- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
مع الكتاب: العلماء غير المستعدين للتضحية بكل شيء من أجل دين الله ليسوا بعلماء
قال الله تعالى في سورة الأحزاب: ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللهَ وَكَفَى بِاللهِ حَسِيباً﴾
جاء في تفسير الطنطاوي في تفسير الآية:
"ثم مدح سبحانه هؤلاء المؤمنين الصادقين الذين يبلغون دعوته دون أن يخشوا أحدا سواه فقال: ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللهِ﴾ للذين يكلفهم سبحانه بتبليغها لهم. والموصول في محل جر صفة للذين خلوا، أو منصوب على المدح.
﴿وَيَخْشَوْنَهُ﴾ أي: ويخافونه وحده، ﴿وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللهَ﴾ عز وجل في كل ما يأتون وما يذرون، وما يقولون وما يفعلون.
﴿وَكَفَى بِاللهِ حَسِيباً﴾ أي: وكفى بالله تعالى محاسبا لعباده على نيات قلوبهم وأفعال جوارحهم، وأقوال ألسنتهم".
لفتة من واقعنا:
1. يجمع السيسي رئيس مصر عام 2020 عشرات العلماء ويخطب فيهم قائلا "يجب تغيير الخطاب الديني"، ويصمت العلماء الحضور ولا ينبس أحدهم ببنت شفة! ويعدم السيسي العديد من الإخوان المسلمين والمعارضين ولا ينبس عالم ببنت شفة! ويغتصب السيسي الحكم ولا ينبس عالم ببنت شفة إلا من رحم الله!
2. يحكم حكام المسلمين جميعهم بلا استثناء بالكفر ولا ينبس العلماء ببنت شفة، بل على العكس يطالب العديد منهم الناس بالخضوع للحاكم وعدم الخروج عليه!
3. العديد من بلاد المسلمين محتلة والعلماء والخطباء يدعون للحكام على المنابر في كل جمعة بدل أن يدعو عليهم لتقصيرهم، وبدل أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر!
4. الخلافة تم هدمها عام 1924م ولا تكاد تسمع عالما يتحدث عن وجوب إعادتها غير شباب حزب التحرير، ولا تكاد تسمع عالما ينتقد تعدد القيادات السياسية في بلاد المسلمين!
الأمثلة كثيرة جدا، ولا يمكن ذكرها كلها، على خنوع الغالبية العظمى من علماء المسلمين اليوم للحكام الذين يعيثون الفساد والإفساد في الأرض، والآية تقول: ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللهَ وَكَفَى بِاللهِ حَسِيباً﴾.
والسؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل أصبح علماء المسلمين غير مستعدين للتضحية بأرواحهم من أجل دين الله؟ هل أصبحوا يخشون الحكام أكثر من خشيتهم ربهم؟ هل أصبحوا تجار دين؟ هل أصبحوا يؤثرون السلامة على نصرة دين الله؟!
لا شك أن الخير موجود في أمة محمد ﷺ وبين علمائها أمثال شباب حزب التحرير وعلماء الحجاز الذين يقبعون في سجون حكام آل سعود، وعلماء الجزائر كعلي بلحاج وعلماء مصر كسيد قطب رحمه الله وغيرهم، أولئك العظام الذين سطروا ويسطرون مواقف الحق وجاهزون للموت من أجل هذا الدين، ولذلك تجد السجون في بلادنا مكتظة بعلماء الخير، ولكن نسبة هؤلاء العلماء قليلة مقارنة بغيرهم الذين يسيرون مع الحكام ويزينون لهم باطلهم والعياذ بالله.
ولذا فإن علماء المسلمين الحقيقيين موصوفون في الآية؛ أنهم يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً سواه. فالعلماء الحقيقيون هم الثابتون على الحق والآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر دون خشية الناس والأنظمة والحكام. فالآية توضح بأن العالم ليس كثير العلم فقط، بل الأهم من ذلك أنه صاحب المواقف المشرفة والحقة والبطولية وليس علماء الحيض والنفاس أو العلماء الذين يشتغلون بتفاهات الأمور وصغائرها ويتركون كبارها وعظامها، فهؤلاء العلماء غير المستعدين للتضحية بأرواحهم من أجل دين الله هم تجار دين، فهم يخشون غير الله ويتبعون مصالحهم ومنافعهم ومكاسبهم والعياذ بالله، أو يخضعون للتهديدات والتحديات التي تواجههم أثناء تبليغهم رسالات ربهم.
اللهم سدد علماءنا وثبتهم على الحق ووجههم لتحدي الحكام الظلمة ولنصرة دينك ولطريق الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة.
وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
د. فرج ممدوح