- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
ثروة حيوانية ضخمة ونصيب الناس عظام!
أدى تدهور الوضع الاقتصادي في السودان إلى لجوء بعض موظفي وزارة المالية والاقتصاد وشؤون المستهلك بولاية الخرطوم إلى شراء العظام بالكيلو بواقع 750 جنيهاً، وأوضح بائع العظام للجريدة أنه يقوم بشراء الكيلو من اللحوم الصافية للمطاعم التي تستخدمها لإعداد الشاورما بسعر 500 جنيه، ويقوم ببيع الكيلو بـ750 جنيهاً، وذكرت مصادر للجريدة في 16 آب/أغسطس 2022م أن الموظفين يعجزون عن شراء كيلو العظام ويضطرون إلى اقتسامه!
يشغل قطاع الثروة الحيوانية المرتبة الثانية في الاقتصاد السوداني من حيث الأهمية؛ إذ يمتلك السودان أكثر من 103 مليون رأس من الماشية، وتمتلك الخرطوم وحدها أكثر من مليون رأس منها، بالإضافة إلى الثروة السمكية في المياه العذبة في الأنهار كالنيل، والبحيرات كبحيرة النوبة، والمياه المالحة كالبحر الأحمر.
يتمتع السودان بتعدد الثروات والموارد حيث يعد من أغنى الدول العربية والأفريقية بثروته الحيوانية التي يقدر حجم أعداد حيوانات الغذاء بها (أبقار - أغنام - ماعز - إبل)، بحوالي 103 مليون رأس (30 مليون رأس أبقار، 37 مليون رأس أغنام، 33 مليون رأس ماعز، 3 ملايين رأس من الإبل)، إضافة إلى 4 ملايين رأس من الفصيلة الخيلية، و45 مليوناً من الدواجن، وثروة سمكية تقدر بحوالي 100 ألف طن للمصائد الداخلية و10 آلاف طن للمصائد البحرية، إلى جانب أعداد كبيرة مقدرة من الحيوانات البرية، كما تساهم صادرات الثروة الحيوانية والسمكية ومنتجاتها في اقتصاد السودان بنسبة 20-25%، وتأتي في المرتبة الثانية من جملة صادراته، ولها مكانة مميزة في الأسواق الخليجية والعربية والصين.
أعلنت وزارة الثروة الحيوانية عن ارتفاع صادر الماشية الحية خلال العام 2021م بنسبة بلغت 30.8 بالمائة عن العام 2020م بعائد بلغ 531 مليون دولار، كما أوضح وزير الثروة الحيوانية والسمكية حافظ إبراهيم عبد النبي أن عدد صادر الماشية الحية بلغ 2.145.937 رأسا، فيما بلغ صادر اللحوم المذبوحة في العام نفسه 2021، 21 ألفاً و460 طنا و930 كيلو جراما، مقارنة بالعام 2020م الذي بلغ صادر الماشية الحية مليوناً وأربعمائة وخمسة وسبعين وثلاثمائة وتسعة عشر ألف رأس فقط 1.475.319 رأساً من الصادر الحي بحسب بيان الوزارة، فيما بلغ عائد صادر الثروة الحيوانية من كانون الثاني/يناير وحتى كانون الأول/ديسمبر 2021 ستمائة وخمسة ملايين وثلاثة وثمانين ألفاً وتسعمائة وأربعة وستين دولارا (وكالة السودان للأنباء)، ورغم كل ذلك تعرض هذا القطاع المهم إلى الكثير من الإهمال والنكبات وأصابته الكثير من العلل كغيره من القطاعات الاقتصادية الأخرى في البلاد.
إن زيادة الضرائب والرسوم، وارتفاع تكلفة الترحيل، كل هذه الأمور أدت إلى ارتفاع سعر كيلو اللحم العجالي من 60 جنيها إلى 2500، والضأن من 120 إلى 3000 جنيه والحبل على الجرار.
واستمرت عمليات الصادر حيث بلغت عائدات صادر الثروة الحيوانية والسمكية خلال الفترة من كانون الثاني/يناير حتى نيسان/أبريل من العام الحالي 2022م، 83 مليونا و752 ألفا و814 دولاراً. علي آدم المدير العام للمحاجر وصحة اللحوم بوزارة الثروة الحيوانية أوضح لـ(سونا) أن الصادرات لن تتوقف حيث بلغ صادر الماشية الحية في الشهور الأربعة الماضية من العام 2022م، 473 ألفاً و287 رأساً، منها 386 ألفاً من الضأن، وألفان و593 من الماعز، و42 ألفاً و641 من الأبقار، و42 ألفاً و40 من الإبل، بالإضافة إلى تصدير 5 آلاف طن و406 كيلوجراماً من اللحوم و398 ألفاً و199 قطعة من الجلود، فيما بلغ صادر الأسماك الطازجة 75.11 طنا، كما ارتفعت الإيرادات المحلية لتبلغ في جملتها حوالي 222 مليوناً و585 ألفاً و107 جنيه سوداني، كما تواصلت عمليات الصادر خلال الفترة الماضية دون توقف. رغم كل هذه الثروة الهائلة وهذه العائدات الضخمة فنصيب الناس عظام، وبعضهم لا يجد حتى العظام!
ورغم هذه الثروة الضخمة إلا أنه في المقابل تخلو الدولة من الصناعات والمنتجات الحيوانية من اللحوم المجمدة والجافة والألبان والأجبان والجلود وغيرها من المنتجات الحيوانية والسمكية، بل تدهورت المصانع التي كانت تعمل في ظروف بالغة التعقيد رغم قلتها، بفعل عوامل الكهرباء والضرائب والعوائد والجمارك وباتت الدولة تعتمد كلياً على المستورد من الألبان والأجبان بل اللحوم المصنعة بأنواعها، بدلاً من دعم المنتج المحلي وتشجيعه والارتقاء به.
هذه الثروة الضخمة التي يمتلكها السودان والتي تعتبر مرتكزاً مهماً للأمن الغذائي وقاعدة اقتصادية وتنموية متينة، إلا أن عدم استغلالها الاستغلال الأمثل بجانب الاضطرابات السياسية والتقلبات الاقتصادية جعلها معطلة لا يستفيد منها الإنسان الذي يقبع في فقر مدقع.
إن الموارد الحيوانية التي يزخر بها السودان تنتظر دولة مبدئية وإرادة سياسية ورؤية اقتصادية شاملة للاستفادة منها بعد التخلص من الأوضاع الأمنية والسياسية وتنشئ نظاما جديدا قادرا حقا على إصلاح المجتمع والنهوض به نهضة صحيحة يلمسها الناس ويشعرون بها، وهذا لا يملكه إلا الإسلام بنظامه الرباني العادل؛ الخلافة الراشدة على منهاج النبوة، نظام يراعي حاجات الناس جميعا ويرعى شؤونهم ويحفظ كرامتهم ولا يتربح منهم بل يكفلهم كفالة كاملة في مأكلهم وملبسهم ومسكنهم، ويوفر لهم أمانا حقيقيا لا إرهاب فيه ولا خوف، ورعاية صحية حقيقية، وتعليما صحيحا على أعلى مستوى ممكن ودون تحميلهم أية أعباء فيعيش الناس في رغد العيش.
كتبته لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
غادة عبد الجبار (أم أواب) – ولاية السودان