم اثنتان من الأخوات المسلمات اللتان تعرضتا للتعذيب بسبب توزيعهن لمنشورات تدعو إلى مؤتمر على الإنترنت حول قدرة الإسلام حل مشاكل البلاد السياسية والاقتصادية. وطردت جامعة دكا في كانون الثاني/يناير من هذا العام 7 طلاب بسبب دعوتهم إلى الإسلام، بالإضافة لهذا فقد أجبرت حكومة حسينة التعسفية العلمانية المجلس الوطني للتعليم على حذف نصوص تتعلق بالإسلام واستبدال كتابات حول الطقوس والمعتقدات الهندوسية بها.


من بين 193 كتاباً يدرس من الصف الأول إلى الصف العاشر هناك 137 كتاباً يتحدث عن الوثنية والميل الإلحادي. وفي طاجيكستان، أيتها الأخوات، يناقش البرلمان حظر الأسماء الإسلامية للمولودين الجدد لمكافحة الارتباط المتزايد للشعب المسلم وأطفالهم بدينهم. سبحان الله!!.


إلى جانب هذا أيتها الأخوات، تقوم الحكومات غير الإسلامية في بلدان العالم الإسلامي بالترويج، بشكل مكثف للإعلام الغربي العلماني الليبرالي الذي يدعو إلى نشر الأفكار غير الأخلاقية والوضيعة وأنماط الحياة الغربية بين صفوف الشباب المسلم، ويعمل جاهدًا لجعل الشباب مهووسين بثقافة التسلية والأفلام والممثلين، بالإضافة إلى مهاجمة أفكار الإسلام وربطها بالعنف والوحشية. ففي إندونيسيا، على سبيل المثال، كانت هناك أجندة إعلامية مكثفة على مدار العام الماضي للترويج للأفكار الليبرالية مثل الشذوذ الجنسي بين صفوف الشباب، وتحقير أحكام الشريعة الإسلامية.


الأخوات الكريمات... يتضح من كل هذا أن هناك أجندة عالمية مكثفة لجعل شبابنا يعتنقون الهوية الليبرالية العلمانية ويصبحوا سفراء لنمط الحياة الغربية ونظامها. وأيضًا جعلهم يرفضون الأفكار السياسية والاجتماعية الأساسية وترك الممارسات الإسلامية الأساسية من خلال ربطها بالتطرف وإيجاد جيل مسلم للمستقبل يُرهب على الصمت، خائف جدًا من التحدث عن أمته أو دينه. ويهدف الغرب أيضًا إلى جعل الشباب يتقبلون نسخة علمانية منقحة عن الإسلام "المعتدل" وينظرون إلى معتقداتهم على أنها بالية وغير متصلة بالواقع وأن دينهم ظالم وقمعي ويجب ألا يتدخل في شؤون الحياة العصرية.


ومع هذا أيتها الأخوات، فإننا كأمة، نتحمل المسؤولية على أزمة الهوية التي يتعرض لها الشباب اليوم. لأننا عندما رضينا بفهمنا للإسلام والقيام ببعض الشعائر الإسلامية وهجرنا تطبيق الإسلام بأحكامه ونظامه - الخلافة - في بلادنا، هذا الامر سمح للأفكار غير الإسلامية - التقليدية والليبرالية - بالدخول إلى بيوتنا ومجتمعاتنا. إن مفاهيم المحاسبة من الله سبحانه وتعالى، والاحتشام في اللباس والاعتدال في الكلام والعمل للآخرة وليس للدنيا، قانون ثابت أخلاقي من عند الله سبحانه وفهم صحيح للحلول الإسلامية لمشاكل الحياة، جميع ما ذكر أصبح ضعيفًا ومشوشًا في مجتمعاتنا وبلادنا. وقد أدى هذا إلى إعجاب أبنائنا ونظرهم إلى الثقافة الليبرالية المسيطرة ونظامها المحيط بهم وبحثهم عن حلول لمشاكلهم وكيف يشكلون حياتهم. البعض منهم ذهب أيضًا إلى النظر إلى الإسلام على أنه مجرد طقوس دينية وقوانين ولا يوجد علاقة بينه وبين حياتهم، وذهب قسم آخر للرفض أو التشكيك بمعتقداتهم الإسلامية، الأمر الذي أفضى إلى تخليهم عنه. لذا فإن أبناءنا قد أصيبوا بنفس الرذائل والمشاكل الموجودة في الغرب. ففي تركيا على سبيل المثال، من بين 220.000 شخص خضعوا للعلاج بسبب مشاكل الإدمان على الكحول والمخدرات عام 2013، أكثر من 60% منهم كانوا ما بين 15-17 سنة، وتقريبًا ربعهم تراوحت أعمارهم ما بين 12-14 عام. والعديد من شبابنا قد فقدوا الاتصال بمشاكل مجتمعهم وأمتهم ومن واجبهم إيجاد حلول لقضايا دينهم.


الأخوات الكريمات... إن مواجهة أزمة الهوية لدى شبابنا وفهم كيفية تهيئتهم للتعامل مع التحديات الصعبة التي يواجهونها ضد دينهم وأخذ الدور الحقيقي لهم وهو كونهم أوصياء على هذا الدين وطليعته، هو أحد الأمور الحيوية لنا كأمة في هذه الأيام. يجب أن نتقبل كافة الجهود من أجل فهمه وحله بوضوح كامل وسرعة متناهية لكيلا نفقد الجيل القادم لديننا، بالإضافة إلى الآخرة لأنفسنا ولأبنائنا.


يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ [التحريم: 6]

 

عمرانة محمد - عضو المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
و
د. نسرين نواز - مديرة القسم النسائي للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

 

 

 

3 تعليقات

  • khadija
    khadija السبت، 07 أيار/مايو 2016م 21:57 تعليق

    بارك الله بكم . ونسأله تعالى أن يَمُنَّ علينا بقيام دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة

  • إبتهال
    إبتهال السبت، 07 أيار/مايو 2016م 15:01 تعليق

    جزاكما الله خيرا كثيرا

  • أم راية
    أم راية السبت، 07 أيار/مايو 2016م 14:30 تعليق

    جزاكم الله خيرا

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع