السبت، 21 جمادى الأولى 1446هـ| 2024/11/23م
الساعة الان: (ت.م.م)
Menu
القائمة الرئيسية
القائمة الرئيسية

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

ما ينفقه السيسي في المشروعات المسماة (قومية) أولى بها بطون الجائعين

 

أورد موقع نبض نيوز تصريحاً لخبير بالحكومة الفيدرالية الأمريكية جاء فيه: "مصر تشهد إنجازات لم أرها بأوروبا أو أمريكا"، فقد كشف الدكتور أحمد العدل، خبير التوأمة الرقمية بالحكومة الفيدرالية الأمريكية، عن تفاصيل تعاونه مع الحكومة المصرية في المشروعات القومية، قائلا "إن المشروعات القومية التي تجرى في مصر حاليا كبيرة وعظيمة للغاية"، مشيرا إلى أنه كان يتابع هذه المشروعات خلال وجوده خارج مصر، عبر وسائل التواصل، لكنه عندما شاهدها على أرض الواقع منذ شهرين، شعر بالانبهار حتى الآن.

 

وأضاف العدل، خلال لقاء عبر تطبيق سكايب، ببرنامج "من مصر"، المذاع على شاشة cbc، أن "المواطن البسيط عندما يشاهد العاصمة الإدارية الجديدة، يجد مباني وشوارع واسعة ونظيفة، لكن كشخص تقني هندسي، يراها بعيون أخرى". وتابع: أن "الإنجاز في العاصمة الإدارية من الناحية التكنولوجية أسفل الأرض وبالمباني وبالحوائط يدعو للسعادة والفخر، ما يحدث في مصر إنجازات لا أراها في أمريكا أو أوروبا، فالمشروع في أمريكا يستغرق 10 سنوات، بينما شهدت مصر في الأربع سنوات الماضية إنجازات عظيمة من ناحية الطرق والبنية التحتية الذكية ومدن جديدة بها ذكاء اصطناعي، وأجهزة جمع المعلومات في كل مكان بهدف إدارة البنية التحتية والمدن الذكية".

 

نعم إن التطور العمراني مطلوب ولكن ليس أولوية خاصة في بلد كمصر، فهناك أولويات أهم بكثير من التقدم العمراني الذي تشهده مصر، فالقضاء على الفقر المدقع الذي يعيشه أهل مصر ورعاية شؤونهم هو أولى بكثير، فالتقارير والإحصاءات الواردة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء المصري تشير إلى أن البلاد تسير بخطوات حثيثة نحو أتون الفقر، حيث بات أكثر من 30 مليون مصري تحت مستوى خط الفقر. وقد قفزت معدلات الفقر خطوات جنونية خلال العقدين الماضيين، من 16.7% عام 2000 إلى 29.7% عام 2021، وسط موجات متتالية من الوعود التي قطعها النظام على نفسه لتخدير شعبه، لعلّ أكثرها ضجيجاً تلك التي شهدتها الأعوام السبع الماضية، إذ أطلق السيسي على عام 2015، وهو العام الثاني لولايته الأولى "عام الرخاء"! إلا أنه لم يكن كذلك، فطلب من الشعب التحمُّل لمدة عامَين آخرَين عام 2016، لكن الوضع لم يتغيّر، ثم طالبهم بالصبر في عامَي 2018 و2019 وصولاً إلى عام 2020، حين قال إن مصر بنهاية حزيران/يونيو من هذا العام ستكون في منطقة أخرى تماماً من حيث المستوى الاقتصادي والاجتماعي!

 

إن مصر من أكثر دول العالم فقراً رغم امتلاكها الثروات الطبيعية الكبيرة والموقع الجيوسياسي المحوري. ولو تمَّ حساب المعدل وفق المؤشر المعتمد من البنك الدولي، فإن معدلات الفقر هنا سترتفع إلى 60% من إجمالي الشعب المصري، وهي النسبة التي اعترفَ بها العديد من الخبراء والاقتصاديين طوال السنوات الماضية، وحينما كانت الحكومة المصرية تروج لفكرة تراجع معدلات الفقر وفق المؤشر المحلي.

 

وفي هذا الخصوص، أشار المحلل الاقتصادي أحمد علي، الباحث بمركز الدراسات الاقتصادية (مستقل)، إلى أن كافة المسوح التي جرت على الفقر ومعدلات الإنفاق والدخول منذ عام 2016 وحتى اليوم تشير إلى انحدار كبير في المستوى المعيشي للناس، لافتاً إلى أن معدلات الفقر تسير وفق متوالية هندسية مثيرة للقلق، إذا ما استمرَّ الوضع على ما هو عليه. ويرى الباحث الاقتصادي في حديثه لـ"نون بوست" أن هناك فجوة كبيرة بين الأرقام الرسمية المعلنة والواقع الفعلي، منوهاً إلى أن نسبة تلك الفجوة تتجاوز أكثر من 50% تقريباً، وفي بعض المجالات تتجاوز 60%، وهو ما يُظهر البلاد من خلال صورتين متناقضتين؛ الأولى غاية في الإشراق، وهي ما تعكسه بيانات المؤسسات الاقتصادية الدولية التي تعتمد على البيانات الرسمية، والثانية غاية في السواد، وهي التي تعكسها شهادات الناس ومؤشرات التقييم الميدانية.

