- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
حذارِ من المصابيح الكاذبة التي يُراد بها حجب ضوء النهار
ها هي وسائل الإعلام تنقل لنا أحداثا تدمي القلوب، ووقائع تبكي العيون والمشهد يتكرر كل يوم؛ قتل وغرق وتهديم للبيوت، صور لقتلى أطفال وشيوخ وشباب، نساء ترملت وأطفال تيتمت، أصوات مدافع وطائرات وصواريخ، ودموع وآهات ومواجع، كل هذا يحدث في بلاد المسلمين، ففي سوريا ظلم للعباد والبلاد، وليبيا ضاعت في زوبعة الصحراء، وسلة المسلمين الغذائية السودان اختطفت، والعراق يئن تحت كابوس السراق والفاسدين، فقر وعوز هنا وهناك، وأما فلسطين فعار في جبين التاريخ، وضاع اليمن السعيد، والقائمة تطول...
كل ذلك ضاع بضياع الراعي الحامي عن بيضة المسلمين، ضاع يوم ضاعت دولة الإسلام، لذلك نعيش اليوم عصرا من عصور الجاهلية ولكن بثوب آخر، وربما يكون أشد جاهلية من عصر الجاهلية الأولى، أصبحنا نصنع أصناما ربما لم تكن مثل أصنام ذي قبل، لكنها أصنام، يعبدها الذين استمرؤوا أن يكونوا ذيولاً للغرب الكافر المستعمر وأتباعا لعملائه الذين نصبهم حكاما علينا.
ألم يئن الأوان أن نخلع ثوب العبودية، لنعيد ترتيب أوراقنا كي ندرك ما فاتنا؟! حذار حذار من المصابيح الكاذبة التي يراد بها حجب ضوء النهار بأسماء براقة، فتارة باسم الديمقراطية وأخرى باسم الشعوب تصنع المستقبل، وكلها أحاديث معسولة لحجب ضوء الشمس أن يسطع على هذه الحياة التي عفنتها الأنظمة الوضعية، للحيلولة دون عودة الإسلام إلى واقع الحياة.
إن هذه الأنظمة إلى زوال بإذن الله، ولا شك أن الذي يحدث اليوم وتمر به بلادنا هو نتيجة حتمية لابتعادنا عن المنهج الحقيقي، وهي الرسالة التي هي وحي من الله، وإن الأمة التي تريد أن تدرك ما فاتها عليها أن تحول هذه الرسالة إلى سلوك يمشي على الأرض، وقرآن يتحرك، ليملأ جنبات الأرض عدلا ونورا، ليصنع حياة حرة كريمة تصلح لجميع البشر، فالأمة التي تريد أن تنهض عليها أن تنقل التوجيه الرباني من ميدان النظر إلى واقع التطبيق، فتنقل مبادئ الشريعة السماوية، لتصبح واقعا حيا يشمل جميع مناهج الحياة، بنظمها وقوانينها، كذلك لا تكتفي أن تكون رسالتها عظيمة إلا بحملها إلى العالم كما أراد الله سبحانه لها، وكما حملها أسلافنا العظام من قبل.
ولكن هذه الرسالة تريد نماذج صالحة تحملها لتسير بها بين الناس، والعجب كل العجب كيف يكون كتاب الله يهدي للتي هي أقوم وهو بين أيدينا ويتلى في مساجدنا وفي بيوتنا ونحن أمة الهرج والمرج، كيف يستقيم هذا الأمر؟! نعم السبب واضح؛ إننا نعيش بلا هدف ولا غاية، حتى أصبحت عباداتنا عادة لا روح فيها، وحتى صرنا عبئا ثقيلا على الإسلام، أو بالأحرى رقما يذكر، وهذا ما كان ليحصل لو أننا أدركنا الغاية التي خلقنا الله من أجلها.
ولكن يبقى الأمل المنشود والوعد المصدوق بأن الإسلام بإذن الله ستشرق شمسه عاجلا أو آجلا، كذلك علمنا الإيمان أن نكون مطمئنين في حياتنا رغم الظروف الحرجة، لاعتقادنا الجازم بأن الله معنا، وأن الإيمان لا يصادق عليه سوى العارفين بقدرة الله، الواعين لما يجري من حولهم والعاملين من أجل إعادة واستئناف الحياة الإسلامية بإذن الله، الذين يدركون طبيعة الأساس المتين الذي يبنون عليه ثقتهم بالله، وهؤلاء هم الذين يستحقون قيادة المجتمع، نسأله تعالى أن يكون هؤلاء هم الرائد الذي لا يكذب أهله، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
أنس العسكري – ولاية العراق