- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
كيف تعامل نظام السيسي مع أزمة فيروس كورونا؟
أكد السيسي، الأحد، 22 آذار/مارس، أن حكومة بلاده تعاملت بشفافية مع أعداد المصابين بفيروس كورونا المستجد على أرضها وطالب المصريين بالالتزام لمدة أسبوعين بهدف الحد من انتشار الجائحة. ففي الكلمة التي ألقاها السيسي أمام عدد من السيدات المصريات بمناسبة عيد الأم، لم يتطرق بشكل مفصل لمعاناة الناس وحالة الذعر التي أصابتهم جراء انتشار فيروس كورونا، وكان الواضح في كلمته التركيز على المشكلة الاقتصادية التي يعاني منها كبار رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال، حيث قال إن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة شملت تخصيص مبلغ 20 مليار جنيه من البنك المركزي لدعم البورصة المصرية، واستمرار تشغيل الفنادق وتمويل مصاريفها الجارية بمبلغ يصل إلى 50 مليار جنيه مع تخفيض تكلفة القروض لتلك المبادرة بنسبة 8%.
في كل دول العالم التي تعاني من تداعيات فيروس كورونا خرج رؤساء تلك الدول وخاطبوا شعوبهم بخططهم لمواجهة هذا الفيروس وما هو المطلوب منهم، بينما ظل السيسي مختفيا تماما، ليخرج على الناس يوم الأحد ويتكلم عن الموضوع بشكل هامشي بمناسبة عيد الأم، وعندما تحدث عن الإجراءات التي اتخذتها الدولة لم يوضح ما هي هذه الإجراءات، كما لم يبين قدرة المستشفيات على مواجهة هذه الأزمة، وما عدد الأسرّة المتوفرة وما عدد أجهزة الإنعاش، وما عدد الأجهزة المتوفرة للكشف عن الفيروس، وكم نحتاج بالفعل، وما هي المدة التي يمكن الحصول فيها على نتيجة الكشف، وهل هناك خطة تصنيعية للدولة لمضاعفة قدرات الدولة لمواجهة هكذا وباء؟!
لقد أصيب الناس بحالة من الصدمة، عندما تحدثت مواقع إخبارية عن شحنة مليون كمامة ومستلزمات طبية، التي قدمتها الحكومة كمعونة لإيطاليا لمواجهة كورونا، في حين تعاني المستشفيات المصرية من عدم توفر تلك الكمامات بأعداد مناسبة، وعدم توفرها في الصيدليات، وقد بلغ سعر العلبة الواحدة 300 جنيه، مما يشكل عبئا ثقيلاً على الطبقة الفقيرة التي لا تستطيع الحصول على حاجاتها الأساسية من السلع والخدمات. بل أكثر من ذلك تطالب الدولة الناس الفقراء بالتبرع للدولة، في حين تقوم الدولة (الفقيرة جدا) بالتصدق على دول أخرى اقتصادها أقوى منها بمراحل!
كانت صحيفة روز اليوسف قد كشفت في مقال في كانون الثاني/يناير الماضي أن المركز القومي للبحوث، وهو أكبر مراكز الأبحاث في مصر، قد نجح في إيجاد علاج مصري للسيطرة على كورونا القاتل، وأظهر البحث أن العلاج المصري أثبت نجاحا في السيطرة على كورونا، من نوع coronavirus NL63، وقد تبين أن المشرف على مشروع الدواء الذي أعلنت صحيفة روز اليوسف فعاليته، والذي يعدّ من الأدوية المستخدمة في علاج فيروس سي ويدخل في بعض علاجات السرطانات منذ عام 2014م، هو الدكتور المعتقل في سجون السيسي وليد مرسي السنوسي.
لقد حاول السيسي في كلمته تلك إلقاء المسؤولية على الشعب ومنظمات المجتمع المدني في حال تفاقم الأزمة وخروجها عن السيطرة، دون أن يقدم للناس خطة متكاملة لمواجهة الفيروس، وبرغم حديثه عن دور الإعلام في توعية الناس على مخاطر هذا الوباء، إلا أن واقع الإعلام يظهر مدى انحطاطه، حيث كل كلمة تخرج من أفواه إعلاميي السلطة تخرج بحساب ووفق خطة ممنهجة، بقصد تسفيه وتسطيح عقل المشاهد؛ ففي أحد البرامج التلفزيونية يدعي أحد الدكاترة أنه لا خوف من التزاحم المروري في المترو، فالمترو عندما يدخل المحطة تتولد شحنة كهربائية تقضي على الفيروس تماما حسب زعمه!! وفي برنامج آخر تمنّ إحدى المذيعات على الشعب أن الحكومة تصرف لهم الشاي على بطاقات التموين، وأن شرب هذا الشاي ساخنا يقضي على الفيروس تماما!! هذا هو مستوى الإعلام والإعلاميين في مصر، فعن أي إعلام يتحدث السيسي؟!
