الخميس، 03 ربيع الأول 1446هـ| 2024/09/05م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية
  •   الموافق  
  • 1 تعليق

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

ثقافة التسطيح بين التآمر والسذاجة

 

قد نفهم ثقافة التسطيح بشكل مبسط على أنها ذاك الاهتمام بالقشور في الموضوعات والقضايا الكبيرة، أو النظر إلى الأمور بنظرة سطحية وترك اللب أو الغوص في الأعماق، وهذه ثقافة يقوم عليها كثيرون ويؤكدون عليها ويحرصون أشد الحرص على تعزيزها؛ إما لأنهم متآمرون على الشعوب بغية صرف الأنظار عن جوهر القضايا وغاياتها، أو لكِبْر تَملّكهم فأعماهم عن الحق أو لجهل منهم أو لشعورهم بالعجز والضعف أمام أهوائهم ورغباتهم.

 

لقد راجت هذه الثقافة قديماً وانتشرت في مجتمعات القمع والإرهاب أو التصفيق والتطبيل، قام على نشرها والتأكيد عليها زعماء وحكام وجبابرة البشر، وأرادوا من نشر ثقافة التسطيح تلك، تغييب الوعي العام عن عظائم الأمور والقضايا المهمة.

 

إن أصحاب ثقافة التسطيح عندما يقومون بتسليط الأضواء على سفاسف الأمور خاصة إذا كان بعمد وتقصد، هم بذلك يخدمون أجندة التصفيق للباطل وخدمة المؤامرات وتمرير الخداع على الناس، فيظهرون بين الناس بصورة الحريص على المجتمع أو أنهم يملكون الحقيقة دون غيرهم أو أنهم يتقمصون دور المفكرين البارزين، الأمر الذي يضر بالحقيقة ويعمل على تشتيت التركيز على موطن المشكلة الأساسية، فيكونون بذلك عناصر هدم لا بناء.

 

إن حال من يقومون على هذه الثقافة التسطيحية سواء بقصد أو بغير قصد - وكلاهما طامة -، يلحقون الضرر البليغ بالناس، وهم في أحسن أحوالهم كحال النعامة في مثلها الشائع، حيث تدس النعامة رأسها في التراب عندما تستشعر الأخطار قادمة، لكن لسوء تقديرها في كيفية تجنب تلك الأخطار وتفاديها، تترك جسدها مكشوفا وهدفا لكل من أراد افتراسها أو اقتناصها هي وما تبعها من العجماوات.

 

أو قل إن حالهم في تزييفهم للحق وعجزهم عن مواجهة أهل الباطل والتزلف لهم وتشتيت أنظار المجتمع عن مكمن الخطورة، كمثل حال من ورد ذكره في المثل الشعبي السائد، حيث ذلك الرجل الذي يريد أن يثبت لنفسه وللناس ولقادته أنه البطل المغوار القادر على صد الأخطار ويظهر بمظهر المخلّص فيزبد ويرعد ويهدد، وإذا به في الأخير يتجه نحو برذعة الحمار الملقاة على الأرض فيمتطيها ويترك الحمار ويُخيّل إلى نفسه أنه أصبح فارس القبيلة الذائد عن عرضها!

 

إن هؤلاء في الفتك بالناس والمجتمع، ورؤوس الظلم والمكر والتآمر سواء، ولا يقلون عنهم خطورة.

 

إن سبيل الخروج من هذه الثقافة السائدة وإنقاذ الناس من مروجيها، لا يكون إلا بحثّ الناس على اتخاذ النظرة الواعية والعميقة سجيةً في قراءة الأحداث والوقوف على دقائقها وخفاياها، والتمرس على إدامة التفكير بعمق لمعرفة من يقف وراء الأحداث خلف الستار، والتفكير في أهداف الأحداث بعد سبر أغوار الأحداث نفسها وملابساتها.

 

فقد روي عن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما أن النبي e قال: «إنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّ مَعاليَ الأُمورِ، وأَشرافَها، ويَكرَهُ سَفْسافَها». رواه الطبراني في الكبير

 

كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد العزيز محمد

 

وسائط

1 تعليق

  • Mouna belhaj
    Mouna belhaj الأحد، 24 شباط/فبراير 2019م 00:45 تعليق

    ما شاء الله،بارك الله فيكم أستاذنا على هذا المقال المميز،زاد الله في علمكم ونفع بكم

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع