- الموافق
- كٌن أول من يعلق!
بسم الله الرحمن الرحيم
القرآن الكريم دستور أمتنا ومصدر عزنا
إن القرآن الكريم هو كلام الله سبحانه وتعالى، أنزله على سيدنا محمد ﷺ بواسطة جبريل عليه السلام لفظا ومعنى، المتعبد بتلاوته ﴿لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾، محفوظ بحفظ الله ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾، تحيا به النفوس، وتطمئن به القلوب، ليخرج الناس من ظلمات الكفر إلى نور الإسلام بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد، فمن قال به صدق، ومن عمل به فاز، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم.
إن القرآن الكريم هو كتاب سماوي، أنزله الله سبحانه ناسخا لكل الكتب، لقوله تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً﴾، ليعيش الناس في عدل الإسلام.
فالقرآن الكريم شريعة الله تعالى، فقد جاء بالأحكام والتشريعات وأنظمة حياة لتنظم كافة علاقات الإنسان، بربه وبنفسه، وبغيره من بني الإنسان، لذلك تحدى به رسول الله ﷺ العرب كافة، وحمله صابرا لكي يكون دستورا تنبثق منه النظم والقوانين والتشريعات، أكثر من عقد من الزمان في مكة، حتى أيده الله بنصره بنفر من الأوس والخزرج من أهل يثرب، وأقام دولة الإسلام في المدينة المنورة، وجعل القرآن الكريم دستورها، أعز به الإسلام والمسلمين، وأذل به الكفر وأهله، وانتقل رسول الله إلى الرفيق الأعلى وترك الصحابة على خطاه.
وظل القرآن الكريم وأحكامه دستورا للمسلمين في دولتهم، لأكثر من ثلاثة عشر قرناً من الزمان، حتى أسقطها الكفار بمؤامرة من خونة العرب والترك، وعلى رأسهم مصطفى كمال، في إسطنبول عام 1924م.
فعندما كان القرآن الكريم دستور الدولة، كان مصدر قوة وعزة للمسلمين. تقول باحثة مصرية على قناة الحياة المصرية، عندما أراد الغرب، أو الغزو الصليبي على بلاد العرب والمسلمين، بحثوا عن مصدر قوة المسلمين، فوجدوها تتمثل في القرآن الكريم، ولغته، وتقول إذا أراد العرب النهضة الحقيقية والعزة، فلا بد من الرجوع للقرآن الكريم ولغته، في الدولة والمناهج التعليمية.
وتأكيدا لكلام هذه الباحثة، فقد كان جندي الدولة الصليبية ينادي بأعلى صوته حين يلبس بزة الحرب، قادما لاستعمار بلاد المسلمين "أماه أدي صلاتك ولا تبكي بل اضحكي وتأملي أنا ذاهب إلى طرابلس فرحا مسرورا سأبذل دمي في سبيل سحق الأمة الملعونة، سأحارب الديانة الإسلامية وسأقاتل بكل قوتي لمحو القرآن".
ويقول جلاد سفون: "ما دام هذا القرآن موجودا فلن تستطيع أوروبا السيطرة على الشرق ولا أن تكون هي نفسها في أمان".
وبتأكيد أكثر، يقول أحد قادة الجيش السوري، واسمه جمال كنا في فرنسا في دورة تدريبية وكانت هناك محاضرات خاصة للفرنسيين، ومحاضرات عامة، فدخل عن طريق الخطأ المحاضرة الخاصة، ثم لم يستحسن الخروج فبقي يسمع، فماذا سمع؟ لقد سمع المحاضر يقول للفرنسيين "إننا لا نستطيع أن نركز مفاهيمنا الغربية، ونضمن عدم تقدمهم ونهضتهم إلا إذا قضينا على هذا الكتاب"، وهنا أخرج مصحفا صغيرا من جيبه ليطّلع عليه الحاضرون.
فبهذه الكيفية يسعى الغرب لتمزيق القرآن الكريم من عقول المسلمين، كما مزق بلادهم، ويشرف بنفسه على مناهج التعليم في بلاد المسلمين، لإبعاد القرآن، ومحوه من صدور المسلمين. ولا نذهب بعيدا فإن مدير المناهج في السودان عمر القراي، قال: "لا تدرس الطلاب في بداية المرحلة القرآن"، مبررا بأن هناك آيات تولد الذعر والرعب للأطفال!
فالمسلمون اليوم يهتمون بالقرآن الكريم تلاوة وحفظا، ولا يهتمون بأحكامه التي تعالج القضايا والمشاكل، بل ويفهمون القرآن وفق فهم الغرب له أو ما يريده الغرب، ففقدنا العزة وأصابنا الذل والهوان.
أيها المسلمون، إن العزة الحقيقية هي في هذا القرآن الكريم، الذي أنزله الله، وهي إرادة ربانية للهداية والشفاء والتقويم والتغيير، لقوله تعالى: ﴿إِنّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشّرُ الْمُؤْمِنِينَ الّذِينَ يَعْمَلُونَ الصّالِحَاتِ أَنّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً﴾.
وخلاصة القول فيما نحن فيه، إنه لا بد أن نعلم يقينا أن القرآن الكريم هو حبل الله المتين الذي أتانا من السماء، وأنه مشروع نهضة للأمة جمعاء، ومن هنا فعلينا الاعتصام بهذا الحبل المتين، والإقبال عليه إقبال الظمآن على الماء أو أشد منه، وأن نعطيه أكثر أوقاتنا تلاوة وتتبعا، وإنه لحري بالمسلمين بعامة وبحملة الدعوة لاستئناف الحياة الإسلامية بخاصة، أن يكون القرآن ربيع قلوبهم ونور دربهم يقودهم إلى كل خير، يتعاهدون القرآن آناء الليل وأطراف النهار، تلاوة وحفظا وعملا، فيكونوا بحق خير خلف لخير سلف؛ لأن الحل الأوحد، والخروج الآمن من هذا المأزق الذي نعيش فيه، يبدأ بالتمسك بهذا الكتاب. وعلينا أن ندعو الناس إليه، ونبث فيهم روح القرآن، وننتشل من نستطيع انتشاله من جاذبية الأرض ووحل الطين، لنربطه بحبل الله المتين. وأن نستمر على ذلك بلا كلل ولا ملل، لنعيد تشكيل العقل من جديد، نصوب كل فكرة خاطئة في أذهان المسلمين، حتى موعد الله سبحانه تعالى بنصره وتمكينه، وبشارة رسوله ﷺ بإقامة دولة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة قريبا بإذن الله.
كتبه لإذاعة المكتب الإعلامي المركزي لحزب التحرير
عبد المجيد عثمان (أبو هاجر) – ولاية السودان (كوستي)