 

فقد كشف الجهاز الحكومي أن ارتفاع الأسعار في المدن بنسبة 10.5%، وفي الريف بنسبة 13.7%، وذلك لنحو 945 سلعة وخدمة يقوم الجهاز بقياس التغيرات في أسعارها دوريّاً.

 

وهناك 9 ملايين طفل في مصر يعيشون تحت خط الفقر، وأن نصف الشعب تقريباً يعيشون على هياكل الدجاج، بسبب ارتفاع أسعار الدواجن والسلع الأساسية، بجانب أن قرابة 80% من الفقراء لا تصلهم خدمات الدعم أو التأمين (الاجتماعي)، مع احتلال مصر المرتبة الثالثة لارتفاع معدلات الجريمة بسبب انتشار الفقر والبطالة، وارتفاع معدلات الانتحار بين الشباب بسبب الأزمات النفسية الناجمة عن الأزمات المادية.

 

فماذا يفعل أهل مصر الذين سحقهم الفقر سحقا بهذه المنشآت والتي تبنى من أموالهم من الجبابات التي تفرضها الدولة عليهم جراء الديون الخارجية؟! فأهل مصر هم من يدفعون هذه الأموال.

 

ولا أكون مبالغا إذا قلت إن هذه المشروعات القومية ما هي إلا وبالٌ وإفقار لأهل مصر، فهي تبنى بقروض ربوية يدفعها أهل مصر، فهي تستقطع من ثمن قوتهم وحليب أطفالهم.

 

تشير الأرقام الرسمية الصادرة عن البنك المركزي أن حجم الدين ارتفع ليسجّل نحو 137.859 مليار دولار في نهاية العام المالي 2020-2021، مقابل نحو 123.490 مليار دولار في نهاية العام المالي 2019-2020 بزيادة سنوية قدرها 14.369 مليار دولار، هذا بخلاف 40 مليار دولار قيمة ربا هذا الدين، ما يعني أن الرقم الفعلي للدين الخارجي بعوائده الربوية قد يصل إلى أكثر من 177 مليار دولار، من دون حساب عوائد السندات.

 

وجدير بالذكر أن الدين الخارجي المصري قفز خلال السنوات الست الماضية، منذ عام 2016 وحتى عام 2022، بنسبة تقترب من 150%، لتستحوذ مصر وحدها على 34% من إجمالي ديون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال عام 2019 حسب تقرير البنك الدولي، ما تسبّب في التهام الجزء الأكبر من الموازنة السنوية التي يفترض تخصيصها لسدّ حاجات الشعب المعيشية. وبحسب بيانات وزارة المالية المصرية فإن سداد ربا الديون والأقساط المستحقة تلتهمُ أكثر من 80% من الإيرادات العامة للدولة خلال العام المالي الماضي.

 

وفي دراسة للمنتدى الاستراتيجي للسياسات العامة "دراية"، أشار إلى أنه حتى عام 2014 كان يعيش نحو 14 مليون مصري في المناطق العشوائية، فيما ذهبت دراسات أخرى إلى أن الرقم يتجاوز 20 مليوناً، منهم 1.7 مليون نسمة يقطنون 357 منطقة غير آمنة (بدرجاتها المختلفة)، و12 مليوناً يقطنون مساحة 152 ألف فدان، وهي المناطق العشوائية غير المخططة. فهذه الأموال أولى بها بطون الجائعين.

 

إن النظام الرأسمالي الذي تطبقه مصر وكل بلاد المسلمين لا يهتم لحاجات الإنسان ولا شأن له به إذا افتقر أو حتى مات جوعا، فالرأسمالية مبدأ غير إنساني؛ يوفر السلعة ومن لا يملك ثمنها لا ينال منها شيئا ولا علاقة له بإشباع حاجات الناس.

 

أما الإسلام فقد حدد مشكلة الفقر بدقة متناهية، ووضع معالجات جذرية لحلها، وحدد أن المشكلة هي عدم توزيع الأموال والمنافع على جميع أفراد الرعية فرداً فرداً. لا كما يحدث في مصر اليوم؛ مباني فارهة ولكن لا نصيب للفقير فيها! قيل لعمر بن الخطاب: ألا تكسو الكعبة بالحرير؟ قال: "بطون المسلمين أولى".

 

فالآيات والأحاديث التي جاءت بشأن الفقير والمسكين وابن السبيل، جاءت من الكثرة والتنويع بحيث تلفت النظر إلى أن هذه هي المشكلة وضرورة علاجها ﴿وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِير﴾، وقال سبحانه: ﴿وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ﴾، فالمشكلة الاقتصادية هي فقر الأفراد أي هي عدم تمكن الأفراد من الحصول على ما يسد حاجاتهم الأساسية، لذلك نجد دولة الخلافة وعلى مرّ تاريخها وفي أحلك ظروفها لم يكن في شوارعها متسولون يسألون الناس، فقد كانت توفر الحاجات الأساسية لجميع رعاياها من مأكل وملبس ومسكن وتعليم وتطبيب وأمن. هذا عندما كانت الأمة تحت ظل الخلافة التي هي فعلاً دولة رعاية وليست دولة جباية.

 

كتبه للمكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير

عبد الخالق عبدون علي

عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في ولاية السودان

 

 

 

تعليقات الزوَّار

تأكد من ادخال المعلومات في المناطق المشار إليها ب(*) . علامات HTML غير مسموحة

عد إلى الأعلى

البلاد الإسلامية

البلاد العربية

البلاد الغربية

روابط أخرى

من أقسام الموقع