حاول السيسي في كلمته تلك كعادته بإلقاء اللوم على معارضي نظامه القمعي، واعتبرهم حفنة من المشككين الذين لا همّ لهم سوى التشكيك في إنجازاته على مدار سنوات حكمه، بل على مدار ثمانين سنة، مما تسبب في حالة عدم ثقة في النظام لدى الناس، ليؤكد أن نظامه يتمتع بشفافية لا يتمتع بها أي نظام آخر في العالم!
من المؤكد فعلا أن الناس لا يثقون بالنظام، وهذا منبعه إحساس الناس بالظلم من ممارسات النظام التي لا تصب في صالح البسطاء، بل تهتم بمصالح الأغنياء وأصحاب السلطة والنفوذ. ألم يفقد الناس الثقة بالنظام عندما تحدث بكل فخر عن جهاز (الكفتة) الذي يعالج فيروس سي والإيدز، فإذا هي كذبة كبيرة من مدعٍ مدعوم من النظام والجيش؟! ألم يفقد الناس الثقة بالنظام الذي تحدث عن مليارات الدولارات التي ستدخل خزينة الدولة بعد افتتاح تفريعة قناة السويس الجديدة، فإذا بهم يصدمون عندما قال السيسي إنها لم تكن سوى مشروع دعائي الهدف منه رفع الروح المعنوية؟!!
وفي الوقت الذي كانت تصر فيه الحكومة على عدم وجود فيروس كورونا في مصر، كانت الكثير من دول العالم تعلن عن اكتشاف حالات إصابة بالفيروس لسياح عائدين من مصر، بل وموت بعضهم، فوفقاً لبيانات الصحة العامة وتقارير إخبارية، فإن ما لا يقل عن 97 من الرعايا الأجانب الذين زاروا مصر، منذ منتصف شباط/فبراير الماضي، تم اكتشاف إصابتهم بالفيروس عند عودتهم إلى بلادهم.
كما أن إعلان وفاة لواءات الجيش بكورونا له دلائل خطيرة، فهذا معناه أن إصابتهم كانت أول آذار/مارس، ولو اعتبرنا مدة الحضانة حوالي أسبوعين، ثم ظهور المرض وتداعياته حوالي أسبوع، فهذا يعنى أنهم أصيبوا بذلك أول آذار/مارس أو نهاية شباط/فبراير. وكانت الدولة تعلم بالتأكيد، في الوقت الذي كانت تنفي بشدة وجود حالات في مصر! مما يعني أن النظام المصري إما أنه كان يتكتم على انتشار الفيروس في مصر، أو كان في حالة سبات عميق لا يدري ما الذي يحدث في مصر!
ورغم تأكيد وزارة الصحة في البداية احتواءها للأزمة وعدم وجود داعٍ للقلق، إلا أن العديد من الدول قامت بوقف الطيران مع مصر ومنع دخول القادمين منها إلى أراضيها، مثل السعودية والكويت وعمان وقطر، في حين ظل النظام مُصراً على استمرار حركة الطيران من وإلى مصر، ولم يتخذ قرار إيقاف حركة الطيران إلا في 19 آذار/مارس. ما يعني أن الحكومة تأخرت كثيرا في الإعلان عن وجود الفيروس في مصر، كما تأخرت في اتخاذ الإجراءات الوقائية للحد من انتشاره، وكان الواجب عليها أن تتخذ إجراء مماثلا لتعليق صلاة الجماعة والجمع، بمنع التجمعات الكبيرة، وهذا ما لا نراه في المجمعات الصناعية والشركات العاملة في العاصمة الإدارية الجديدة ولا حتى في المؤتمر الصحفي الذي تكدس بالصحفيين والذي عقدته وزيرة الصحة بالاشتراك مع وزير الإعلام مؤخرا. فكيف للناس أن يصدقوا أن الحكومة جادة في إجراءاتها للحد من انتشار الفيروس، وهم يرونها متهاونة من البداية في التعامل مع هكذا وباء، ويرونها مراوغة ولا تتمتع بالشفافية والصراحة مع الناس؟!!
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
حامد عبد العزيز
#كورونا |#Covid19 # | Korona